د. عادل يعقوب الشمايله
أنا لستُ اماراتيا ولا سعوديا ولا خليجيا ولستُ سوريا. وإنما أنا اردني عربي مبين. وأُقسمُ، أنني لم انتفع شخصيا من تلك الدول بدرهم ولا دينار ولا دولار طيلة حياتي، ولست مدينا لتلك الدول بما يعادل قطمير اطلاقا. ولم اعمل في أي منها ولم أُفَكِرُ يوما في العمل في أي منها لأنني لم أضطرُ الى ذلك.
هذهِ المقدمةُ ضروريةٌ لإغلاق الباب والشباك والطاقه في وجه من سيصنف مقالي هذا تحت عنوان النفاق او المصلحة او التقرب لتلك الدول، وللتاكيدِ على أنَّ مقالي متحررٌ جدا من الغوى والهوى، وأنهُ موضوعي جداً وصادق جداً.
منَ المعلومِ للجميعِ أنَّ ايران تحتلُ ثلاث جزر اماراتية منذ زمن بعيد. ومن المعلوم جداً أيضاً أن بريطانيا هي من اعطى تلك الجزر لإيران عندما كانت تحتل الخليج العربي كله.
ومن المعلومِ أن بريطانيا هي التي اعطت فلسطين لليهود بموجب وعد بلفور عندما كانت تحتل فلسطين.
ومن المعلوم ان تركيا تحتل لواء الاسكندرون السوري العربي. ومن المعلوم ايضا ان فرنسا هي من اعطى لواء الاسكندرون لتركيا.
ومن المعلوم كذلك أنَّ تركيا تحتلُ طرابلس الليبية وما حولها وتنهبُ النفط الليبي. ومن المعلوم للجميع ان حكومة الاخوان في طرابلس هي التي تآمرت على ليبيا واستعانت واستعادت الاختلال التركي للحفاظ على سيطرة الاخوان على ليبيا.
في حدود معرفتي المتواضعةِ ليبيا بلدٌ عربي.
في هذهِ الحالةِ فإنني لا أرى أي فرق بين ايران واسرائيل وتركيا. لأن الدول الثلاث دولٌ معتديةٌ تحتلُ اراض عربية يُفترضُ أنها غاليةٌ على العرب الاحرار المحترمين، وترفض الدول الثلاث الانسحاب منها. والاحتلالُ هو الاحتلال. عندما تُرتَكبُ جريمةُ قتلٍ بحق شخص ما، فإنَّ مشاعر الحزن والغضب والرغبة في الانتقام وأخذ الثأر لدى ذويه لا تختلف تجاهَ القاتلِ بغض النظر عن دينه أو مذهبه أو عشيرته أو درجة القربى من القتيل.
طوالَ العقودِ الماضيةِ ومنذُ ما قبل النكبة الفلسطينية وقفت حكومات وشعوب الدول العربية ومن بينها الامارات العربية والخليج العربي والمملكة العربية السعودية وسوريا مع الشعب الفلسطيني. وقد عبرت تلك الدول عن موقفها من خلال التأييد السياسي في المحافل الدولية ومن خلال الدعم المالي ومن خلال اعطاء الاولوية للفلسطينيين على بقية الشعوب العربية لشغل مئات الالاف من الوظائف في بلدانها. بل إن منظمة فتح ولدت في دولة الكويت الخليجية.
وبالنسبة لسوريا فقد خاضت حروبا من اجل فلسطين وليس من اجل سوريا وخسرت هضبة الجولان السورية الاستراتيجية في تلك الحروب.
طوال حكم المقبور القدافي كان يؤيد هو والشعب الليبي القضية الفلسطينية.
في المقابل، ماذا قدم الفلسطينيون للامارات وللكويت ولسوريا وليبيا مقابل ذلك؟
بالنسبة للكويت ايد الفلسطينيون الاحتلال العراقي الذي لم يختلف في همجيته عن احتلال المغول لبغداد وغدروا بالكويتيين.
كانَ التأييدُ الفلسطيني للعدوان العراقيُ مجانياً وغير عادل ولا مُبرر. اذ لم يقدم العراقُ لفلسطين عُشرَ ما قدمته الكويت أو اي دولة خليجية للفلسطينيين في مجال الافعال لا الشعارات والخطابات.
