خالد مشعل: طوفان الأقصى أربك الكيان وإسرائيل تتأمر على الاردن

10 أكتوبر 2024
خالد مشعل: طوفان الأقصى أربك الكيان وإسرائيل تتأمر على الاردن

وطنا اليوم – أجرى رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل لقاء تلفزيونيا شاملا ومطوّلا مع “التلفزيون العربي”، تطرّق فيه إلى عدة محاور هامة حول عملية طوفان الأقصى والمستجدات على الساحة الفلسطينية والعربية.

وقال مشعل:“عندما تكون في قلب المعركة والصراع ليس هذا وقت التقويم أو التقييم، لكن أي قيادة في مسيرتها هي دائمًا تقرأ النتائج والمدخلات وما كان متوقعا وغير متوقع، وبالتالي تسدد المسيرة من خلال عملية تقييم تلقائية، وليس تقييم الذي يكون عادة ما بعد معركة ما، هذا التقييم الذاتي حاضر عند قيادة الحركة، أما التقييم المستقبلي فله وقته”.

وأضاف مشعل: “ونحن في خضم المعركة نعمل على تحقيق الصمود والانتصار في هذه المعركة ووقف العدوان على شعبنا، والقيام بكل متطلبات إدارة هذه المعركة حتى ننتصر فيها، وحتى نمضي خطوات على طريق التحرير، فالطوفان رسالة أعادت القضية إلى الصدارة بعد أن كادت تموت وتصفى عبر صفقة القرن وغيرها من سياسات الاحتلال الاستيطانية والعدوانية”.

وبيّن مشعل أن “الطوفان أوقف مشروع هدم الأقصى وعطله، وأربك الكيان الصهيوني، وأعاد الروح للأمة ولشعبنا، والطوفان حشر “إسرائيل” في الزاوية، وكشف وجهها القبيح أمام العالم، وأحدث تأثيرات استراتيجية عظيمة”.

وتابع مشعل: “نعم هناك أثمان باهظة لطوفان الأقصى من دماء شعبنا أطفالنا ونسائنا وإخواننا، وهؤلاء أحبابنا وشعبنا في غزة العزة، ومعاناتهم تعز علينا، لذلك نحن نعمل طوال الفترة الماضية بقدر ما نعمل على إدارة المعركة للانتصار فيها، نعمل أيضًا على وقف العدوان تخفيفًا عن شعبنا”. وأكد مشعل أن “القتال وسيلة وليس غاية، والمقاومة فرضت علينا بسبب الاحتلال، والبعض يتساءل عن قضية المقاومة ويقارنها بالصراع بين الدول، فالصراع بين الدول المستقلة سواء متجاورة أو متباعدة، هو صراع اختياري في لحظة ما نتيجة المصالح، دولة تشن حربا على دولة أخرى، هذه حروب هجومية اختيارية، بينما في الحالة الفلسطينية، نحن نقوم بحرب دفاعية أو مقاومة ضد الاحتلال”.

وقال مشعل: “لو كنا نعيش في حالة استقلال بدون عدوان، بدون احتلال، فنحن نبني الدولة ونخدم شعبنا، فاليوم الشعب الفلسطيني منذ مئة عام بين انتداب بريطاني واحتلال صهيوني، لذا المقاومة طبيعية، وهذا قانون الشعوب، وقانون فطري، أن يدافع الإنسان عن ذاته وعن فكره.

والناس يجب أن تلاحظ هذا الفارق، نحن نقاوم دفاعًا عن الوطن ودفاعًا عن الشعب والمقدسات بسبب الاحتلال، ولو لم يكن احتلال فلا نحتاج إلى المقاومة”. وتابع مشعل: “ما قصدته في تصريحي السابق أن العدو الصهيوني ما حققه من إنجازات طوال هذا الطوفان هي إنجازات تكتيكية، أي أنه سجل هدفًا أمنيًا ما سواء في غزة أو اليوم في لبنان، أو أنه ضرب أو دمر أو قام بعملية عسكرية معينة اغتال قائدًا من القيادات، هذه كلها إنجازات تكتيكية، أما العدو فخسر خسائر استراتيجية”.

وأوضح مشعل: “بالنسبة لنا قصدت بخسائرنا التكتيكية على صعيد المقاومة، أما خسائرنا المتعلقة بشعبنا، فهذا شعبنا، والمقاومة ليست منفصلة عن الحاضنة، والمقاومة تقدم لنا الفيديوهات الرائعة التي تعكس الإرادة العظيمة التي تربك حسابات العدو”.

