القرالة: “الموارد البشرية” ينظر للوظيفة كعلاقة تعاقدية وليست تنظيمية

21 سبتمبر 2024
القرالة: “الموارد البشرية” ينظر للوظيفة كعلاقة تعاقدية وليست تنظيمية

وطنا اليوم_ قال رئيس اللجنة الإعلامية في نقابة الأطباء د. حازم القرالة، إن نظام إدارة الموارد البشرية الجديد، جاء بفلسفة النظام الأميركي عبر النظر للوظيفة على أنها علاقة تعاقدية وليست تنظيمية كما في السابق.

وأضاف القرالة في نظرة قانونية للنظام المعدل لسنة 2024، أن الوظيفة كانت علاقة تنظيمية اتبعت النظام الأوروبي في النظر لها .

وفي تصريحات أكد أن لكل نظام إيجابياته وسلبياته، “ولكن هذا التحول لم يراع أن الظروف المعيشية والوظيفية في الأردن اليوم، ليست الظروف ذاتها في الولايات المتحدة، وأن التحدّيات أمام الموظف العام الأردني مختلفة تماما عنها هناك، وأهمها حالة التردي الاقتصادي والعوز التي وصلت ببعض الموظفين الى حد الجوع”.

وبنظرة عن كثب في هذا النظام، يجده القرالة مليئا بـ”الإنشاء والتنسيق في كلماته، ويحمل بعض النصوص المهمة التي تحتمل أكثر من تفسير، ما يتعارض مع الأصل في القواعد القانونية، وفي نصوص أخرى تحمل بعض الشبهات القانونية”.

وأجمل هذه الشبهات في بعض النقاط، منها: ما جاء في البند الثاني من المادة 23 من الدستور، والذي ينصّ “أن على الدولة أن تحدد ساعات العمل”، بحيث جاء فيها (تحديد ساعات العمل الأسبوعية، ومنح العمال أيام راحة أسبوعية وسنوية مع الأجر).

وقال إنه بالنظر في النظام بشأن ساعات العمل، جاءت المادة 46 بفقراتها الخمس لتتحدث عن ساعات العمل، ووضعت حدّا أدنى لها، لكنها لم تُحدّد الحد الأعلى وتركته مفتوحا، واكتفت بالقول إنه يجوز تكليف الموظف بالعمل لساعات إضافية، تزيد على ساعات الدوام الرسمي.

وبين أن الفقرة (أ) من الماده 46 نصّت على أن “تحدد ساعات الدوام الرسمي بسبع ساعات في الأسبوع، على ألا يقل عن 35 ساعة أسبوعيا، ويجوز تكليف الموظف بالعمل لساعات إضافية تزيد على ساعات الدوام الرسمي”.

وجاء في الفقره (ب) من المادة نفسها “يجوز بقرار من مجلس الوزراء، بناء على تنسيب الوزير استثناء أي دائرة من أحكام الفقره (أ) من هذه المادة، إذا تطلّبت طبيعة عملها غير ذلك على ألا تقل ساعات الدوام الرسمي عن 35 ساعة أسبوعيا”.

وبنظرة إلى تشريع آخر يحمي حقوق العاملين في القطاع الخاص، وهو قانون العمل، أكد القرالة أن المشرّع لم يغفل هذه النقطة، وحدّد عدد ساعات العمل الأسبوعية بواقع 48 ساعة كحدّ أعلى، إذ نصت المادة 56 في الفقرة (أ) على أنه “لا يجوز تشغيل العامل أكثر من ثماني ساعات يوميا أو ثمان وأربعين ساعة في الأسبوع، إلا في الحالات المنصوص عليها في هذا القانون، ولا يحسب منها الوقت المخصص لتناول الطعام والراحة”.

وعند السؤال “هل يزيد عدد ساعات عمل موظفي القطاع العام عن هذه الأرقام؟”، أوضح القرالة أن الإجابة هي “نعم بالتأكيد”.

