ماذا بعد السنوار؟: قراءة مستقبلية للقيادة والمقاومة

19 أكتوبر 2024
ماذا بعد السنوار؟: قراءة مستقبلية للقيادة والمقاومة

وطنا اليوم_الدكتور محمد الهواوشة يكتب :

إن الحديث عن القائد يحيى السنوار يفتح أبواب التأمل حول مستقبل الحركة التي يمثلها، وحول مستقبل المقاومة الفلسطينية بشكل عام. ليس من السهل استقراء ما سيحدث بعد رحيل قائد مؤثر مثل السنوار، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات القيادية في **حركة حماس**، ويمثل رمزًا للتحولات في نهج المقاومة وصناعة القرار. لكن من الضروري محاولة تقديم قراءة عميقة لما يمكن أن يكون “ما بعد السنوار”، مع تسليط الضوء على بعض السيناريوهات والمآلات المحتملة.

 

### **السنوار: رمز للتحولات**

يحيى السنوار لم يكن مجرد قائد عسكري، بل شكل بصمته على مستوى التفكير الاستراتيجي للمقاومة الفلسطينية. السنوار، الذي خرج من السجون الإسرائيلية بعد سنوات طويلة من الأسر، بات يُنظر إليه باعتباره أحد قادة الجيل الجديد الذين يوفقون بين **البعد العسكري** و**الاستراتيجيات السياسية** التي تحاول تحقيق توازن بين مصالح الشعب الفلسطيني والتحديات الإقليمية والدولية.

 

السنوار قاد حماس في مرحلة حساسة، ووجه المقاومة نحو التركيز على **القدرات الصاروخية والتكتيكات الدفاعية المتقدمة**، مع إدراكه لأهمية الجانب السياسي في المعركة. لكن السؤال الحاسم هو: ماذا بعد السنوار؟ وهل ستستمر هذه الاستراتيجية أو تشهد تغييرات جذرية؟

 

### **السيناريوهات المحتملة لما بعد السنوار**

1. **استمرار النهج التصعيدي**:

– من الممكن أن تستمر المقاومة في ذات النهج الذي اتبعه السنوار، والذي يقوم على تعزيز **القدرات العسكرية** وحشد القوة للدفاع عن غزة والقدس. قيادة حماس قد ترى أن قوة المقاومة هي الضمانة الوحيدة للحفاظ على الحقوق الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.

– كما أن غياب السنوار، إن حدث في ظل تصعيد أو عملية اغتيال، قد يؤدي إلى تصعيد كبير ضد إسرائيل، حيث يمكن أن تعتبر المقاومة هذا الحدث بمثابة “إعلان حرب” على قيادتها.

 

2. **تحولات سياسية جديدة**:

– هناك احتمال آخر وهو أن تشهد حماس تحت قيادة جديدة نوعًا من **التحول السياسي**. القيادة المقبلة قد تسعى إلى فتح قنوات دبلوماسية جديدة أو حتى إعادة النظر في بعض التكتيكات العسكرية، في محاولة لتحقيق أهداف طويلة الأمد للشعب الفلسطيني. فكما شهدنا في تجارب سابقة، القيادة المتغيرة قد تأتي بأفكار جديدة توازن بين المقاومة والتفاوض.

 

3. **صعود جيل جديد من القادة**:

– يُعتقد أن “ما بعد السنوار” قد يشهد بروز **جيل جديد من القيادات الشابة** داخل حركة حماس. هؤلاء القادة قد يكون لديهم رؤية أكثر تطورًا للتعامل مع الاحتلال، ويعتمدون على **التكنولوجيا** و**الأساليب الحديثة** في إدارة الصراع. هؤلاء القادة، الذين تربوا في بيئة الصراع المستمرة، قد يكون لديهم فهم أعمق للتحديات الجيوسياسية المحيطة بالقضية الفلسطينية.

 

4. **مواجهة مع الاحتلال والتحديات الداخلية**:

– لا يمكن إغفال حقيقة أن قيادة حماس بعد السنوار ستواجه تحديات داخلية وخارجية. من الخارج، هناك الضغوط الدولية والإسرائيلية التي ستظل قائمة. ومن الداخل، سيتوجب على القادة الجدد الحفاظ على **وحدة الصف الداخلي** بين مختلف الأجنحة والتوجهات داخل الحركة، بالإضافة إلى الحفاظ على ثقة الشعب الفلسطيني الذي ينتظر المزيد من الإنجازات على صعيد التحرير والكرامة.

 

5. **التفاعل مع التغيرات الإقليمية**:

– إقليمياً، تعيش المنطقة تغيرات سريعة، و”ما بعد السنوار” قد يشهد محاولات من القيادة الجديدة للتفاعل مع هذه التغيرات بطريقة تعزز **موقع القضية الفلسطينية** على الساحة الدولية. قد تشهد الحركة توجهات نحو **تحالفات جديدة** أو حتى مراجعات في العلاقة مع بعض الأطراف الإقليمية.

 

### **القدرة على التكيف مع المستقبل**

إن أحد أهم العوامل التي ستحدد مستقبل حماس بعد السنوار هو قدرتها على **التكيف مع التحولات السياسية والعسكرية** في المنطقة. فالقضية الفلسطينية ليست معزولة عن المحيط الإقليمي والدولي، وأي تغييرات في ميزان القوى أو التحالفات ستؤثر بشكل مباشر على مسار المقاومة.

 

السنوار قاد حماس بروح القائد المقاتل الذي يفهم أهمية التوازن بين البندقية والدبلوماسية. وفي مرحلة ما بعده، سيعتمد الكثير على مدى **إرثه القيادي** واستمراريته داخل الحركة. حركة حماس أثبتت قدرتها على التأقلم مع التحولات الكبرى سابقًا، والتحدي الآن هو مواصلة هذا التأقلم بفعالية.

 

### **هل يمكن أن يتغير التوجه؟**

“ما بعد السنوار” قد يكون فترة إعادة تقييم وتحديد للمسار، سواء كان ذلك من خلال استمرار النهج المقاوم أو تبني استراتيجيات سياسية جديدة. في كلتا الحالتين، سيظل **الاحتلال الإسرائيلي** هو العامل الرئيسي الذي يحدد شكل المرحلة المقبلة، مع إدراك القيادة الفلسطينية أن الصراع ليس فقط عسكرياً، بل هو صراع على الوجود والهوية.

 

### **الخاتمة: من سيملأ الفراغ؟**

إذا كانت قيادة السنوار مرحلة محورية في تاريخ المقاومة الفلسطينية، فإن المرحلة المقبلة تحمل في طياتها تحديات وفرصًا على السواء. القادة الجدد، سواء كانوا من نفس الجيل أو من جيل أصغر، سيتعين عليهم **التعلم من التجارب السابقة** والبناء على ما تم تحقيقه.

 

في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: **هل ستستمر حماس على نفس المسار الذي خطه السنوار، أم أننا على وشك رؤية تحول استراتيجي جديد؟**