كم بقيَ على السيلِ حتى يبلغَ الزبى؟

28 يوليو 2024
كم بقيَ على السيلِ حتى يبلغَ الزبى؟

وطنا اليوم_د. عادل يعقوب الشمايلة

 

99٪ من الوظائف الحكومية لا تحتاج إلى أكثر من شهادة توجيهي راسب. بما في ذلك الوظائف الفنية والقيادية وحتى الوزراء، لأن ما يقومون به هو مجرد أعمال روتينية. يُقسم الموظف الحكومي الأردني عندما يتم تعيينه أن يكون عدواً وخصماً لدوداً للإصلاح والابتكار والتطور والتطوير. جميعنا نرى بأم أعيننا ويصدمنا نتائج أعمال المهندسين الحكوميين. كما أن مراجعي المراكز الطبية الحكومية على اختلاف أسمائها لا يحصلون على خدمة لا يستطيع مساعد ممرض أو مساعد صيدلي تقديمها. إذن لا مبرر للشهادات ولا مبرر لدفع رواتب عالية.

 

من المستهجن أن تشاهد آرمات على مكاتب موظفين مكتوب عليها الدكتور أو الدكتورة فلان أو فلانة مع أنهم يتولون أعمالاً ثانوية وبسيطة. وأستغرب كيف يَقبل من يحمل درجة الدكتوراه أن يتولاها. الجامعات الخاصة تصرف شهادات الدكتوراه لمن هب ودب وبدون الالتزام بالمعايير العالمية والمواصفات والمتطلبات الضرورية لمنح درجة الدكتوراه، وأصبحت القاعدة “كله عند العرب صابون”. مجتمع مصاب بمرض الشهادات ومؤسسات متداعية.

 

وإذا كانت البعرة تدل على البعير، فإن الإنجازات الحكومية التي يسمع بها المواطن سماعاً ولا يراها ولا يلمسها ولا يَخبَرها ولا يُحسها هي إنجازات الموظفين بمختلف فئاتهم ومسمياتهم وألقابهم. فإنها تعتبر تقييماً عادلاً لمؤهلات وقدرات وشهادات وخبرات من قاموا بها. المراجعون يلاقون أشد العنت من سلوكيات الموظفين غير المبالين وتعقيد الإجراءات (red tape) والتزايد المتزايد للضرائب والرسوم والرخص ومسميات مبتكرة هدفها الحصول على أكبر قدر ممكن من مال المواطن مهما كان شُحُّ حاله. فالشعب يدفع ضرائب مجموع نسبها هي من بين الأعلى في العالم دون مقابل مقنع.

 

وفي الوقت الذي تسعى فيه دول عربية ناشئة لتحقيق السعادة لمواطنيها، ومنافسة أكثر الدول الغربية تقدماً في معايير الحوكمة والأداء المتميز، فإن تعذيب ومرمطة المراجع للدوائر الحكومية أصبحت مبارزة تتبارى عليها أجهزة الحكومة دون محاسبة ودون عقاب، والويل والثبور وعظائم الأمور لمن يتجرأ على الشكوى على موظف. هذه الحماية التي يوفرها كبار المسؤولين لمن تحتهم من الموظفين يمكن تصنيفها وتسميتها بأنها معول هدم لبنيان الدولة واستقرارها السياسي ونموها الاقتصادي وقدرتها على المنافسة على الاستثمار وخلق فرص العمل. وهنا نجد أنه ينطبق عليها نص الآية القرآنية: “إذا أردنا أن نهلك قريةً أمَّرنا مترفيها ففسقوا فيها…”.

 

والمترفين تشمل الرؤساء بدءاً من رؤساء الأقسام ومدراء المديريات والأمناء العامين. ذلك أن عدم محاسبة المقصرين والمسيئين يمكن أن ينطبق عليه تعريف “فسق”. ولهذا طلب النبي يوسف من فرعون مصر أن يعينه وزيراً للتموين فقبل الطلب بعد أن رأى صلاحه وأهليته، وعندما استأجر الرجل الصالح موسى راعياً لغنمه مقابل تزويجه إحدى ابنتيه كانت التوصية: “إن خير من استأجرت وزوجتَ القوي الأمين”.

 

إذا كنت تحتاج إلى أي تعديل إضافي أو صياغة مختلفة، أرجو إبلاغي بذلك.