وطنا البوم_ المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
کگج هناك فرصة حقيقية الأن لإعادة بناء العلاقات وترميمها بين لبنان وسوريا، وإن كانت هذه الفرصة تتطلب جهوداً كبيرةً من كلا الجانبين، إضافة إلى دعم المجتمع العربي والإقليمي والدولي، كما أن تصحيح الشوائب التاريخية ألتي تسبب بها النظام السوري السابق طوال 50 عاماً يبقى يعد خطوة مهمة جداً بشرط تنفيذها بشكل صحيح وبالتوازي مع تعزيز التعاون في ملفات حساسة مثل ترسيم الحدود وضبطها وألتى بدورها ستعود بالمنفعة الكبيرة على الأقتصاد لكلا الدولتين، ويعتبر اللقاء الثلاثي عبر الفيديو بين رؤساء لبنان وسوريا وفرنسا خطوة مهمة لتوثيق الجهود الدبلوماسية المبذولة ويعزز البعد الدولي لهذه الجهود، وكذلك اللقاء الهام الذي عقد في الأردن لدول جوار سوريا والذي ترأسه عميد الدبلوماسية الأردنية وزير الخارجية السيد أيمن الصفدي وتوج بلقاء جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه يعكس كل ذلك إهتمام المجتمع الدولي بدعم مسار تصحيح العلاقات بين لبنان وسوريا، ولبنان اليوم يتقدم خطوة بخطوة نحو الأمام، من مناخ الحرب والفتن وعدم الإستقرار، ومن ساحة أستخدمت من قبل إيران، إلى دولة مستقلة وطبيعية تحترم سيادتها وتعمل على تعزيز أستقرارها الداخلي والعلاقات مع جيرانها، ويأتي الإجتماع المرتقب بين وزيري الدفاع اللبناني ميشال منسى والسوري مرهف أبو قصرة في جدة بوساطة سعودية، بعد فترة من الإنفلات الأمني على الحدود المشتركة بين البلدين، حيث كانت هذه الحدود مستباحة من قبل حزب الله وميليشيات النظام السوري السابق، بخاصة الفرقة الرابعة ألتي أقامت مصانع المخدرات والكبتاغون، وأن المواجهات السابقة كانت نتيجة تصفية حسابات بين عشائر وميليشيات وأطراف متعددة متداخلة عبر الحدود، مع دور ملحوظ لـ حزب الله وأطراف سورية مضادة، إضافة إلى ضغوطات خارجية، كما أن الإتصالات السابقة بين الجانبين كانت قد هدفت إلى لجم الوضع نسبياً، لكنها لم تفتح الطريق لترسيم الحدود بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين، وتحديداً فإن النظام السوري السابق هو من كان قد رفض كل أشكال المطالبات اللبنانية بترسيم الحدود، والسعودية تعتبر المكان الأنسب لأستضافة مثل هذا اللقاء للوصول إلى نتائج إيجابية، خاصة في ظل دورها المركزي في إجراء المحادثات الدولية والتوافقات لإحلال الأمن في مناطق متعددة، كما أن الرياض بعلاقاتها الوثيقة مع لبنان وسوريا، ستلعب دوراً كبيراً ومهماً في مفاوضات اليوم، بخاصة بعد تأجيلها بناءاً على طلب الجانب السوري بحجة تحضيرات داخلية، وتُعتبر الوساطة السعودية في هذه الإجتماعات مؤشراً على تمسكها بدعم الإستقرار في المنطقة وتعزيز العلاقات بين الدول العربية، ومن المتوقع أن تسفر هذه الإجتماعات عن وضع آليات محددة للتعاون الأمني وتبادل المعلومات بما يسهم في منع تكرار الأشتباكات وضبط الحدود المشتركة، وهو ما سيكون له تأثير إيجابي على أمن واستقرار البلدين والمنطقة بشكل عام، ويُنتظر أن تسهم هذه الإجتماعات في تعزيز التعاون بين سوريا ولبنان، ووضع أسس واضحة لمعالجة القضايا الأمنية المشتركة بما يحقق مصلحة الشعبين ويعزز الإستقرار في المنطقة، وكانت قد ظلت السعودية الراعية الأولى للعلاقات بين لبنان وسوريا، ولعبت دوراً محورياً في توقيع الأتفاق الأخير لتنظيم العلاقة الأمنية وضبط الحدود بين البلدين، كما أنه يعكس التزامها الراسخ بضمان سيادة لبنان واستقلاله، إلى جانب أههتمامها العميق بأمن واستقرار سوريا، مع إحترام سيادة واستقلال كلا البلدين، لـذا فإن الأتفاق الذي تم توقيعه في جدة تحت رعاية السعودية يبقى يحمل رمزية كبيرة، كونه يعكس الروحية الجديدة ألتي تحكم العلاقات بين لبنان وسوريا، ويُعتبر