عبث الإخوان المسلمين في الأردن: بين استغلال فلسطين وخدمة أجندات إقليمية مشبوهة

16 أبريل 2025
عبث الإخوان المسلمين في الأردن: بين استغلال فلسطين وخدمة أجندات إقليمية مشبوهة

بقلم: هشام بن ثبيت العمرو

في الوقت الذي تواجه فيه المملكة الأردنية الهاشمية تحديات اقتصادية وسياسية دقيقة، تعود جماعة الإخوان المسلمين لتستعرض نهجها المألوف في تأجيج الأوضاع الداخلية، متخذة من القضايا الوطنية والإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مادة خامًا لترويج خطاباتها التحريضية وتغذية الانقسام الداخلي.

لطالما حاولت الجماعة أن تظهر بمظهر الحريص على الوطن، متدثرة بشعارات الإصلاح والعدالة، إلا أن التجربة أثبتت عكس ذلك. فما بين اختراقها للنقابات، وتوظيفها العمل الخيري والدعوي لخدمة أجنداتها التنظيمية، وانتهازها الأزمات لتأجيج الشارع، برهنت الجماعة مرارًا على أن مشروعها ليس إصلاحيًا بقدر ما هو تفكيكي يستهدف استقرار الدولة ومؤسساتها.

لقد بدا ذلك جليًا في استغلالها العدوان على غزة، حيث لجأت الجماعة إلى تسييس المأساة وتحويلها إلى منصة للهجوم على الدولة الأردنية، بدلًا من توجيه الغضب نحو الاحتلال. فمنصاتها الإعلامية امتلأت بخطاب تشكيكي وتحريضي، يتهم الدولة بالتقصير، رغم المواقف الأردنية التاريخية الواضحة في دعم الشعب الفلسطيني. هذا الاستخدام الانتهازي للقضية لا يعكس حرصًا وطنيًا أو قوميًّا، بل توظيفًا عاطفيًا لشحن الجماهير ودفعهم نحو الاصطدام مع الدولة.

الأخطر من ذلك هو ما تكشفه بعض المؤشرات الأمنية والسياسية من أن الجماعة باتت تشكل ذراعًا غير مباشرة لمحور إقليمي تقوده إيران وحزب الله. ورغم التباعد المذهبي المعروف، إلا أن التقارب في الأهداف بين الطرفين بات جليًا، خاصة في ما يتعلق بإضعاف أنظمة الاعتدال العربي وزعزعة أمنها الداخلي. لقد تحوّلت بعض أذرع الإخوان إلى أدوات تعمل بتنسيق غير مباشر مع هذا المحور، عبر نشر خطاب يصب في مصلحة مشاريع توسعية تتعارض تمامًا مع مصلحة الأردن وهويته القومية.

في ظل هذا المشهد، لا بد من وقفة وطنية واعية، يتصدى فيها الجميع – مؤسسات وأفرادًا – لهذا المشروع المتلون، الذي يتخفى وراء الدين والقضية الفلسطينية، بينما يخدم في حقيقة الأمر أجندات تتناقض مع أمن الدولة واستقرارها. ولا بد للدولة من الاستمرار في تنظيم العمل السياسي وفق القانون، والتصدي لأي جهة تحاول توظيف الديمقراطية والحريات لأهداف مشبوهة تهدد السلم المجتمعي والوحدة الوطنية.

فالإصلاح الحقيقي لا يصنعه تجار الشعارات، بل يتحقق عبر وعي مجتمعي صادق، ومؤسسات قوية، ودولة تحمي أمنها دون تردد