الاردن في مواجهة التدخين: رفع الرسوم بين زيادة الإيرادات ومكافحة الظاهرة

17 سبتمبر 2024
الاردن في مواجهة التدخين: رفع الرسوم بين زيادة الإيرادات ومكافحة الظاهرة

كتب اد هاني الضمور :

يعد الأردن واحدًا من الدول ذات أعلى معدلات التدخين في العالم، حيث أشارت التقارير إلى أن حوالي 70% من الذكور البالغين في الأردن يدخنون السجائر أو يستخدمون التبغ. كما كشفت دراسة أن حوالي 82% من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و69 عامًا مدخنون. هذه الإحصائيات تشير إلى تفشي ظاهرة التدخين بشكل غير مسبوق، ما يشكل تهديدًا كبيرًا على الصحة العامة ويضع عبئًا كبيرًا على النظام الصحي.

التدخين ليس مجرد عادة شخصية في الأردن، بل قضية وطنية تُثقل كاهل النظام الصحي بشكل متزايد. يُقدر أن الفاتورة الصحية للأمراض المرتبطة بالتدخين، مثل السرطان وأمراض القلب والجهاز التنفسي، تتجاوز 500 مليون دينار سنويًا. هذه التكلفة الضخمة تمثل ضغطًا هائلًا على القطاع الصحي، الذي يعاني أصلاً من تحديات في الموارد.

إلى جانب ذلك، تُعتبر الأردن مستوردًا رئيسيًا لمنتجات التبغ، حيث وصلت قيمة الاستيرادات إلى حوالي 200 مليون دينار في السنوات الأخيرة. هذا الطلب الكبير على منتجات التبغ يزيد من الضغط على الاقتصاد المحلي.

في ظل هذه الحقائق، اتخذت الحكومة الأردنية خطوة لرفع الرسوم على منتجات التبغ. على الرغم من أن التجارب الدولية أثبتت أن زيادة الضرائب على التبغ يمكن أن تقلل من معدلات التدخين، خاصة بين الشباب، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كانت خطوة الحكومة تهدف حقًا إلى مكافحة التدخين أم إلى *زيادة إيراداتها*؟

للأسف، يبدو أن الهدف الأساسي وراء رفع الرسوم كان ماليًا أكثر منه صحيًا. فبدلاً من التركيز على تطوير استراتيجية متكاملة للحد من انتشار التدخين، ركزت الحكومة على زيادة دخلها من خلال فرض رسوم مرتفعة على منتجات التبغ. هذا التوجه أثار تساؤلات حول مدى جدية الحكومة في التعامل مع التدخين كقضية صحية تستدعي التدخل العاجل.

بالرغم من أن رفع الرسوم يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تقليل نسبة المدخنين، إلا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب سياسات شاملة تتضمن التوعية، تقديم الدعم للمدخنين الراغبين في الإقلاع، وتوفير البرامج العلاجية الفعالة. ولكن التركيز على زيادة الإيرادات وحده قد يعيق تحقيق الأهداف الصحية المرجوة.

الأردن بحاجة إلى رؤية بعيدة المدى تهدف إلى حماية صحة الأجيال الحالية والمستقبلية من أخطار التدخين. هذه الرؤية يجب أن تتضمن توجيه جزء من العائدات إلى *تمويل برامج وطنية لمكافحة التدخين* وتوعية المجتمع بمخاطره، بدلاً من أن تقتصر على تحصيل الأموال.

في الختام، السؤال يبقى مطروحًا: هل سترتقي الحكومة إلى مستوى التحدي وتضع *مكافحة التدخين* في صدارة أولوياتها، أم ستظل الرسوم مجرد وسيلة لزيادة الإيرادات؟
اد هاني الضمور
رئيس جامعة ال البيت سابقا