بقلم: محمد ملكاوي – وطنا اليوم- في مشهدٍ يومي أصبح يتكرر على شاشاتنا، آلاف القتلى والدمار في غزة وجنوب لبنان. مشهدٌ يُراد لنا أن نعتاد عليه، أن نعتبره طبيعياً في هذا الزمن القاسي. لكن، علينا أن نقف وقفة صدقٍ مع أنفسنا وأن نقول: لا تعتاد المشهد. هذا الألم ليس شيئاً طبيعياً، وهذه المأساة ليست مجرد خبرٍ يُنقل عبر وسائل الإعلام.
إن واجبنا كأردنيين، وكأمة تربطها روابط الدم والتاريخ مع الفلسطينيين واللبنانيين، أن لا نسمح لأنفسنا بأن نفقد إنسانيتنا أو أن نتراجع في دعمنا ومساندتنا لهم. علينا أن نستمر في تقديم كل ما نستطيع من عطاء ومساعدات، سواء كانت غذائية، طبية، أو حتى معنوية.
الأردنيون لطالما كانوا في مقدمة الداعمين للشعوب المنكوبة، ويعود الفضل الكبير في ذلك إلى التوجيهات الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني. فقد كانت المملكة الأردنية الهاشمية ولا تزال نموذجاً للتضامن الإنساني، سواء عبر الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، أو من خلال التبرعات الشعبية التي لم تتوقف يوماً.
إن دور الأردن تحت قيادة جلالة الملك كان ولا يزال دوراً مركزياً في دعم القضية الفلسطينية ودعم دول الجوار في الظروف الصعبة. وجاءت هذه الجهود لتعزز صمود أهل غزة وجنوب لبنان في وجه الاحتلال الغاشم. ومع استمرار المعاناة، علينا أن نعيد إحياء روح العطاء التي شهدناها في بداية هذه الحرب، حين كانت المساعدات تتدفق جواً وبراً عبر الحدود.
الأردنيون في الربع الأول من بداية الحرب على غزة أظهروا تضامناً استثنائياً، ولكن مع مرور الوقت وتزايد الأزمات، قد تراجعت بعض وتيرة هذا العطاء. وهنا يأتي دورنا جميعاً في إعادة تذكير أنفسنا ومن حولنا: لا تعتاد المشهد. إن مأساة أهل غزة ومعاناة أهل الجنوب في لبنان ليست مجرد أرقام تُحصى، بل هي قصص حياة تُسلب، وأطفال يُقتلون، وأسر تُدمر.
عطاؤنا لا ينبغي أن يتوقف، بل يجب أن يكون مستمراً ومتجدداً. المساعدات التي نُرسلها ليست مجرد مواد، بل هي رسالة تضامن ومحبة، تثبت أن هناك من يقف بجانب أهلنا في غزة ولبنان، وتُعزز من ثبات إرادتهم وصمودهم أمام كل أشكال العدوان.
فلنكن كما عهدنا أنفسنا، سنداً وعوناً، ولنُحيي في قلوبنا شعلة العطاء، لأن هذا العطاء هو الذي سيبقي صوت الحق عالياً، وسيُعزز من إرادة الشعوب في مواجهة الظلم والقهر.