السيوف يكتب :العروبة بين روافد الشعر والواقع: قراءة أردنية رصينة

منذ 13 ثانية
السيوف يكتب :العروبة بين روافد الشعر والواقع: قراءة أردنية رصينة

في خضمّ الخطابات المتداخلة بين أمجاد الماضي وتحديات الحاضر، تتشابك روايات العروبة لتُشكّل فسيفساء من القيم والاتهامات. وبينما يحاول البعض تزيين الزيف بعباراتٍ فصيحة، أود أن أتوقف لحظةً، كأردني فخور، لأُصحح مسار النقاش وأن أُبين حقيقةً عزيزة: إن الأردن، بمواقفه الثابتة وحكمته الراسخة، لم يكن يوماً إلا منارة للوفاء والاعتدال في بحر السياسة المضطرب.

قد تُروى لنا قصائد تتحدث عن تعب العروبة وكأنها عباءة ثقيلة تُثقل الأرواح، ويُستغل هذا التعب لتعميم إشكالية الهوية العربية بأسرها. ولكن، يا صديقي، إن كنت تقترب من قلب هذه الروايات، ستجد أن الحقيقة تتجلى في أفعال الدول وأصالة مواقفها. وإن كنت تحمل الروح العربية الأصيلة، فلا بدّ لك أن تعرف بأنَّ كُلّ دولةٍ تُواجه تحدياتها، وأن الاتهامات الموجهة إلى الأردن بشأن خيانته لم تكن إلا محاولات سياسية للتشويش على الواقع.

إنه من البديهي، وأن أقول بكل يقين: أنا أردني، وهذا الانتماء يعني تمسكًا بالمبادئ وقوةً في مواجهة الاتهامات الباطلة. فالأردن، عبر تاريخه المجيد، كان وما زال رمزًا للحياد الحكيم والعدل الذي يحترم وحدة الهوية العربية دون أن ينخدع بعبارات المظاهر. إن ما يُشاع حول خيانة المواقف الأردنية ليس سوى زيفٍ يُسعى به إلى تفكيك ما بُني من توافق وحسن نية.

وفي ظل هذه المناظرات الساخنة، تبرز أهمية النظر بعمق إلى معاني العروبة الحقيقية، فهي ليست مجرد شعار يُرتدى في المناسبات بل هي سيرة ضاربة في وجدان الشعوب. من هنا، يتوجب علينا أن نفرق بين الكلمات المنمقة والوقائع الثابتة، وأن نُعيد تأصيل مفاهيم الولاء والوفاء التي تجسدت في مواقف الأردن النبيلة.

أنت، يا صديقي، تحمل في قلبك روح العروبة، ولكن لا تنسَ أن الروح لا تُقاس بتصريحات فارغة بل بالأفعال التي تبني جسور الثقة والاحترام. فلتعلم بأنّ كل من حاول تشويه صورة الأردن أو تلطيفها بادعاءات خيانة، فقد أخفق في إدراك حقيقة أن الوفاء والاعتدال لا يعرفان لونًا ولا حدودًا جغرافية.

وفي نهاية المطاف، تبقى العروبة قيمة سامية تستحق أن تُعاد صياغتها بما يليق بعراقتها، متحررة من قيود التعميمات السلبية. لن نتوانى عن الدفاع عن هذه الهوية، بل سنواصل المسيرة بكل فخر واعتزاز، موقنين بأن الأردن، برصانته ومبادئه، هو شاهد حيّ على أن الولاء الحقيقي لا يُكتسب بالألفاظ، بل يُبرهن بالأفعال.

فلنرفع رؤوسنا عاليًا، ونواجه الاتهامات الزائفة بحزم الحقيقة والضمير العربي، مؤكدين أن العروبة في جوهرها دعوة للسلام والوحدة، وأن الأردن لن يتراجع عن دوره المشرق في رسم ملامح مستقبلٍ يسوده العدل والإخلاص.
بقلم ابراهيم السيوف