إحياء طاحونة عوّدة على وادي الريّان .. فرصة سياحية وتنموية واعدة

3 ساعات ago
إحياء طاحونة عوّدة على وادي الريّان .. فرصة سياحية وتنموية واعدة

بقلم اسراء خالد بني ياسين
كاتبة وباحثة في الشأن التنموي

في قلب وادي الريّان، حيث تنساب المياه العذبة بين التلال الخضراء، تقف طاحونة عوّدة شامخةً رغم ما مرّ عليها من عقود، كشاهدٍ على تاريخٍ عريق من الاعتماد على قوة الماء في طحن الحبوب وخدمة الإنسان.
واليوم، ومع تنامي الوعي بأهمية السياحة البيئية والتراثية، تبرز هذه الطاحونة كموقع مثالي يمكن تحويله إلى نقطة جذب سياحي وتنموي، تجمع بين عبق الماضي وحيوية المستقبل.

تتمتع الطاحونة بموقع طبيعي ساحر في وادي الريّان، وهو أحد أكثر المواقع الطبيعية غنىً بالمياه والمناظر الخلابة في شمال الأردن، وتحديدًا في لواء الكورة.
فالمنطقة تشهد تدفّقًا مائيًا جيدًا على مدار العام، يجعلها مناسبة لإعادة تشغيل الطاحونة بشكل رمزي أو جزئي، سواء باستخدام التدفق الطبيعي أو بمساعدة أنظمة دعم مائي مخفية تُحافظ على الطابع الأصلي للمكان.

الهيكل الإنشائي للطاحونة ما زال قائمًا، ويمكن ترميمه بجهد هندسي بسيط نسبيًا، مع الحفاظ على طابعها المعماري الأصيل.
كما أن العجلة المائية أو نظام التشغيل القديم ( وإن لم يكن محفوظًا بالكامل ) يمكن إعادة تصنيعه أو تصميم نموذج مشابه يعكس آلية العمل القديمة، ويُستخدم في العروض التفاعلية أمام الزوّار.

إعادة تشغيل الطاحونة لأغراض سياحية لا تعني بالضرورة استخدامها لطحن الحبوب، بل يمكن أن تتحول إلى متحف صغير حيّ، يستعرض تاريخ الطواحين المائية في الأردن، ويتيح للزوّار ( خاصة طلبة المدارس والعائلات ) مشاهدة آلية عمل الطاحونة بشكل مباشر.
وفي ذات الاثناء فإنه يمكن إنشاء مسار بيئي قصير يربط بين الطاحونة والمجرى المائي المحيط بها، مع لوحات تعريفية، وأكشاك لعرض المنتجات الريفية المحلية مثل الزعتر والعسل ودبس الخروب والرمان الذي يشتهر به الوادي.

كما تتيح المنطقة المحيطة إمكانية إنشاء استراحات بيئية خفيفة لا تضر بالبيئة، ولا تحتاج إلى بنى تحتية ضخمة، ما يعزز من فرص تحويل وادي الريّان إلى وجهة سياحة طبيعية ثقافية مستدامة.

ويمكن للجهات المعنيه في المنطقه والوادي أو المجتمع المحلي أن يدير المشروع بصيغة تشاركية، تضمن خلق فرص عمل لأبناء المنطقة، وتسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي دون الحاجة لاستثمارات ضخمة.

باختصار، فإن طاحونة عوّدة ليست مجرد مبنى قديم على ضفاف الوادي، بل هي فرصة نادرة لاستعادة روح المكان، واستثمار التراث المائي في خدمة التنمية والسياحة، وتحقيق معادلة متوازنة بين الحفاظ على الذاكرة التاريخية وتحفيز الحاضر نحو الأفضل.