هذا التوقيع فرصة تاريخية لتصحيح العلاقة اللبنانية – السورية ألتي تضررت على مدى 50 عاماً، ويعكس إرادة حقيقية لتجاوز الخلافات والمشكلات ألتي تراكمت على مر السنين، وفي ما يتعلق بالمواجهات السابقة بين القوات السورية وعناصر حزب الله على المناطق الحدودية، يبقى هناك من يشدد على أن الهدف هو أن تصبح الحدود اللبنانية ــ السورية حدود سلام وأمن واستقرار وأخوة وتعايش مشترك، كما كانت عبر التاريخ مع وجود عائلات مشتركة وعلاقات كبيرة لا ينبغي أن تخضع لعوامل التهريب وتهريب البشر والمواد الممنوعة والمخدرات والأسلحة ألتي تضر بلبنان وسوريا ومكانتهما، ويقال بأن التعويل في بيروت كبير على الدور الذي يمكن أن تلعبه المملكة العربية السعودية في هذا الإتجاه، خاصة أن الأساس في الموضوع هو ترسيم الحدود، وهو أمر ليس صعباً على رغم بعض التداخل في بعض المناطق، ومتى كان الوسيط بحجم السعودية والنوايا صافية، يمكن معالجة هذه النقاط بسهولة لما فيه مصلحة اللبنانيين والسوريين لطي صفحات الماضي ألتي أساءت للشعبين، وفيما يتعلق بالإجتماع المرتقب بين وزيري الدفاع السوري واللبناني في جدة بوساطة سعودية يمكن القول بأن الفترة الماضية كانت قد شهدت مشكلات أمنية تنطلق من لبنان إلى الداخل السوري، مع حديث بعض المصادر عن تورط جهات مرتبطة بـ حزب الله في دعم أحداث الساحل السوري وعمليات التمرد هناك، هذا مع وقوع إشتباكات عنيفة على طرفي الحدود، بخاصة في مناطق حمص للمرة الثانية منذ تحرير دمشق، لذا فإن الإجتماع يبقى يهدف بالدرجة الأولى إلى تبادل المعلومات الأمنية والتوصل إلى آليات محددة تخدم أمن الحدود بين البلدين، كما يسعى إلى تعزيز التواصل والحوار لمنع تكرار الأشتباكات مستقبلاً، وتبقى الحقيقة تقول بأن السعودية ذات الثقل العربي والإقليمي والدولي الواسع، لذا فهي قادرة على ضمان العديد من الأتفاقيات، وعلى رغم وجود تحديات قد تعرقل التوصل إلى إتفاق، إلا أنه يعتقد اليوم بأن فرص الإستقرار أكبر من التحديات ألتي قد تفتعلها بعض الأطراف، مثل إيران عبر بعض أذرعها في سوريا ولبنان، ومن جانبه كان قد رحب الرئيس السوري أحمد الشرع بالمبادرة اللبنانية، مؤكداً على الروابط التاريخية والجغرافية ألتي تجمع البلدين، وأهمية التعاون المشترك لتحقيق الأمن والأستقرار في المنطقة، وهذا الإتصال يعزز الجهود المبذولة لتنفيذ الأتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين، ويضعها في إطارها التنفيذي، مما يسهم في تعزيز سيادة الدولتين على حدودهما المشتركة، ويعزز الأمن والأستقرار في المنطقة، وتأتي هذه الإجتماعات في وقت تستعد سوريا للإعلان عن تشكيل حكومتها الإنتقالية الجديدة بعد إقرار الإعلان الدستوري للمرحلة الإنتقالية ألتى حُددت مدتها بخمس سنوات، وتواجه هذه الحكومة تحديات كبيرة أبرزها ضبط الحدود ومكافحة التهريب، وهو ما يجعل التنسيق مع الجانب اللبناني أمراً بالغ الأهمية، ومن جهة أخرى تسعى الحكومة اللبنانية الجديدة إلى مواجهة تحدياتها الخاصة، مع التركيز على تعزيز الأمن والاستقرار، وضبط الحدود مع سوريا، بخاصة في ظل التوترات والمواجهات ألتي شهدتها المناطق الحدودية في الفترة الأخيرة، وأن إستضافة جدة لهذا الإجتماع تحمل عدة دلالات، منها الدور العربي والإقليمي الهام للسعودية في إدارة الملفات الحساسة، شعور المملكة العربية السعودية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بالمسؤولية تجاه سوريا ولبنان كبلدين شقيقين، ودعم الإستقرار في سوريا ولبنان والذي سينعكس إيجاباً على المنطقة ككل، ودعم عودة سوريا إلى عمقها العربي وعدم تركها وحيدة في مواجهة الأزمات، كما أن ملف الحدود يقال عليه بأنه معقد منذ عشرينيات القرن الماضي، عندما وضعت فرنسا هذه الحدود من دون