وطنا اليوم_د. عادل يعقوب الشمايله
يؤسفنا كأردنيين، كما يؤسف سائر الشعوب العربية ما حل بالشعب الفلسطيني منذ صدور وعد بلفور.
ولكنني اعتقد بأنه يجب أن يكون واضحاً ومفهوماً أنَّ العرب ليسوا المسؤولين عن المصير المأساوي للشعب الفلسطيني المكلوم والمظلوم.
المسؤوليةُ تقعُ أولاً وأخيراً على (مملكة الجهل والتخلف والإفقار والتفريط وهي المملكة العُثمانية) التي استعمرت العالم العربي خمسمائة عام وكادت تقضي على، وتفني الجنس العربي بسبب التقتيل والامراض والتجنيد الاجباري في معارك اللاعودة والضرائب الماحقة، مما جعل العرب لقمة سائغة للغزاة الاوروبيين وللغزو الصهيوني خاصة عندما اصابها المرضُ واصابت العرب به.
مملكةُ الظلم والظلام العثمانية فرطت بالشمال العربي الافريقي بدءاً من مصر وحتى ساحل الاطلسي، كما فرطت بسواحل الجزيرة العربية التي احتلتها الدول الاوروبية الاستعمارية قبل أن تفرط بفلسطين.
لقد جردت مملكةُ الظلم والظلام العرب من السلاح ومعرفة استخدام السلاح ومن العلم واعادتهم الى العصر الحجري وعودتهم على تقبل الظلم والذل والاحتلال والعمالة والتبعية.
وها هي تركيا الحالية بقيادة حزب العدالة واردوغان تتربص بالعالم العربي وتَنقضُّ وتحاول الانقضاض على اجزاءَ منهُ كلما سنحت لها الفرصة. فهي تعتدي على العراق وتحتل اجزاء من سوريا وليبيا والصومال وكانت مصدرا لمرور ارهابيي المنظمات التي تنتمي الى الاسلام السياسي من خلال اراضيها الى سوريا مما تسبب بمقتل مئات الالاف وتشريد ملايين السوريين وتحول الدولة السورية الى دولة فاشلة مقسمة ومهمشة.
ورغم كل الخطب العنترية التي انطلقت على ألسنةِ المسؤولين الاتراك، فإن تركيا العضو في حلف الاطلسي جنبا الى جنب بريطانيا التي اعطت وعد بلفور، وفرنسا التي اهدت اسرائيل المفاعل النووي والمزود الرئيسي لاسلحة جيش الكيان الصهيوني منذُ نشأته مما تسبب في هزيمة العرب عام ١٩٦٧، وعضو جنبا الى جنب مع امريكا في حلف الاطلسي التي تسلح اسرائيل وتحمي اسرائيل وتمول اسرائيل وتقاتل الى جانب اسرائيل وتشرف على ابادة الشعب الفلسطيني.
لم يرى العرب والفلسطينيون جحافل الجيش التركي وطائراته تهب لنجدة غزة. بل حافظت تركيا على روابطها الاقتصادية والتجارية والامنية مع اسرائيل وظلت تزودها باحتياجاتها الغذائية في الوقت الذي تجوع فيه اسرائيل الفلسطينيين. ومع ذلك لا احد يلومها. بل يدافعون عنها ويبتكرون لها الاعذار والمبررات. ولكنَّ اللومَ يوجّهُ الى من وقفوا مع الشعب الفلسطيني وحاربوا من اجله وقدموا له كل اسباب العيش والبقاء والصمود، وهي حالة نكران وجحود منقطعة النظير، مصدرها القلوب المؤدلجة المريضة الحاقدة. واقصد الاردن ومصر والسعودية والامارات.
الذين في عيونهم قذى لا يستطيعون رؤيةَ الحقائق، والمصابون بالباركنسون والزهايمر لا يتذكرون. والفاسدون والحاقدون حلفاءُ بعضهم البعض.
المسؤولُ الثاني عن مأساة الشعب الفلسطيني هو الانقسام الفلسطيني، وعدم ثقة الفلسطينيين ببعضهم البعض وغياب القادة التاريخيين المطلوبين لهكذا مرحلة، بل قادة من التجار والسماسرة والمقامرين والمغامرين ومتقلبي القلوب والاهواء فاقدي المصداقية. وركون الشعب الفلسطيني فترة طويلة للاتكال على العرب لمقاتلة اليهود نيابة عنهم مؤثرين مقولة اليهود لنبيهم موسى “اذهب انت وربك فقاتلا اننا هنا قاعدون” بينما هم منشغلون بالتجارة وجمع الاموال والسعي للعيش الرغيد في الديار التي حلوا فيها.
كما أنهم لم يستغلوا سبعة عشر عاما من تبعية الضفة الغربية للاردن حيث كانت الحدود مفتوحة بين الضفتين وفرصة العودة للضفة الغربية التي هي جزء من فلسطين متاحة لكل من يرغب بذلك دون اذن ودون قيود. ولو فعلوا ذلك، لكان عدد الفلسطينيين في فلسطين ضعف عدد اليهود، ولما تيسر لليهود الاستيطان في الضفة الغربية. اذا لا تلوموا غيركم بل لوموا انفسكم.