وقال “لنأخذ الأطباء مثالا، حيث يصل عدد ساعات عمل بعض الأطباء لأكثر من 80 ساعة أسبوعيا وهذا يقترب من 3 أضعاف الحد الأدنى المنصوص عليه”، متسائلا: “هل نحن أمام مخالفة دستورية لهذا النظام؟”.

وجاء في المادة 63 من نظام إدارة الموارد البشرية المعدل أنه “يُحرم الموظف من راتبه بقرار من الوزير بناء على تنسيب الأمين العام عن المدة التي تغيّب خلالها عن العمل بسبب مرض أو إصابة نشأ أي منهما بسبب خطأ ارتكبه أو تقصير منه”.

وبالنظر في هذه المادة، يؤكد القرالة أنها “فضفاضة”، تحمل أكثر من تفسير، بحيث يتساءل أنه “إذا تعرّض موظف حكومي لحادث سير مثلا وكان هو المتسبب ونتج عن الحادث مدة تعطيل هل سيحرم من راتبه خلالها؟”

وإذ لا يجوز التوسّع بتفسير النصوص القانونية، تساءل القرالة “أليس من الأجدر توضيح هذه النقطة وتحديد المقصود منها منعا للبس أو خطأ في تفسيرها مستقبلا”.

وجاء في المادة السادسة من الدستور “الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”.

وعند النظر لنصوص النظام ومقارنتها بقانون العمل الذي يخضع له أيضا الأردنيون في القطاع الخاص، وجد القرالة أن نصوص قانون العمل، جاءت في معظمها حماية للعمال وحقوقهم حتى لا يتعسّف أصحاب العمل، وهم الطرف الأقوى باستخدام حقوقهم وقوتهم”.

وقال “كانت معظم النصوص في مصلحة العامل في مواجهة صاحب العمل، أما نصوص نظام الموارد البشرية، نجد أنها جاءت في معظمها توسيعا لصلاحيات وسطوة الحكومة وهي الطرف الأقوى في مواجهة الموظف”.

وأضاف القرالة “حملت التعديلات الكثير من التضييق على الموظف الحكومي وصلت إلى انتزاع الأمان الوظيفي منه، والخوف من ضياع الوظيفة وإنقاص راتبه”، متسائلا “هل الأردنيون سواء..؟”.

وجاء في المادة 67 أنه “يُحظر على الموظف وتحت طائلة المسؤولية التأديبة الإقدام على أي من الأعمال التالية: العمل خارج أوقات الدوام الرسمي”، بحسب القرالة.

وقال إن القواعد القانونية عند وضعها، يجب أن تكون ناجعة، بمعنى أنها لا تتحقّق إلا بتحقّق قبول الأفراد لها، بتعبيرها السليم ومطابقتها لما اعتاد عليه الناس، وفي ظل الظروف الاقتصادية المتردية للمواطنين التي أجبرت الكثير منهم على البحث عن مصادر دخل إضافية، وعدم قدرتهم على العيش دونها، “فهل ستكون هذه النقطة سيفا على رقاب الأردنيين، واضعة إياهم في اختبار مخالفة التشريعات جبرا لسدّ جوعهم؟”.

وشدد القرالة، على أنه لا بد من التأكيد على “وجود ترهّل في القطاع العام، والحاجة لإصلاحات واسعة فيه، لكن هل يكون الإصلاح مجدّدا بنظام أرى فيه أنه منسلخ تماما عن الواقع الذي نعيشه، ويحمل في نصوصه مزيدا من الضغط والتضييق على المواطن؟”.

وقال إنه من الأوجب إعادة النظر في أجزاء ممّا ورد فيه، لكنه أكد اتفاقه “مع الفكرة العامة والهدف المقصود من التحديث”.

وتساءل القرالة “هل نحن بحاجة لأن تكون إدارة الموارد البشرية، قانونا يصدر من السلطة التشريعية، وإن كان في جزء منه نظاما ماليا، لكنه في أجزاء عديدة منه، يحمل الكثير من هموم وأحلام وحريات المواطن؟”.