تضحيات الأردن لسوريا ليست أرقاما عابرة يا دكتور فيصل القاسم

32 ثانية ago
تضحيات الأردن لسوريا ليست أرقاما عابرة يا دكتور فيصل القاسم

د. هاني العدوان

يا دكتور فيصل القاسم، إن تغييب الدور الأردني الجوهري وما قدمه من تضحيات جمة للشعب السوري الشقيق لهو أمر يبعث على الدهشة والاستياء العميق، بل يرقى إلى مرتبة الجحود والنكران لما هو مستحق من تقدير وعرفان
فمنذ اللحظات الأولى للأزمة السورية، فتح الأردن ذراعيه وقلبه قبل حدوده لاستقبال مئات الآلاف، بل الملايين من الأشقاء السوريين الهاربين من أتون الحرب وويلاتها
لم يتعامل الأردن معهم بمنطق اللجوء فحسب، بل احتضنهم كأشقاء أعزاء، اقتسم معهم شظف العيش وضنك الموارد، وتقاسم معهم الماء والخبز والأرض على الرغم من وطأة الضغوط الهائلة التي رزح تحتها اقتصاده وبنيته التحتية المنهكة
فتحت مدارسنا أبوابها لأبنائهم، واستقبلت مستشفياتنا جرحاهم، وفتحت بيوتنا لهم ذراعيها، إيمانا منا بوحدة المصير وعمق الأخوة الصادقة التي تربط شعبينا الشقيقين
أما عن موقف الأردن من إسقاط النظام
السوري البائد، فالتاريخ يشهد أن الأردن كان من أوائل المرحبين بتطلعات الشعب السوري نحو الحرية والكرامة، كانت قيادته وشعبه يتوقون لرؤية سوريا حرة مزدهرة، وعبروا عن تضامنهم بكل السبل المتاحة، كان الاردن المبادر باللقاءات الرسمية في تلك الفترة ورسائله واضحة للعالم أجمع بوقوف الأردن إلى جانب إرادة الشعب السوري، محافظا على ثبات مبادئه الإنسانية والأخلاقية،إن ما يثير الاستغراب حقا هو هذا التجاهل المتعمد لدور الأردن
لماذا يتم تهميش هذا البلد الذي لم يتوان يوما عن نصرة قضايا أمته العربية، لماذا يلام ويُنتقد رغم أنه كان وسيظل الملجأ الآمن لكل من ضاقت به الدنيا، إنه لأمر مؤلم أن نرى هذا النكران للجميل من البعض، وكأن تضحيات الأردن واستضافته الكريمة لم تكن شيئا مذكورا
الأردن ليس بلدا باحثا عن الأضواء أو الشكر، لكنه يستحق على الأقل الاعتراف بدوره الإنساني والأخوي، إنه البلد العربي الذي تتحدث مواقفه بصوت عال في كل محفل، والذي يقف دائما في الصف الأول دفاعا عن قضايا أمته، إنه القلب النابض بالعروبة والإنسانية في هذا الإقليم
من حقنا أن نتساءل بصدق وألم، أين ذهب الإنصاف، وأين تلك الذاكرة التي تحتفظ بالجميل وتقدر أهله حق قدرهم
هي أيضا رسالة نوجهها لرجال دولتنا الأردنية، لعلنا نستفيد من التجارب وندرك واقعنا، ونوجه اهتمامنا نحو الداخل، نحو وطننا وشعبه النشمي الأصيل، فمهما بذلنا من جهود وتضحيات للآخرين، فإنها لا تلقى التقدير الذي يجب أن يكون في ميزان العظماء، فكما قيل، إكرام الكريم يملكه، وإكرام اللئيم يؤدي إلى التمرد
فلنركز جهودنا على تحسين أوضاعنا الداخلية، والارتقاء بمستوى معيشة مواطنينا، وتطوير مرافقنا الصحية ومدارسنا وشوارعنا المتهالكة واقتصادنا الذي يحتاج إلى عناية كبيرة