وطنا اليوم:تحت وطأة القصف الإسرائيلي الذي يعد “الأعنف والأوسع” منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اضطر اللبنانيون إلى النزوح قسراً من جنوب لبنان، خوفاً على حياتهم وحياة أطفالهم، في تصعيد وصفوه بأنه “غير مسبوق”.
وداخل مراكز الإيواء التي تزدحم بالنازحين في العاصمة بيروت، يترقب اللبنانيون العودة إلى منازلهم بعد انتهاء التصعيد مع إسرائيل، الذي خلف آلاف الضحايا.
ورصدت معاناة العائلات النازحة بمجمع “نبيه بري” المهني في بيروت، الذي يُعد من بين مراكز الإيواء المعتمدة من قبل الحكومة لاستقبال النازحين.
وقال محمد مهدي (60 عاماً) النازح من بلدة “عدشيت” بقضاء النبطية، أن القصف الإسرائيلي بدأ الإثنين مع صلاة الفجر واستمر حتى صلاة الظهر، ما دفعهم إلى اتخاذ قرار النزوح نحو العاصمة بيروت.
وتحدث مهدي ، عن معاناة النزوح، حيث قضى وأفراد عائلته السبعة نحو 16 ساعة على الطريق بسبب زحمة السير جراء النزوح الكبير بسبب قصف الجيش الإسرائيلي للمناطق الجنوبية.
وأوضح: “اضطررت للنزوح خشية على أحفادي الأطفال”.
وأضاف: “نتمنى العيش بسلام وأمان (..) الحرب مؤذية ولا ترحم أحدا، هذه الحرب لم نشهد مثلها سابقاً”.
وأشار مهدي، إلى أنه “بمجرد إعلان وقف إطلاق النار، سنعود فوراً الى بلدتي في جنوب لبنان”.
أما نسيم بشير (50 عاماً) النازح من مدينة صور، فذكر أنه نزح خشية على حياة أطفاله من أي استهداف إسرائيلي.
ويأمل بشير، أن تنتهي المواجهة مع إسرائيل “بانتصار المقاومة”.
وأضاف: “واجهنا العدو الاسرائيلي منذ 1982، وانتصرنا عليه مراراً وطردناه من بلدنا، وسننتصر في هذه الحرب أيضا”.
وتابع بشير: “إسرائيل لا تخيفنا، ونحن نقف إلى جانب غزة من أجل وقف الحرب الإسرائيلية عليهم، كما قال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله”.
بدوره، قال أحمد قاسم (40 عاماً) من بلدة “شحور” في قضاء صور، للأناضول إنه “فور تعرض المنازل المحيطة بمنزله للقصف، اضطر للنزوح مباشرة دون أن يحزم أمتعته مع عائلته”.
ولم تفرق مأساة النزوح بين أحد، حيث تمكنت الشابة لمى زعل، سورية الجنسية، التي تعيش في بلدة “عيتا الشعب” الحدودية في قضاء بنت جبيل، من النزوح برفقة اللبنانيين.
وقالت لمى : “في بداية الحرب في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، نزحت مع عائلتي إلى مدينة صور، ثم بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير يوم الإثنين، اضطررنا للنزوح مرة أخرى نحو العاصمة بيروت”.
وأضافت: “نعاني من نقص في بعض الحاجات الأساسية، لا سيما الفراش”.
وأشارت إلى أنها وعائلتها تنتظر وصول المساعدات.
وتأمل لمى زعل، أن ينتهي التصعيد وتعود إلى جنوب لبنان بسلام.
تأثير مخيف على المدنيين
والخميس، قالت متحدثة مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رافينا شمداساني، الخميس، إن الهجمات الإسرائيلية المستمرة على جنوب لبنان لها تأثير مخيف على المدنيين.
جاء ذلك في معرض ردها بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وأشارت شمداساني، إلى أن التصعيد مستمر في المنطقة.
وأضافت: “هذا الوضع له تأثير مخيف على المدنيين، والمطلوب بذل جهود عاجلة لوقف إطلاق النار”.
وأعلنت وحدة إدارة مخاطر الكوارث بالحكومة اللبنانية، الخميس، أن أعداد النازحين وصل لنحو 77 ألفا و100 نازح، حتى مساء الأربعاء (15:00 تغ)، وفق المنصة الوطنية للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.
وأضافت أن عدد مراكز الإيواء في المرافق العامة ارتفع إلى 565 مركزا تشمل مدارس رسمية ومجمعات تربوية ومعاهد مهنية ومراكز زراعية وغيرها موزعة في مختلف المحافظات.
وأوضح التقرير، ان هناك أعدادا كبيرة من النازحين الذين انتقلوا إلى منازلهم في مناطق أخرى أو للإقامة مع ذويهم، أو في منازل مؤجرة أو فنادق، أو في أماكن عامة أو خاصة وغيرها”.
ولفت إلى أن آلاف آخرين سافروا جوا أو عبروا الأراضي اللبنانية إلى سوريا، حيث يقدّر بأن الرقم الفعلي يفوق بأضعاف ما هو مسجّل رسميا.
وبحسب التقرير، سجل الأمن العام خلال اليومين الأخيرين عبور 15 ألفا و600 مواطن سوري، و16 ألفا و130 مواطنا لبنانيا إلى الأراضي السورية.
ومنذ الاثنين الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي “أعنف وأوسع” هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع “حزب الله” قبل نحو عام، وأسفر عن 700 قتيلا، قتيل معظمهم مدنيون، بينهم عشرات الأطفال والنساء، بالإضافة إلى 2505 جرحى وفق معطيات رسمية لبنانية.
فيما يستمر دوي صفارات الإنذار بإسرائيل، إثر إطلاق “حزب الله” مئات الصواريخ، استهدف أحدها مقر جهاز المخابرات الخارجية “الموساد” بتل أبيب، وسط تعتيم على الخسائر البشرية والمادية، حسب مراقبين.
وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضٍ عربية في لبنان وسوريا وفلسطين.
ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، وخلّفت أكثر من 137 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.