كتبه المهندس خالد بدوان السماعنة
كلنا يعلم – ومن لا يعلم فليعلم – أن العدالة الاجتماعية من أهم ركائز بناء الدولة أيا كان دينها وعرقها..
لكنا قد ابتلينا في هذا الزمان بأقوام كانوا معول هدم لكل عدل منشود .. قوم يعشقون الواسطة والمحسوبية.. ويرونها سلما لتحصيل مكتسباتهم آنا أو لاحقا .. وهم يمارسونها يوميا بشكل بدأ يشكل إرهاقا لا يستهان به على الدولة وموظفيها عموما ..
هذا الفايروس البشع الذي يؤدي إلى أمراض أخرى تتناسل من رحم ذلك المستنقع كالرشوة والتزوير وغياب الحقيقة أرهق كل من سمع ووعي تغريدة مولاي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حين كتب فقال: “لطالما أكدت أن القانون فوق الجميع، واليوم وفي ظل ما يشهده بلدنا والعالم من ظروف، لا مكان للاستثناءات بسبب الواسطة والمحسوبية. فالجميع من مسؤولين ومواطنين مطالبون بتطبيق القانون، الذي وجد لحمايتهم. لن نسمح بتصرفات غير مسؤولة من البعض، فصحة الأردنيين وسلامتهم فوق كل اعتبار”.
فجئنا نمتثل لها نحن ومن على شاكلتنا فابتلينا بأقوام لا يخشون الله في هذا البلد.
إلى متى ستبقى القوانين الداخلية والخارجية – التي تحظر وتمنع هذه الآفة- حبيسة الأوراق والأدراج والمقالات الرنانة، ونحن نرى أن هذا الداء قد سرى حتى عند من ينتظر منهم أن يكونوا ابعد شيء عنه.
أنا لم أكن أتخيل أن يصل الأمر ببعض أصحاب الأدوار الرقابية أن يستخدموا أماكنهم للنيل من الشرفاء لا لشيء إلا لأنهم لم يستكينوا ولم يخضعوا لضغوطات وواسطات ومحسوبيات لأشخاص بأعينهم ..
حدثني من أثق أن أمثال هؤلاء حاولوا إيغار صدر مديره عليه بالكذب والبهتان لا لشيء إلا لأنه رفض أن يرضخ لهم ويمرر واسطة لأحدهم ممن يهمهم أمره .. لكن مديره كان أوعى من أن يقع فريسة هذه اللعبة القذرة وطالب بالدليل على كل كلمة يقولها .. فخرج بوجه أسود .. سود الله وجهه – ومن على شاكلته – يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
تراهم فتعجبك أجسامهم ..ويخفون تحت قمصهم خبثا عظيما ..
حين يتكاسل المريض في علاج مرضه، ويتوانى العليل في مداواة علته، فإن هذا المرض سيستشري في جسده، وذلك مؤذن بهلاكه وتلفه، ولو طال به زمانه.
نعمد إلى الواسطة اذا كانت لنا .. ونذمها ونسبها إذا كانت لغيرنا ..
كم أدّت الواسطات إلى حرمان صاحب حق من حقه ومنحه لمن لا يستحقه، سواءً أكانت حقوقاً ماليّة أم معنويّة.
لقد قتلت الواسطة عبارة كنا نكررها مذ كنا أطفالا « من جد وجد ومن سار على الدرب وصل ».. فلا الذي جد وجد .. ولا الذي سار على الدرب وصل .. وصاحب الواسطة الأقوى وجد ووصل.
ياحسرتاه على مواضيع التعبير التي كتبناها أثناء دراستنا في الابتدائية والإعدادية والثانوية حول أهمية المثابرة لتحقيق العلا ..
هزلت والله وبان من هزالها كلاها ..
كيف لا .. ونحن نرى بأم أعيننا من يقيم الدنيا لإيصال من يراه محسوبا عليه – بغض النظر عن نوع هذه العلاقة التي تربطه به- إلى مراتب ومناصب وحقوق .. مع أن هناك من هو أحق بها منه ..
هل بات النجاح في العمل اليوم يعتمد على المعارف والمحسوبية والواسطة وعلى طائفة الشخص وانتمائه إلى جماعة معينة؟!
نعم لمحاربة الفساد .. ومحاربة من نسي أن وظيفته الحرب على الفساد .. فمن العار والشنار أن يكون من ننتظر منه العدالة معول هدم لها ولأهلها.
وأخيراً…
أنا لست متشائما كما قد يظن البعض ..وأنا لست أعمم قطعا ..فأنا أرى أناسا بأم عيني وضعوا في مناصبهم بقدراتهم وكفاءتهم .. ولن يهزني تلك التصرفات الرعناء التي يرتكبها بعض من ننتظر منهم أن يكونوا عونا لنا في طريق الإصلاح .. أو تهزني مشاهد هناك لقلة وصلوا وليسوا أهلا للوصول .. ففي النهاية نحن في دنيا ليست دار العدل بل هي دار البلاء والابتلاء ..وانا أثق أنني في مكاني مطالب بأن أكون سدا منيعا أمام هذه الآفة وإن كثر المتذمرون والغاضبون ..ففي النهاية كل منا على ثغر من ثغور هذا الوطن فلا يؤتين الوطن من قبله.
دمتم بخير ،،،