الملكاوي يكتب: صوت العقل في زمن الأزمات… الحفاظ على استقرار الأردن في وجه الفوضى

18 أكتوبر 2024
الملكاوي يكتب: صوت العقل في زمن الأزمات… الحفاظ على استقرار الأردن في وجه الفوضى

وطنا اليوم – بقلم محمد ملكاوي –في خضم التوترات الإقليمية والتحديات التي تحيط بالأردن، برز بيان أحد الأحزاب السياسية حول “عملية البحر الميت” كإشارة تحذر من ضرورة التعامل بحذر مع الخطابات التي قد تُستغل في تأجيج مشاعر الشارع الأردني. مع هذا البيان، نجد أنفسنا أمام ضرورة التركيز على أولوية استقرار الوطن، والحرص على عدم الانجرار نحو مواقف قد تهدد الأمن الداخلي الأردني.

 

إن البيان الصادر عن أحد الأحزاب يُعتبر دعوة صريحة للفوضى، إذ يتضمن تحريضًا على العنف واستخدام القوة، وهذا ما لا يمكن القبول به في أي خطاب سياسي يتجاوز الأطر القانونية ويعرض الأمن الوطني للخطر. إن الترويج أو الدعوات لإجراءات عسكرية خارج نطاق الدولة لا تعبر عن حرية التعبير، بل تمثل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار الوطني الأردني، ويجب أن يكون الحوار الوطني بعيدًا عن أي تعبيرات تدعو للفوضى من خلال إثارة عواطف الأردنيين أو تُفهم على أنها تهديد للأمن الداخلي، وهذا ما لا يسمح به الأردنيون.

 

إن الدستور الأردني والقوانين المعمول بها، مثل قانون مكافحة الإرهاب وقانون الجرائم الإلكترونية، تحمي الدولة من أي محاولات لزعزعة أمنها أو تشجيع أي أفعال قد تؤدي إلى إحداث فوضى. هذه القوانين تنظم العلاقة بين الدولة والمجتمع وتضمن ألا يتحول الخطاب السياسي إلى أداة لتأجيج الفتن أو تهديد الأمن الوطني.

 

إن الأردن كعهد دائم يسعى لتحقيق التوازن بين التضامن مع القضايا الإقليمية والدولية وبين حماية استقراره وأمنه الداخلي. إن التصريحات التي تدعو إلى تحركات عسكرية خارج إطار الدولة تتعارض مع سياسة الأردن المتزنة القائمة على حماية حدوده وتأمين مواطنيه ضمن إطار التفاهمات الدولية. إن سياسة المملكة الأردنية الهاشمية تنطلق من مبدأ الحفاظ على الاستقرار الوطني، وهذا هو الأساس الذي تبنى عليه سياستها الخارجية والداخلية.

 

كما أن الدعوة إلى تعطيل الاتفاقيات الموقعة مع الدول الأخرى أو التحركات العسكرية التي تطالب بها بعض الجهات السياسية خارج الأطر القانونية لا تخدم مصلحة الوطن، بل قد تؤدي إلى تعريض الأردن لضغوط دولية وتوقف المساعدات ورعاية المقدسات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

إن هذه المرحلة الراهنة تتطلب من الجميع العمل على توحيد الصف الداخلي والتفكير في كيفية حماية الأردن من أي تهديدات خارجية أو داخلية. فالأحزاب السياسية، بما فيها جبهة العمل الإسلامي، لها دور مهم في هذا الإطار، وعليها أن تتبنى خطابات تدعو إلى الحوار الوطني بدلاً من التصعيد. يجب أن يكون الخطاب السياسي جزءًا من الحلول التي تعزز الأمن الوطني، وليس سببًا في تفاقم المشكلات.

 

إن دعوات الحزب لإعادة النظر في بعض الاتفاقيات أو تعزيز الجبهة العسكرية الشعبية يجب أن تُطرح في إطار وطني جامع من خلال المؤسسات الدستورية والقنوات السياسية المعروفة، وليس عبر بيانات قد تُفهم على أنها تحريضية أو تسعى لتأجيج الشارع.

 

في هذا الوقت الحرج، يجب أن يكون استقرار الأردن هو الهدف الأول والأخير. وعلينا الابتعاد عن التحريض على الفوضى أو الدعوة لتحركات عسكرية غير محسوبة قد تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.

 

إن الأردن في ظل التوترات المرتفعة في محيطه ودول الجوار يحتاج إلى خطاب سياسي هادئ ومسؤول، يتناسب مع مكانته الإقليمية ويدعم استقراره الداخلي، بعيدًا عن الشعارات والتصريحات التي قد تضر بمصلحة الوطن.

 

ويبقى الأمل في أن تتحلى كافة الأطراف السياسية بالمسؤولية اللازمة في هذه المرحلة الحساسة، وأن تتوجه نحو تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على مكتسبات الدولة الأردنية، التي لطالما شكلت نموذجًا في الاستقرار والسلم الأهلي.