مراعاة الضوابط الإجتماعية والجغرافية الدقيقة، مما أدى إلى تداخل تسبب في مشكلات متراكمة، وبعد الثورة السورية، سيطر حزب الله على هذه الحدود، مما ألغى فكرة وجود حدود عازلة بين الدولتين، وأن المؤسسة الأمنية السورية الجديدة حديثة العهد وتعاني من ضعف الخبرة والتقنيات، في حين أن الدولة اللبنانية، على رغم قدم وخبرة جيشها وأمنها، يبقى موضوع الحدود شائكاً حتى لدى دول كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية ألتي لم تستطع حتى الآن ضبط حدودها مع المكسيك بشكل كامل، وفي ظل التحولات السياسية البارزة في كل من سوريا ولبنان، يبرز ملف الأمن والحدود المشتركة كأحد أهم التحديات ألتي تواجه البلدين، وفي خطوة تاريخية نحو تعزيز الأمن والأستقرار الإقليمي، عُقد إجتماع إستراتيجي وأمني في مدينة جدة، جمع بين وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى ونظيره السوري مرهف أبو قصرة برعاية وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، وهو الأرفع مستوى بين البلدين منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، وبحسب المعلومات هدف الإجتماع إلى طي صفحة من الخلافات والتوترات على الحدود اللبنانية ـــ السورية، وفتح الملفات الأمنية العالقة بين البلدين، بما يسهم في تأمين الإستقرار ونزع فتيل الأشتباكات وإمكانية إندلاع مواجهات عسكرية بين الطرفين، وكذلك تضمن تشكيل لجان قانونية ومتخصصة وتفعيل آليات التنسيق للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية بخاصة تلك المتعلقة بالحدود، وهذه القضية وفق المعلومات مرتبطة بمزارع شبعا ومرتفعات كفرشوبا، إذ إن ترسيم الحدود بين البلدين في هذه المنطقة يحسم هويتها لكونها متنازعاً عليها واستغلها حزب الله لكي تكون عنواناً لدوره ومن خلالها أعطى شرعية لسلاحه وألزم مجلس الوزراء اللبناني طيلة السنوات الماضية على منحه غطاء سياسياً عبر معادلة الجيش والشعب والمقاومة في البيانات الوزارية، وبالتالي هناك توجه اليوم لترسيم هذه المنطقة وحسم هويتها، لكن من غير الواضح كيف سيتم حسم ذلك، في وقت تبقى تعتبر دمشق تلك المناطق تابعة للجولان وبالتالي سيتم ترسيمها ضمنها وحسم هويتها السورية، كما هي الحال الآن، إذ تعتبرها الأمم المتحدة وفق الخرائط ألتي تملكها أراضي سورية وبالتالي سيتم تكريس هذا الواقع، ويتوقع أن يسهم هذا الأتفاق في تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين وفتح قنوات حوار جديدة لمعالجة القضايا العالقة، كما يُنتظر أن يكون لهذا الأتفاق تأثير إيجابي على الأمن العربي والإقليمي تحديداً مع دعم السعودية لهذه الجهود، لا سيما أن الحدود اللبنانية السورية شهدت في الآونة الأخيرة تصاعداً في التوترات، إذ اندلعت إشتباكات بين الجيش السوري ومجموعات مسلحة مرتبطة بـ حزب الله والعشائر اللبنانية، وتعود جذور هذه التوترات إلى محاولات الجيش السوري تطهير الحدود من مربعات أنشأها حزب الله لتجارة المخدرات والتهريب، مما أدى إلى مواجهات دامية وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، وهذه الأشتباكات كادت أن تتسبب في تورط الجيش اللبناني، مما دفع إلى ضرورة التحرك السريع لاحتواء الأزمة ومنع تفاقمها، وخلال هذا الإجتماع جرى توقيع إتفاقية شاملة بين لبنان وسوريا، تضمنت عدة بنود أساسية تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني وترسيم الحدود بين البلدين، وكانت قد تضمنت الاتفاقية :
أولاً ــ ترسيم الحدود المشتركة : أتفق الطرفان على الأهمية الإستراتيجية لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وتشكيل لجان قانونية ومتخصصة للعمل على تحديد النقاط الحدودية بدقة، بما يضمن سيادة كل دولة على أراضيها ويمنع التداخلات غير القانونية.
