المرأة الأردنية ومسيرة تمكين ملهمة بقيادة هاشمية

24 يوليو 2025
المرأة الأردنية ومسيرة تمكين ملهمة بقيادة هاشمية

الدكتوره يارا زيد الزريقات

لم تعد المرأة الأردنية شاهدة صامتة على التحولات العميقة في وطنها، بل باتت تصوغ ملامح المرحلة، وتكتب، بجهدها وصوتها وحضورها، فصلاً جديداً في تاريخ الأردن الحديث؛ بعد سنوات من التهميش الذي فرضته تقاليد وموروثات اجتماعية، شقّت طريقها نحو مواقع التأثير، مدفوعة برؤية ملكية مؤمنة بأن تمكين المرأة ليس رفاهاً اجتماعياً، بل ضرورة وطنية تمس حاضر البلاد ومستقبله.

احتلت هذه الرؤية الإصلاحية قلب أجندة التحديث التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، مؤكداً في مناسبات لا تحصى أن المرأة الأردنية ليست ضيفة في عملية البناء، بل هي شريك أصيل في المسؤولية الوطنية؛ حديثه السامي في خطاب العرش عام 2016 جسّد هذه القناعة بوضوح حين قال: “لن نسمح بأن تُقصى المرأة الأردنية من الحياة العامة أو أن تُحرم من فرصة المشاركة الفاعلة في بناء وطنها”.

هذه التوجهات تحوّلت إلى سياسات وتشريعات ملموسة، تمثلت في مراجعة القوانين التي تعزز دور المرأة، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للمرأة كوثيقة مرجعية تضمن مشاركة نسائية فاعلة في المجالين العام والقيادي؛ وجاءت جهود جلالة الملكة رانيا العبدالله لتعمّق هذا المفهوم، واضعةً نصب عينها ضرورة تغيير الصورة النمطية للمرأة، وخلق بيئة تمكّنها من صناعة التغيير بنفسها، كما عبّرت عن ذلك في المنتدى الاقتصادي العالمي حين قالت: “المرأة ليست فقط من يُطلب منها التغيير، بل هي من تصنع التغيير بجرأتها وعلمها وإصرارها”.

التكامل في الدعم الملكي بدا أكثر وضوحاً مع دخول سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني إلى حلبة التحديث، واضعاً إشراك المرأة والشباب على رأس أولويات النهضة الاقتصادية؛ في كلماته بالمنتدى الاقتصادي للشباب عام 2022، أكّد أن “تمكين المرأة والشباب ليس خياراً بل ضرورة وطنية”، وهي رسالة عابرة للأجيال، تختزل فلسفة بناء الأردن الجديد.

الإصلاحات السياسية عززت هذه الرؤية من خلال قانوني الانتخاب والأحزاب، اللذين ألزما الكيانات السياسية بتمثيل النساء في هياكلها، ومنح المرأة منصة قانونية تفتح الطريق من التمثيل الرمزي إلى التأثير الحقيقي في صنع القرار، ولم يكن الحصاد أقل إشراقاً؛ فاليوم نرى نساءً أردنيات في الصفوف الأمامية للمؤسسات، يخُضن غمار القيادة، ويبدعن في التعليم والقضاء وريادة الأعمال والمجتمع المدني.

نجاحات المرأة الأردنية لم تكن صدفة، ولم تولد من فراغ، بل هي نتاج علاقة ناضجة بين إرادة نسائية لا تلين، وبين قيادة هاشمية آمنت بأن مستقبل الأردن لا يُبنى إلا بمشاركة المرأة، كاملة الحقوق، كاملة الفرص، كاملة الوجود.