وأضاف مشعل: “خسارة العدو لا أتكلم عن الاقتصاد وخسارة المليارات، أتكلم عن خسائر العدو على الساحة الدولية، والصورة النمطية التي صنعها العدو على مدى العالم ودفع الترليونات من أجلها اليوم تحطمت، اليوم الرأي العام العالمي داخل أمريكا وداخل العواصم الأوروبية وغضب الطلاب في الجامعات، بقيت فقط الأنظمة معظمها، وهناك أنظمة غيرت واعترفت بالقضية الفلسطينية، وأنظمة تقودها الولايات المتحدة للأسف ما زالت في طيغانها وتماهيها مع العدوان الصهيوني”.

وحول ملفّ المفاوضات، قال مشعل: “تعمل حركة حماس على إدارة مفاوضات عبر الوسطاء المصري والقطري ووسطاء في الساحة الدولية، ونعمل على وقف العدوان على غزة، والعالم يشهد، حتى الإدارة الأمريكية لكنها منحازة، يشهدون أن من يعطل هو نتنياهو”. وأكد مشعل أن “حماس لم تقصر أبدًا في وقف العدوان على شعبها، وإنما في إغاثة هذه الحاضنة الشعبية العظيمة التي نرفع لها القبعة في غزة العزة، وهي من أعظم الحاضنات الشعبية في التاريخ، لذا المقاومة تقاتل من أجل شعبها العظيم”.

ولفت مشعل إلى أن حماس نسّقت مع فصائل المقاومة الفلسطينية وعقدت لقاءات عديدة، وعملت وتعمل على إسناد غزة في هذه الحرب الشرسة، وأيضًا إدارة مفاوضات تؤدي إلى وقف إطلاق النار ووقف العدوان على غزة.

وقال مشعل: “إن الذي أفشل هذا هو نتنياهو وثبتنا ذلك في وثيقة 2/7، فالوسطاء قبلوها، والإدارة الأمريكية قبلتها، بل هي ثمرة تفاوض مع الوسطاء وبعلم الإدارة الأمريكية، لكن للأسف الأمريكان الذين نعرف انحيازهم الدائم، حتى لو أغضبهم نتنياهو، ولو يعبث في انتخاباتهم رهانًا على قدوم ترامب، لكنهم بعد ذلك لا يخالفونه، يغضبون منه بالكلام ثم يدعمونه”.

وأضاف مشعل: “بايدن أطلق مبادرة ثم أقرت في مجلس الأمن وحماس انفتحت على ذلك وتعاملت بإيجابية، وتُرجم ذلك في وثيقة 2/7 ولكن للأسف الوسطاء لا يستطيعون فعل شيء أمام تعنت نتنياهو الذي كان معنيًا بمواصلة الحرب، انطلاقًا من أجندته الصهيونية الليكودية”.

وتابع مشعل: “حتى عندما اقتنع البعض في عالمنا سواء في ساحتنا الفلسطينية أو في البلاد العربية أننا تعبنا من القتال وعملنا أوسلو، وراهن البعض على أن تحقن أوسلو الدم الفلسطيني وأنها ستقيم لنا دولة، ثم اكتشف أبو عمار رحمة الله عليه في عام 2000 أنها كانت أكذوبة ووصلت إلى طريق مسدود فعاد إلى النضال وأعطى غطاء لانتفاضة عام 2000”.

ولفت مشعل إلى أن “العرب جربوا كل شيء، جربوا المقاومة والنضال والحروب، وجربوا كذلك التسويات والمفاوضات، بينما المقاومة هي التي حققت منجزات”. وأشار مشعل إلى أن “نتنياهو عندما عجز عن استعادة صورة الردع، ولم يحقق شيئًا طوال عام كامل في غزة، هرب إلى الجبهة اللبنانية ليحاول استعادة بعض الصورة، نعم استعادة جزء من الصورة بعملياته الأمنية، لكن الآن في معارك الجنوب يواجه صعوبات كبيرة”.

وشدد مشعل على ضرورة أن تنخرط الأمة في قتال العدو المجرم ولا تترك غزة وحدها تنفرد في هذه المواجهة، في ظل موازين قوى مختلة. وكشف مشعل عن معلومات لدى حماس بأن “الإسرائيليين يخططون لغزة، وكان لديهم مخطط واضح يعلنونه، ولذلك 7 أكتوبر لم تكن نقطة بدء بل كانت نتيجة ورد فعل طبيعي، فقبل 7 أكتوبر كانت غزة محاصرة منذ 17 عامًا، وتموت موتًا بطيئًا، وظنوا أن الشعب الفلسطيني يبحث عن لقمة عيش فقط، وما علموا أن الشعب الفلسطيني يتطلع إلى قضية وطنية وإلى تحرير وطن واستقلال”.