أمَّا بالنسبة للامارات فقد اقدم الفلسطينيين وحركة الاخوان وتابعتها حماس وبكل بجاحة ونكران للجميل وقطعٍ لصلةِ الرحمِ مع الشقيق العربي على التحالف مع الدولة الفارسية التي تحتلُ الجزرَ الاماراتية العربية التي يفترضُ ان تكون عزيزة على قلوب الفلسطينيين والعرب بنفس معزة فلسطين على الاماراتيين. فَكُلُّ ارضٍ غاليةٌ على شعبها وكل شبر من الاراضي العربية له نفس الاهمية والاهتمام والقدسية وهو وقفٌ من المحيط الى الخليج دون تفريق او مفاضلة وما حدا احسن من حدا.
ولم يختلف الامر بالنسبة لسوريا. فقد تحالفَ الاخوانُ مع صدام حسين في خِناقاتهِ الحزبية مع نظام حافظ الاسد في سوريا . لذلك فإن ما حدث للاخوان في حماة كان ثمن ذلك التحالف غير المقدس.
الاخوان وحماس يتحالفون مع تركيا التي تحتل لواء الاسكندرون السوري وتمنعُ وصولَ الحقوقِ المائية التاريخية الى سوريا والعراق الامر الذي ادى وسيؤدي الى كوارث انسانية في البلدين العربيين من عطش وتصحر وفقر وهجرة لا يقل عن ضربهما بقنابل نووية لمن يعون ويدركون ويحسبون ويَزِنونَ القرارات وعواقبها المصيرية بعيداً عن العواطف الساذجة التي تنتجها المنابرُ الغوغائية. تركيا تشنُ حرباً على الشعبين العراقي والسوري وعلى الشعب المصري لأنها تؤيد وتسلح الحكومة الاثيوبية التي تعمل على قطع المياه عن الشعبين المصري والسوداني.
المثل العربي والهندي والصيني وفي جزر الواق الواق يقول “البادئ اظلم”. عندما يتم نظم قصائد المديح والغزل والتشبيب بتركيا وايران وصدام حسين وسب الامارات والسعودية ودول الخليج على مدار الساعة من قبل الفلسطينيين والذباب الالكتروني للاخوان وتابعتها حماس وعشرات الالاف من المضَللين والمُضللين والمخدوعين والمضحوك عليهم من العربان في كافة الاقطار العربية، بحجة الدفاع عن فلسطين وعن غزة فإنه من الغباء والعباطة والغفلة وقلة الحياء وقلة المروءة ان يُطلبَ من شعوب وحكومات الخليج والسعودية ان تتنازل عن مصالحها وعن كرامتها وأن تغفر لمن تحالف مع اعدائها وعن من يسبها ويكرهها ويلعنها.
من قلةِ الادب والجهل في السياسية وفي تقدير الموقف تجاهل تأثير ما ينشر على وسائط التواصل الاجتماعي على مشاعر شعوب وحكومات الامارات والكويت والدولة السعودية.
من المسلم به أن للسعودية والامارات والكويت وسوريا الحق في التحالف مع الشيطان ضد شيطان آخر للحفاظ على مصالحها والدفاع عن اراضيها ضد المحتل والمتربص جهارا نهارا. وكما قَدَّرَ الاخوان وتابعتهم حماس ان من حقهم التحالف مع تركيا وايران. فلا يجوز لهم منع الاخرين من التحالف مع من يشاؤون.
لكل من الامارات والعراق وسوريا وليبيا اراضٍ محتلة. الاولويةُ لدى تلك الدول هي استرجاعُ اراضيها المحتلة وليس فلسطين. ونظرا لأنَّ الفلسطينيين مشغولون باستعادة اراضيهم المحتلة ولم يقدموا أي عون للامارات وسوريا والعراق وليبيا لاستعادة اراضيها المحتلة فإنهُ ليسَ من حقهم اعتبار ان فلسطين اولى بالتحرير. وليس من حقهم ان يتحالفوا مع اعداء العرب (الفرس والاتراك والاثيوبيين) ضد اخوانهم العرب ثم يتباكون على الاخوة العربية، ثم يتوقعون الدعم بكافة اشكاله.
ارجو ان لا يستنتج خطأً أنني ضد الفلسطينيين، وأنني لا ادين العدوان الصهيوني والاحتلال الصهيوني. ففلسطين شقيقة وطني الاردن وجارته وروابطنا مع الفلسطينيين متينةٌ ومترسخة. ولكنني ادعو الى التفكر والعدالة والمنطق وليس الانجرار والتبعية العمياء لاصحاب الاجندات المشبوهة. فالبشر ليسوا قطعانا تقاد الى الحظيرة. والمثل يقول : اللي بيسب ابوك الردي سب ابوه الطيب.