التعليم بين الفنون والعلوم: دعوة للتركيز على ما ينفع الطلاب في المستقبل

منذ ساعتين
التعليم بين الفنون والعلوم: دعوة للتركيز على ما ينفع الطلاب في المستقبل

د. محمد الهواوشة.

في ظل التطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم اليوم، بات من الضروري أن تكون المناهج التعليمية مواكبة للعصر وتلبي احتياجات الطلاب لمستقبل مليء بالتحديات التكنولوجية. إلا أننا نرى في مناهجنا التعليمية اليوم تركيزًا على بعض الأمور التي لا تساهم في تطوير المهارات المطلوبة لسوق العمل المستقبلي. فعلى سبيل المثال، تضمين دروس تتعلق بالفنون والموسيقى بشكل مبالغ فيه، في وقت يحتاج فيه الطلاب لتعلم الذكاء الاصطناعي، وأمن وحماية المعلومات، والبرمجة.

أبناؤنا لا يحتاجون لمعرفة كيفية الضرب على “الطبلة” أو تفاصيل عن حياة الفنانين والمطربين، بل يجب أن نوجه تركيزهم نحو المجالات العلمية التي ستساهم في نهضة الأمة وتحقيق استقلالها التقني والعلمي. التكنولوجيا اليوم هي سلاح المستقبل، وتدريس الأمور العلمية المتقدمة كالحوسبة السحابية، الروبوتات، والذكاء الاصطناعي يجب أن يكون في صميم المناهج.

ضرورة العودة إلى الأسس التعليمية الحقيقية: احترام الرموز الدينية والوطنية
من بين القضايا التي تثير قلقًا عميقًا هو التحريف الذي يتمثل في بعض الكتب المدرسية التي تشير إلى “الشاب محمد” بدلاً من “سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام”. هذا النوع من الخطاب لا يقلل فقط من مقام النبي في النفوس، بل يتجاهل أهمية تعظيم الرموز الدينية في بناء الهوية الأخلاقية والتربوية للطلاب. رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ليس مجرد شخصية تاريخية، بل هو مرجع أخلاقي وروحي، ومثل هذا الأسلوب في التعبير عنه يعد تقليلاً غير مقبول من شأنه ومكانته العظيمة.

علاوة على ذلك، فإن حذف دروس الجهاد ومعرفة الأعداء التاريخيين يمثل طمسًا لجزء أساسي من التاريخ الإسلامي والهوية الثقافية. الجهاد ليس فقط في معارك الدفاع، بل هو مفهوم شامل يتضمن الدفاع عن النفس، الوطن، والمقدسات. إنه وسيلة لتربية الأجيال على الوعي بأهمية الدفاع عن الحق والعدالة. إن حذف هذه الدروس يعزز الجهل بين الطلاب حول حقوقهم وقضاياهم المركزية، مثل القضية الفلسطينية، ويدفعهم بعيدًا عن فهم الدور التاريخي للمسلمين في مواجهة العدوان.

كيف يمكننا إعداد جيل واعٍ وقوي في مواجهة التحديات إذا كانت المناهج التعليمية لا تعطيهم المفاتيح اللازمة لفهم تاريخهم وقضاياهم الحقيقية؟ التعليم الذي يتجاهل مثل هذه الأمور يترك الطلاب في حالة من الفراغ الفكري ويضعف إحساسهم بالمسؤولية تجاه قضايا أمتهم.

دعوة لإعادة النظر في المناهج التعليمية
إننا نطالب وزارة التربية والتعليم والمختصين في تطوير المناهج أن يركزوا على المجالات التي تهم الطلاب فعلياً في مستقبلهم، مثل الذكاء الاصطناعي وأمن وحماية المعلومات، وليس التركيز على أمور مثل الطبلة أو التعرف على الفنانين والمطربين. العالم يتقدم بسرعة مذهلة في مجالات التكنولوجيا والعلوم، وأبناؤنا يجب أن يكونوا جزءًا من هذا التقدم، وليس متأخرين عنه.

نحن بحاجة إلى نظام تعليمي يعزز المهارات التقنية والعلمية، وفي نفس الوقت يحافظ على هويتنا الدينية والوطنية. تعليم أبنائنا الأمور التي تعزز انتماءهم للأمة وفهمهم لقضاياها، مع تجهيزهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لمستقبل تقني وعلمي متقدم، هو السبيل لبناء جيل قوي ومؤثر.