وأشار مشعل إلى أن “أجندة الحكومة الصهيونية المتطرفة هي إحكام القبضة على الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن، ويعتبرون الأردن الوطن البديل، لذلك المقاومة في فلسطين تحمي الأمن القومي العربي، فحتى مصر مستهدفة من الإسرائيليين سواء بحفر قناة وخط ملاحي وبري تجاري يعطل ويفقد قناة السويس قيمتها، إضافة لقصة سد النهضة وموضوع النيل”.

وقال مشعل: “ما تفعله “إسرائيل” في المنطقة حيث تقتل وتضرب في كل مكان، هذا يعكس طبيعة المشروع الصهيوني في الهيمنة والتوسع، وحتى أنت لو لم تقاتلهم هم سيتآمرون عليك، مثل ما تفعل في التآمر على الأردن من خلال إفقاده دوره في المسجد الأقصى المبارك والمقدسات، وكذلك تسعى لتهجير ملايين من الضفة الغربية إلى الأردن، وهذا يعني تحطيما للأردن، و”إسرائيل” كذلك تتآمر على مصر”.

وتابع مشعل: “طبيعة المشروع الصهيوني يمس الأمن القومي العربي، وبالتالي من المنطق أن نقاتل هذا الكيان، واليوم الرد الإيراني رد طبيعي لأن “إسرائيل” اغتالت الأخ أبو العبد وانتهكت سيادة طهران، فمن الطبيعي أن تثأر إيران لدماء القائد هنية والسيد حسن نصر الله، فالاحتلال من بدأ بالعدوان”.

وبيّن مشعل: “في الحكومة الإسرائيلية كانوا يريدون ذبح البقرات الحمر عند قبة الصخرة إيذانًا بهدم الأقصى، ثم جاء بن غفير فنكل بالآلاف من شبابنا وشاباتنا في السجون الإسرائيلية، لذلك الطوفان جاء تعبيرًا عن رفض الاحتلال وممارساته، وأراد أن يقلب الطاولة على هذا الاحتلال وأن يفسد له كل المخططات، ويقول للعالم لن أنتظركم، وأراد أن يقول للعالم ما حك جلدك مثل ظفرك”.

وقال مشعل: “منذ أن بدأ الطوفان تطورت مواقف الأطراف المختلفة تجاه غزة ما بعد الحرب، فالبعض قال: غزة ما بعد حماس، ظن أن حماس انتهت مع هذا الدمار والقتل، وعندما صمدت حماس وقوى المقاومة وشعبنا في غزة، بدأوا يغيرون، وعرفوا أنه لا يمكن كسر حماس.

فالعدو كان يطرح أنه هو من سيحكم غزة، ثم أدركوا أن ذلك مجرد نزوة، ومن تجربتهم خرج منها شارون صاغرًا، وكما خرجوا من نيتساريم سيخرج الاحتلال من “تل أبيب” بإذن الله فهذه أرضنا وليست أرضهم”.

وأضاف مشعل: “ثم قالوا إننا نريد أن نصنع إدارة، والحديث عن قوات عربية وقوات دولية، وكانوا رافضين السلطة، ثم جاء الأمريكان وقالوا ممكن سلطة متجددة، إلى أن أدركوا أنه لا بد من تفاهم بين مجمل القوى الفلسطينية، والمصريون قدموا مشكورين أن تعالوا ندرس ما هو الشكل وطرحوا عدة خيارات ووافقت عليه حماس وهو حكومة وفاق وطني تشمل غزة والضفة وبالتالي تدير الوضع الفلسطيني في غزة والضفة، ويكون لدينا وزراء تكنوقراط من الشخصيات ذات الكفاءة بتوافق القوى الفلسطينية، لكن بعض الأطراف لم تقبل هذه الصيغة، وحماس قبلتها لأنها تريد أن تكون غزة والضفة الغربية وحدة سياسية واحدة، وبعد هذا التعطيل، قدمنا ورقة فيها بعض التعديلات وهي كانت أرضية للنقاش مع الفصائل تتضمن إدارة وطنية محلية في غزة بالتوافق مع السلطة في رام الله حتى نبقي على الوحدة الوطنية”.

