وطنا اليوم_بقلم _ماجد الفاعوري
ومن المعروف أن القضية الفلسطينية تمثل جرحًا تاريخيًا يتجدد يوميًا في ضمير الأمة العربية والعالم أجمع. رغم مرور أكثر من سبعة عقود على الاحتلال الإسرائيلي، ما زالت هذه القضية تراوح مكانها، ليس بسبب تعقيدها فحسب، بل نتيجة غياب إرادة عربية ودولية حقيقية لحلها. هذه الأزمة المستمرة تكشف ازدواجية المعايير الدولية، وتفضح تقية العرب التي تتجلى في الشعارات الرنانة والخطابات دون أفعال على الأرض.
القرارات الدولية و نصوص بلا تنفيذ وقرارات ضربت اسرائيل بها عرض الحائط
في ظل المجتمع الدولي الذي أصدر العديد من القرارات التي تؤكد حقوق الفلسطينيين، مثل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، الذي نص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم. كما صدر قرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967، الذي دعا إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب يونيو. ومع ذلك، لم تُطبق هذه القرارات نتيجة الدعم الغربي المطلق لإسرائيل وغياب آلية دولية تجبرها على الالتزام.
هذا التعطيل المتعمد للقرارات الدولية يكشف ازدواجية المجتمع الدولي، الذي يتحدث عن حقوق الإنسان والقانون الدولي، لكنه يغض الطرف عندما يتعلق الأمر بفلسطين. كما قال المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد: “القضية الفلسطينية مثال صارخ على فشل الضمير العالمي”.
والمخجل المواقف العربية شعارات بلا أفعال
منذ نكبة 1948، تبنت الدول العربية مواقف داعمة للقضية الفلسطينية، لكن هذه المواقف بقيت في أغلبها مجرد شعارات. في قمة الخرطوم عام 1967، رفعت الدول العربية شعار “اللاءات الثلاث: لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض”، لكن بعد عقود، أصبحت العلاقات مع إسرائيل تطبيعًا علنيًا في العديد من الدول، ما يشير إلى تغير جذري في الأولويات.
وكما قال وصفي التل واحرار العرب : “ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.” ومع ذلك، سرعان ما تراجعت هذه الروح القتالية لصالح سياسات استرضاء القوى الدولية، وغابت الإستراتيجيات العربية الموحدة لدعم فلسطين.
“أيها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا”
هذا البيت يختصر مأساة الشعب الفلسطيني، الذي يقف وحيدًا في وجه آلة الاحتلال، بينما يكتفي العرب بإصدار بيانات الإدانة التي لا تغير شيئًا.
وغياب الإرادة الحقيقية لحل القضية الفلسطينية، سواء على المستوى العربي أو الدولي، جعلها رهينة لميزان القوى العالمي ومصالح الدول الكبرى. فالمجتمع الدولي، الذي تدخل عسكريًا في مناطق عديدة تحت شعار “حقوق الإنسان”، يقف صامتًا أمام جرائم الاحتلال. أما العرب، فيبدو أن القضية الفلسطينية تحولت إلى ورقة للمساومة في معادلاتهم السياسية، دون إدراك أن خسارة فلسطين تعني خسارة جزء من هوية الأمة.
والسؤال المطروح إلى متى يستمر الصمت؟
القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع على أرض؛ إنها معركة للكرامة والحق في مواجهة الظلم. كما قال الشاعر السوري نزار قباني:
“إذا خسرنا الحربَ لا غرابة
لأننا ندخُلها
بكلِّ ما يملكهُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابة
بالطبولِ والضوضاءِ والجعجعةِ الخَوْباءِ والعَبَثية”
الحل يتطلب إرادة حقيقية تتجاوز الشعارات، وتوجه الجهود نحو دعم الفلسطينيين فعليًا على الأرض، لأن الصمت العربي والدولي لن يكون إلا وقودًا لاستمرار الاحتلال.