ثانياً ــ تعزيز التعاون الأمني : تم الأتفاق على تفعيل آليات التنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية في البلدين للتعامل مع التحديات الأمنية، بخاصة في ما يتعلق بمكافحة التهريب وتجارة المخدرات والأسلحة، وضبط المعابر غير الشرعية.
ثالثاً ــ مكافحة الإرهاب والتهريب :
شدد الأتفاق على ضرورة التعاون المشترك في مواجهة التنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية ألتي تنشط في المناطق الحدودية، والعمل على تفكيك شبكات التهريب وتجارة المخدرات ألتي تهدد أمن واستقرار البلدين.
رابعاً – إعادة سيطرة الدولة على الحدود :
أكد الجانبان على أهمية بسط سيطرة الدولة على كافة المناطق الحدودية، وإزالة أي تواجد للمجموعات المسلحة غير الشرعية، بما يضمن إستعادة هيبة الدولة وسيادتها.
خامساً ــ متابعة تنفيذ الأتفاق : تم الأتفاق على عقد إجتماعات دورية لمتابعة تنفيذ بنود الأتفاق، وتقييم التقدم المحرز في الملفات المشتركة، والتعامل مع أي مستجدات قد تطرأ على الساحة الأمنية، ويأتي هذا الأتفاق في سياق الجهود المبذولة لتطبيق القرار الدولي رقم 1680 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في عام 2006، والذي يدعو إلى ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، ويبقى يُعد هذا القرار خطوة أساسية نحو تعزيز سيادة لبنان واستقلاله السياسي، وضمان بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، إلا أن تنفيذه واجه تحديات عدة في السابق، نظراً لعدم تجاوب النظام السوري السابق مع متطلباته، واستمرار التداخلات الحدودية ألتي كانت تستغلها بعض المجموعات المسلحة والمهربين، وينظر إلى هذا الأتفاق كجزء من حل الملفات الإقليمية العالقة، فترسيم الحدود بين لبنان وسوريا يسهم في تعزيز الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ويمنع إستخدام المناطق الحدودية كمنطلق لعمليات التهريب أو كملاذ للجماعات المسلحة والذي تعاني منه الأردن كثيراً ولولا يقظة نشامى القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية لتم إختراق هذه الحدود صباحاً ومساء، كما أن هذا الأتفاق يعزز من دور السعودية كوسيط فاعل في حل النزاعات العربية والإقليمية، ويؤكد على التزامها بدعم الأمن والأستقرار في الدول العربية، كما أيضا وفي خطوة تعكس التزام القيادتين اللبنانية والسورية بتعزيز التعاون الثنائي، أجرى الرئيس اللبناني جوزاف عون أتصالاً هاتفياً مع نظيره السوري أحمد الشرع، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وخلال هذا الإتصال أكد الرئيس عون على ضرورة التنسيق بين البلدين من أجل معالجة المسائل العالقة، لا سيما موضوع الحدود المشتركة مع بقاء التشديد على أهمية الإستفادة من المساعدة الفرنسية لإيجاد حل سريع لقضية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم كي يعيشوا بكرامة، وتعد هذه خطوة بارزة نحو تعزيز الأمن العربي والإقليمي، كما يعد هذا الإجتماع تاريخي وهو الأول من نوعه منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، خاصة مع وجود تفاهم أمني تاريخي يعكس الدور السعودي في الملفات الحساسة وتهدئة النزاع الحدودي بين البلدين.