الملكاوي يكتب : صرخات في قلب النار … غزة تحترق وأهلها يناشدون العالم

منذ 3 ساعات
الملكاوي يكتب : صرخات في قلب النار … غزة تحترق وأهلها يناشدون العالم

وطنا اليوم بقلم: محمد ملكاوي _ في غزة، حيث يمتلئ الهواء برائحة الموت والدخان يغطي كل زاوية، لا تزال النيران تلتهم أرواحًا بريئة. الناس هنا لا يموتون فقط بالرصاص والقصف، بل يحترقون وهم أحياء، يُتركون ليتفحموا وسط نيران لا ترحم.

الفيديو الذي يوثق هذه اللحظات والذي صوّره صالح الجعفراوي وهو مفجوع لا يمكن أن يُنسى، يُظهر كيف اجتاح الحريق خيام النزوح بعد أن استهدفها العدو، تاركًا وراءه جثثًا متفحمة وصرخات محاصرة في حناجر من لا يزالون على قيد الحياة. إنهم عاجزون عن إطفاء النيران التي تلتهم كل شيء، بينما يقفون أمامها بلا حول ولا قوة، يراقبون أحبائهم يحترقون أمام أعينهم، عاجزين عن مد يد العون.

هذا المشهد المفجع يكشف عن الوجه البشع للعدوان، إذ كان من المفترض أن تكون الخيام ملاذًا آمنًا للهاربين من القصف والدمار، لكنها تحولت في لحظة واحدة إلى أفخاخ نارية. تلك اللحظات المروعة لم تشهد تدخلًا من طائرات إنقاذ ولا سيارات إطفاء، بل كان كل ما تردد في المكان هو صرخات ألم واستغاثة.

شاهدنا كيف أهالي غزة الذين هرعوا لإنقاذ من في الخيام بادوات ومعدات بسيطه الا انهم وجدوا أنفسهم أمام قوة هائلة من النيران، تتجاوز قدرتهم على التدخل. كل ما استطاعوا فعله هو مشاهدة الكارثة تتكشف أمامهم، والوجع يسكن قلوبهم وهم عاجزون عن التصرف.

النار التي التهمت الخيام لم تحرق الجسد فحسب، بل أحرقت الروح أيضًا. ما نراه في الفيديو ليس مجرد جثث متفحمة، بل قصص حياة توقفت فجأة، أحلام كانت ترفرف في الأفق، وضحكات أطفال كانت تملأ المكان. الآن، كل شيء تحول إلى صمت رهيب، كأن المدينة كلها تموت تحت هذه النيران.

أهل غزة، وسط تلك الفاجعة، لا يطلبون المستحيل، كل ما يريدونه هو النجاة. صرخاتهم في الفيديو ليست فقط لأجل النجاة من النار، بل هي نداء للعالم أجمع، وبخاصة للشعوب العربية التي تراقب ما يحدث دون أن تحرك ساكنًا. تلك الصرخات تعلو لتسأل: “أين أنتم؟ لماذا تتركوننا نحترق؟” إنها ليست صرخات موجهة للعدو فقط، بل صرخة ألم توجه لكل من يراقب دون أن يتحرك. هذا النداء الذي يتكرر يومًا بعد يوم لا يطلب سوى حياة، حياة بأقل درجات الكرامة، حياة بدون قصف، وبدون حريق.

إن الشعوب قد تصرخ في الشوارع أو تنظم المظاهرات، وقد يظهر التضامن في وسائل الإعلام، ولكن ماذا بعد؟ هل يمكن لصوت الشعوب أن يصل إلى قلوب القادة؟ أم أن هذه الصرخات ستظل محاصرة بين جدران الصمت العربي والدولي؟ غزة لا تحتضر وحدها، بل تموت فيها الإنسانية نفسها. هذه النار التي أحرقت أجساد الأبرياء قد تحرق ضمائرنا نحن أيضًا إذا ما استمر هذا الصمت المميت.

العجز الذي يعاني منه أهل غزة هو أعظم مما يمكن تحمله. عندما ترى الناس يحترقون أمامك ولا يمكنك أن تفعل شيئًا، تشعر بأن الإنسانية نفسها تحترق. في الفيديو، تتضح تلك اللحظات البائسة؛ النار التي تتجاوز كل قدرة بشرية على إطفائها، قلة الموارد، غياب أي وسيلة لإنقاذ من تبقى. كل ما يملكه أهل غزة هو الدموع والصرخات، ولا شيء سوى العجز.

هذا الفيديو ليس مجرد وثيقة مصورة، بل هو رسالة مؤلمة وموجهة للعالم بأسره. كيف يمكن أن تستمر هذه المأساة دون تدخل دولي حقيقي؟ كيف يمكن أن يشاهد المجتمع الدولي غزة تحترق ولا يتحرك؟ هل أصبحنا عاجزين عن الشعور بالألم؟

اليوم، غزة تحترق، وغدًا قد تحترق مدن أخرى، قد تحترق أرواح أخرى. هذه النار التي تحاصر غزة اليوم ليست سوى بداية، إذا ما استمر هذا التجاهل فإنها ستصل إلى كل مكان. نحن بحاجة إلى أن نستيقظ، أن نكسر الصمت الذي يخيم على هذا العالم. غزة ليست بحاجة إلى كلمات أو بيانات، بل تحتاج إلى أفعال حقيقية، إلى تدخل ينقذ ما تبقى منها.

غزة ليست مجرد مدينة، إنها جرح مفتوح ينزف في قلب الإنسانية. ومع كل يوم يمر، يزداد هذا الجرح عمقًا، تتزايد الآلام وتتكاثر المآسي. ومع كل جسد يحترق، تُفقد قطعة من إنسانيتنا. لا يمكننا أن نقف متفرجين أكثر من ذلك، لا يمكننا أن نسمح لهذه المأساة أن تستمر. إذا فقدنا غزة، فقدنا جزءًا من روحنا. اليوم، وأهلها يحترقون في قلب النار، يجب علينا أن نتوقف عن التفرج، يجب أن نمد أيدينا قلب أن يحترق كل شيء.