د. عادل يعقوب الشمايله
كشفَ المرشدُ الايراني في خطابٍ لهُ قبلَ أسابيعَ بوضوحٍ ً، مزيلاً لكُلَّ لبس، عن هدفٍ رئيسي من أهدافِ السياسةِ الخارجية الايرانية وهو ادارةُ الصراع التاريخي الذي لم ولن يتوقف ما بين الحسينيين واليزيديين. وقصدَ بذلكَ الصراعَ بينَ السُنَّةِ والشيعة.
خطابُ المرشدِ افترضَ أنَّ ملك المملكة الاموية يزيد بن معاوية هو رمزُ السُنَّةِ، وهذا خطأٌ وخطيئةٌ تاريخية. كما افترضَ أنَّ الحسين هو رمزُ الشيعة وهذا خطأٌ وخطيئةٌ تاريخيّةٌ تنافي موقف اهل السنة المحب لعلي وأبناءه وموقفهم الكاره او على الاقل المُنتقد ليزيد ووالده.
لا زال الشيعةُ يحاربونَ يزيد لأنَّ جيشهُ افشلَ محاولةَ الحسين بن علي اسقاط الحكم الاموي والاستيلاءِ على الحكم لنفسه، والثأر لوالده علي بن ابي طالب واخيهِ الحسن بن علي.
من هنا نلاحظُ أنَّ الشيعةَ يعانون من إعاقةٍ عقليةٍ وارتباك منهجي يعطلان امكانيةَ طيهم لصفحاتِ الماضي المختلفِ عليها، متجاهلين أنَّ العباسيين هم هاشميون وأعمام علي وابناءه، قد كفوهم مُهمَةَ الانتقام من الامويين، حيث أفنوا الامويين تماما بعد نجاح ثورة العباسيين الفارسية . بل قاموا بنبش قبور الامويين الاموات.
لماذا لا يكتفي الشيعةُ بما فعلهُ العباسيون الهاشميون بالأمويين علماً بأن ثورة العباسيين ما كانَ لها لتنجح لولا الدعم الفارسي؟ ولماذا يرفضونَ التصالحَ مع اهل السُنَّةِ وإعادة توحيد أَتباع الدين الاسلامي؟ ولماذا يُصرون على بقاء الانقسام العمودي والصراع الاستئصالي بين ما اصبح دينان يعادي احدهما الاخر حتى آخر سهمٍ أو آخر طلقة ؟
بناءاً على ما تقدم، فإنَّ تصديقَ المستغفلين لشعارات ايران وحزب الله بأنَّ الشيعةَ معنيون بالمسجد الاقصى وتحرير المسجد الاقصى يجب ان يتوقف، وان يتخلوا عن عباطتهم.
التراثُ الإسلاميُّ المكتوب في كتب المؤرخين المسلمين من مئات السنين، ينصُ على أنَّ عبدالملك بن مروان ملك الامويين هو الذي بنى المسجد الاقصى. وكانَ الهدفُ من بناءهِ هو تحويلُ وجهة حج المسلمين اليه بعد أن سيطر عبدالله بن الزبير على الحجاز حيثُ الكعبة في مكة ومسجد النبي في المدينة، واعلنَ نفسهُ خليفةً للمسلمين.
فالمسجدُ الاقصى إذاً هو أثرٌ ورمزٌ (أُمويٌّ ) بامتياز في اعتقاد الشيعة وقناعاتهم، ولن يترددوا عن هدمه حينَ يتسنى لهم ذلك وهدمُ المسجد الاموي في دمشق أيضاً. ولكنهم يستخدمون شعار القدس، واسسوا فيلق القدس كورقة تين لستر هدفهم الحقيقي وخداع جمهور السنة.
في حديثِ الاسراء والمعراج الوارد في صحيح البخاري، نَصٌّ واضح أن النبي محمد قد أمَّ الانبياء في محراب داوود. ويمكنُ لاي متشككٍ، باحثٍ عن الحقيقة أن يتأكدَ من ذلك. ومحرابُ داوود بالطبعِ لم يبنه العرب المسلمون مسجداً للمسلمين، وإنما هو جزءٌ من هيكل سليمان الذي بناهُ النبي الملك سليمان لشعبه من بني اسرائيل معتنقي الديانة اليهودية. وقد جهلَ او غفل كاتبُ حديثِ الاسراء أن لا وجود لهيكل سليمان ولا لمحراب داوود زمن النبي محمد. لأن الرومان كانوا قد هدموا وازالوا الهيكل تماما عام ٧٠ م. ولم يعاد بناءه لحد الان. بل إنَّ شراح حادثة الاسراء يتكلمون صراحة عن أن المقصود بالمسجد الاقصى هو هيكل سليمان.
الحُكم الشيعي في ايران ينتظرُ الفرصةَ المناسبةَ عندما يتمُ إضعافُ الشعوب السنية، وحصولُ ايرانَ على السلاح النووي ليرعبوا فيه الحكومات العربية ويمنعوها من الرد.
الهدفُ من انشاء حزب الله في لبنان وفيلق القدس ليس لحماية لبنان من اسرائيل، وليس لحماية المسجد الاقصى وتحريره من اسرائيل، وإنما لحماية ايران نفسها، وليكونا رأس الجسر الذي يمرُّ فوق العراق وسوريا لضمان وتثبيت التوسع والهيمنة الايرانية.
العلاقةُ ما بينَ حماس وايران علاقةٌ غيرَ متكافئة. إنما هي علاقة التابع وهو حركة حماس بالمتبوع وهو ايران. حركةُ حماس وأُمُها جماعة الاخوان يبحثون عن قشةٍ يتعلقون بها لتنقذهم من الغرق بعد الضربات الاستئصالية التي تعرض لها الاخوان في الدول العربية منذ منتصف القرن الماضي وفي اعقاب الربيع العربي. لذلك هم لا يتوانون عن البحث عن قشةٍ يتعلقون بها تنقذهم من الغرق الكامل وانتهاء وجودهم.
تعلقوا اولاً بالقشةِ التركية الاردوغانية بعد أن خدعتهم شخصيةُ اردوغان الكاريزمية وشعاراتهِ الاسلامية الموظفةِ لإنجاز البعث العثماني الامبراطوري. ثم لجأوا للقشة الايرانية بعد أن تخلى عنهم اردوغان وطردهم من تركيا تحت ضغط عاصفة الكره التي هبت وسط الشعب التركي ضد السوريين والعرب اجمعين وفي مقدمتهم الاخوان.
سيظلُ الحُكم الشيعيُ في ايران يستخدمُ الاخوانَ وحماسَ طالما وجد فيهم ما يُحققُ اهدافه لأنهُ يدركُ قوة الماكنة الاعلامية للاخوان وخبرتهم الطويلة في اختراقِ الشعوب العربية، واختطافِ التأييد الشعبي، وقدرتهم على توجيه جزء هام من الرأي العام العربي الذي لم ولن ولن ولن يتخلى عن غفلته وعباطته وقناعته بأن الفيل والثور يطيران وليس العنزة فقط، خاصةً بعد أن انفردوا لفترات طويلةٍ في الساحة الحزبية بعد أن قوضت الحكومات العربية فرص الوجود والثبات لكافة الاحزاب المنافسة حتى لا تنشأ قياداتٌ وطنيةٌ يُمكنُ أن تخرج عن الطوق. فمهوم الحظيرة هو من اهم قواعد فن السياسة الواقعية في العالم العربي.