اهل السيف واهل القلم واهل الحكم

منذ 3 ساعات
اهل السيف واهل القلم واهل الحكم

وطنا اليوم_بقلم زهدي جانبك_من السهل الحكم على الامور بعد حدوثها فهناك تكون النتائج قد ظهرت وكما يقال طارت الطيور بارزاقها… الشطارة في الرهان على الحصان الرابح قبل بدء السباق… حيث الرهان يقبل النصر والهزيمة او الربح والخسارة.

 

قال عليه الصلاة والسلام: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ ؛ ما أَهْدَيْتُ ، ولولا أن معي الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ. متفق عليه.

 

اي لو انه علم مشقة الاحرام من وقت اداء العمرة الى العيد، من البداية لما ساق الهدي من المدينة الى مكة ناويا الحج مقرنا.

 

في التاريخ الحديث وفي العقد التاسع من القرن الماضي الناس شاهدت وجه صدام مرسوما على القمر، ولو علمت الناس نهاية صدام منذ البداية، قبل ان تتكالب عليه سائر الامم لمنعته من دخول الكويت من البداية… ولكنها في البداية راته في القمر وفي النهاية رأته عميلا تسبب بجلب الامريكان الى العراق بعد تدميره…

 

وهكذا هي الناس اذا ما انتهى السباق… دائما تقف مع المنتصر.

 

وقد راعني ما اراه بشكل يومي من لوم ومعاتبة وتخطئة لعباد الله المخلصين في نواياهم والمجتهدبن في افعالهم من حركة المقاومة الاسلامية في غزة ومن والاهم من حركة الجهاد الاسلامي وكافة فصائل المقاومة الفلسطينية والجهاد في غزة وكامل ارجاء فلسطين المحتلة من النهر الى البحر… ومن والاهم من كتائب حزب الله في لبنان وانصار الله في اليمن وفصائل المقاومة الاسلامية في العراق ( أبرزها كتائب حزب الله والنجباء وكتائب سيد الشهداء).

 

ولسان حالهم يقول ما قاله محمد عقيل السقاف حاكم ظفار الاسبق:

أهل البنادق والسيوف المرهفة

ما قدر الرحمن مامنه مفر

ومن لبس ثوب المذلة يضعفه

ولاينال العز إلا من صبر

 

اهل السيف واهل الصبر:

من اجمل ما قرأت حول اهل السيف واهل القلم واهل السلطان والحكم ما كتبه ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، حيث صاغ ابن خلدون العلاقة بين أهل السيف وأهل القلم بقوله إن كليهما اداة يستعين بهما الحاكم للمحافظة على عرشه وسلطته…

 

فاهل الحكم فى فترة تمهيد أمرهم يلجؤون إلى أهل السيف لدعم حكمهم بالقوة والحديد والنار..

وعندما يستقر حكمهم تعظم الحاجة لأهل العلم والقلم لتطوير الدولة …

فاذا تسرب الضعف إلى الدولة تعود الحاجة لأهل السيف من جديد وتقل الحاجة لأهل القلم… وهكذا.

 

ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم، وانما موضوعنا هو:

 

اهل السيف:

وهم من يرون وجوب تغيير الواقع بالسيف والخروج على الحاكم الجائر او على العدو المعتدي بغض النظر عن القدرة على مواجهته.

وهؤلاء يرون انه إذا كان أهل الحق في جماعة يمكنهم الدفع ولا ييأسون من تحقيق النصر فرض عليهم القتال،

 

وأما إن كانوا في عدد قليل لا يرجون لقلتهم وضعفهم انتصارا كانوا في سعة من ترك التغيير باليد…ولكن التخيير والسعة في ترك التغيير باليد لا يمنع قيام أهل العزائم بالتغيير ولو قلوا….

 

وهذا رأي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وارضاه، وكل من معه من الصحابة. ولسان حالهم يقول:

خذ بحد السيف واترك غمده واعتبر فضل الفتى دون الحُلل

أنا مـثـــل الماء سهل سائغٌ ومـتى سُـــخِّــن آذى وقــتـل

 

واما اهل الصبر:

فقد اشترطوا للتغيير باليد والخروج على الحاكم المستبد والعدو المهيمن المسيطر شروطا منها القدرة المادية والمعنوية وتجنب الفتن…

واضاف اصحاب هذا الرأي من اهل الصبر ان يكون لدى المجاهدين قدرة استشرافية تمكنهم من سبر ظروف الغموض وعدم التأكد وتحليل البيئة لضمان ان لا يكون من نتائج الخروج او المقاومة انفلات الامور من عقالها وانتشار الفتن، من منطلق “وأعدوا لهم”… ولسان حالهم يقول:

دارِ جَــار السّـوء بالـصبر وإن لم تجد صبراً فما أحلى النُقل

جانب السلطان واحذر بطشه لا تـعـانـد مـن إذا قال فعل

 

فيصل الاختلاف بين الطرفين يتلخص بثلاث نقاط:

1. اهل الصبر يقولون “وأعدوا لهم” اهل السيف يقولون “ما استطعتم من قوة”… وليس ما يكافؤ عدوكم من قوة…

 

2. اهل السيف يقولون بقتالهم مطلقا بغض النظر عن القدرة على تغيير المنكر، واهل الصبر يقولون “إذا لم يمكن دفع المنكر إلا بذلك”، اي عدم وجود اي وسيلة اخرى تجنب الامة الانكسار والفتن.

 

3. اهل الصبر يقولون هناك سعة في ترك التغيير باليد اذا انعدمت القدرة،

واهل السيف يقولون: عندها على اهل العزائم القيام بالتغيير ولو قلوا…

 

النتيجة:

امام الاحتلال وجبروته وظلمه لا يجوز ان نسمح بنقل الخلاف بين من يريد الصبر ومن يريد الجهاد الى اصطفاف مع العدو لكبح جماح احد الطرفين…

مثل هذا الاصطفاف خيانة. سواء كان صادرا عن اهل السيف او عن اهل الصير… فالاحتلال هو عدونا جميعا.