وقال مشعل: “عندما قدمنا هذه الورقة طرحنا ذلك على كل الفصائل بما في ذلك الإخوة في حركة فتح، وجرت لقاءات في موسكو وفي بكين ولقاءات قبل ذلك، واليوم ما يجري في القاهرة هو لقاء ثنائي مع حركة فتح تمهيدًا لإيجاد أرضية تقرب مواقفنا لعلنا إذا توافقنا كفصيلين كبيرين وكل شركائنا في الوطن كبار، بعد ذلك نجمع الفصائل ونقرر اليوم التالي بعد الحرب”.

وأكد مشعل رفض حماس أيّ تدخّل “لا من الصهاينة ولا من غيرهم في ترتيب البيت الفلسطيني، فهذا قرار فلسطيني”، مستدركا: “نعم يساعدنا العرب مشكورين، لكن هذا قرار فلسطيني وطني محض”. وأشار مشعل إلى أن “الطوفان في السابعُ من أكتوبر العام الماضي أعطى رسالة للمنطقة أنها فرصة لحشر الكيان الصهيوني في الزاوية، لأنه عدو المنطقة جميعًا، لذا كانت التطلعات أننا نريد انخراط أكثر من جبهة من جبهات المقاومة، ومشكورين الإخوة في حزب الله منذ الثامن من أكتوبر العام الماضي دخلوا المعركة، ودخل اليمن، وقوى المقاومة في العراق”.

ولفت مشعل إلى أن “قوى المقاومة والإسناد دفعت أثمانًا باغتيال قيادتهم مثل سماحة السيد حسن نصر الله، كما اغتيل قبلها رئيس الحركة الأخ أبو العبد إسماعيل هنية والشيخ القائد صالح العاروري رحمهم الله جميعاً، هؤلاء كانوا على درب التحرير ونصرة غزة، وبالتالي اليوم المعركة أصبحت شرسة”.

وقال مشعل: “الطوفان عرى الكيان الصهيوني ليس فقط أمام الساحة الدولية، وكشف رغبته في الهيمنة على المنطقة، وأنا أسأل سؤالا لحكام المنطقة: هل تقبل أن تعيش تحت الهيمنة الإسرائيلية؟، ولا يوجد أمة في التاريخ قبلت بهيمنة الغزاة والأعداء، لذلك ينبغي أن نتوحد كأمة، وإلا ينطبق علينا “أكلت يوم أكل الثور الأبيض””.

وأضاف مشعل: “هناك دول كثيرة قدمت مساعدات إغاثية لغزة، ومساعدات مالية، وبنت كثيرًا داخل فلسطين وخاصة في غزة والضفة، هذه أمتنا العربية ونحن أبناء هذه الأمة، ولا نجلد أمتنا، وحتى إن قصرت، فأنا أنتخيها وأنشدها وأدعوها، فهذا الواجب علينا”.

وتابع مشعل: “هناك دول قامت بمساعدات مختلفة، وهناك دول تحركت لوقف العدوان الإرهابي وتحركت على الساحة الدولية، وهذا كله مقدر، لكن هذا لا يكفي، لأن المعركة مع العدو اليوم ليست سياسية فقط، فهي معركة إبادة جماعية، فالمطلوب اليوم من الأمة أن تنتقل نقلة أكبر”.

وأكد مشعل أن “العرب قادرون على القيام بالاستراتيجية التالية؛ أولًا أن يصنعوا قوة حقيقية تتراكم مع الزمن، ثم أن يوحدوا الصف العربي والإسلامي، ثم أن يدعموا أشكال المقاومة المختلفة، فنحن لا نطلب من الدول العربية اليوم أن تتدخل بجيوشها لأن جيشوها غير مهيئة للصراع، ولا أريد دمار الدول العربية، أنا أقول لهم خلال هذه الفترة ادعموا قوى المقاومة فهي سندكم، وتدافع عنكم، وخط الدفاع الأول.

بعد ذلك اصنعوا قوتكم، فيوما ما ستجبر على القتال، وإلا سيضيع استقلالك وأرضك ووطنك، ثم بعد ذلك علينا أن نتوحد، فالعالم كله يتوحد ولديه تكتلات، فلماذا نحن لا نتكتل، اليوم العرب أين موقعكم من الخريطة؟ وأين المشروع العربي والقيادة العربية؟ وأين الرؤية والاستراتيجية حتى يكون لنا مكانًا تحت الشمس”.

وختم مشعل حديثه بالقول: “اليوم الساحة العربية ساحة يفعل بها ويقرر لها، نحن الذين يجب أن نقرر ولا نسمح لأحد أن يدير مصالحنا مع جيراننا في المنطقة وفي العالم، أما أعداؤنا نقاتلهم ونقاتل المحتل الصهيوني”.