وطنا اليوم- خاص: في دولة تسعى إلى تعزيز الكفاءة والتميز في القطاع العام، تأتي بعض الممارسات الإدارية لتضرب هذه الأهداف في مقتل، وتحبط كل موظف مخلص يسعى للإنجاز بعيدًا عن التملق أو المجاملات.
قصة الدكتور إبراهيم الشخانبة، أحد الكفاءات الوطنية البارزة، تكشف خللًا إداريًا صارخًا، وتجسد ما يمكن اعتباره تعسفًا يفتقد لأبسط قواعد الإدارة السليمة.
الدكتور الشخانبة، الحاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة، تميز في مسيرته منذ بدايتها في وزارة المياه والري، حيث ساهم في مشروع جر وتحلية مياه سد الموجب، الذي حل أزمة عطش استمرت أكثر من عقدين في قرى شمال الكرك. انتقل بعدها إلى هيئة تنظيم النقل البري وأدار مشروع قوننة شركات التطبيقات الذكية، الذي أسهم في خلق آلاف فرص العمل وزيادة إيرادات الخزينة.
ثم تولى إدارة مدينة الأمير هاشم للشباب، وحوّلها من وكرٍ مظلم إلى صرح شبابي نشط يخدم عشرات الآلاف سنويًا ويوفر مبالغ كبيرة على خزينة الدولة، فاستحق جائزة الموظف المثالي القيادي ودرع التميز في الخدمة العامة.
تلك المدينة الشبابية التي أشاد بها جلالة الملك عبد الله الثاني خلال زيارته لها، حيث عُدّت درة وجوهرة المدن الشبابية في المملكة.
لكن كل هذه الإنجازات لم تشفع له أمام قرارات وزير الشباب الحالي، الذي، وبعد أيام فقط من توليه حقيبة الوزارة في حكومة دولة الدكتور جعفر حسان، أصدر قرارًا بنقل الشخانبة من موقعه دون الاطلاع على ما تحقق في مدينة الأمير هاشم للشباب. تلا ذلك تجميده إداريًا لعدة أشهر بلا مهام أو مكتب، في خطوة لا تتفق مع مبادئ العدالة الإدارية، ولا مع الإدارة القائمة على تقييم الأداء الفعلي.
وقبل شهرين فقط، أعيد تكليفه مديرًا لمدينة الحسن للشباب في إربد، ثاني أكبر مدينة شبابية في المملكة، فبادر إلى وضع خطط تطويرية للنهوض بالمدينة، رغم بُعد موقعها عن مكان سكنه في مأدبا، واضطراره لقيادة مركبته أربع ساعات يوميًا للتنقل. وزاد من حجم التحدي إصدار الوزير أوامره بسحب السائق والمهندس المدني المساند للدكتور الشخانبة، وهو ما خلق بيئة عمل مقصودة لإفشاله.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استمر الوزير في محاربة الكفاءات داخل الوزارة، وسعى لتسويق صورة سلبية أمام أصحاب القرار بأن الوزارة تخلو من موظفين أكفاء، مبررًا بذلك استقطابه لأشخاص من معارفه ومحيطه ممن يفتقرون إلى الخبرة اللازمة للتعامل مع قضايا الشباب، ما يعكس بوضوح سياسة إقصائية تُدار بعيدًا عن معايير الكفاءة والنزاهة.
علمًا أن الكفاءات التي همشها الوزير قادرة على إدارة الوزارة بكل جدارة، وبشهادة المنظمات الدولية والشركاء الذين عملوا معهم.
ومع كل هذه التحديات، جاء قرار الوزير مؤخرًا بنقل الدكتور الشخانبة مجددًا إلى مركز الوزارة مديرًا بلا مديرية، أي تجميده فعليًا، بحجج ضعيفة تداولها كبار مسؤولي الوزارة في اجتماع رسمي، دون تقييم موضوعي أو منحه فرصة عادلة لإثبات قدراته.
إن ما حدث يعكس افتقارًا واضحًا لدى الوزير لأبسط قواعد الإدارة الحديثة، التي تقوم على التحفيز والإنصاف وتقييم الأداء بناءً على الإنجاز، لا الأهواء الشخصية. كما يوجه رسالة خطيرة لموظفي القطاع العام بأن الاجتهاد قد يكون طريقًا مختصرًا للإقصاء.
إن قضية الدكتور إبراهيم الشخانبة ليست مجرد حالة فردية؛ بل مؤشر خطير على الحاجة الماسة لمراجعة عميقة لأساليب الإدارة في مؤسساتنا، وترسيخ مبادئ عادلة وشفافة لتقييم الكفاءات، حتى لا نخسر الطاقات الوطنية التي يعوَّل عليها في بناء مستقبل الوطن.
#الديوان_الملكي
#رئاسة_الوزراء
#ولي_العهد_الأمير_الحسين
#هيئة_النزاهة_ومكافحة_الفساد
حين يصبح الاجتهاد تهمة… الدكتور الشخانبة أنموذجًا يا دولة الرئيس
