كتاب “الاتصالات الصهيونية: ما الثمن؟”

8 يوليو 2024
كتاب “الاتصالات الصهيونية: ما الثمن؟”

وطنا اليوم_ د. عادل يعقوب الشمايله _ كتاب “الاتصالات الصهيونية: ما الثمن؟” لمؤلفه ألفريد م. ليلينثال عمل نقدي شامل، يستعرض تأثير الصهيونية على السياسة الخارجية الأمريكية وتداعياتها على السلام في الشرق الأوسط. يسعى ألفريد م. ليلينثال من خلال هذا الكتاب إلى كشف النقاب عن تأثير اللوبي الصهيوني على القرارات السياسية الأمريكية، مما يؤدي إلى دعم مستمر لإسرائيل على حساب المصالح الأمريكية والسلام الإقليمي.

 

الأصول التاريخية للصهيونية:

يبدأ ليلينثال بتوضيح الأصول التاريخية للصهيونية، وهي حركة قومية ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر بهدف إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. يستعرض المؤلف جهود تيودور هرتزل وأوائل الصهاينة في الترويج لهذه الفكرة، وكيف أن هذه الجهود بلغت ذروتها بإعلان بلفور عام 1917 الذي دعم فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، على حساب الحقوق التاريخية والسياسية للسكان العرب في المنطقة. هذه الخطوة، كما يشير ليلينثال، كانت البداية لصراع طويل الأمد بين اليهود والعرب في فلسطين.

 

يخصص ليلينثال جزءًا كبيرًا من كتابه لتحليل تأثير اللوبي الصهيوني على السياسة الخارجية الأمريكية. ويشير إلى أن مجموعات الضغط المؤيدة لإسرائيل مثل آيباك تؤثر بشكل كبير وحاسم على صنع القرار في الولايات المتحدة إلى درجة تمكنها من تشكيل السياسات الأمريكية بطرق تتماشى مع المصالح الإسرائيلية، حتى عندما تتعارض هذه السياسات مع المصالح الأمريكية الأوسع أو تعرقل فرص تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

 

الدعم الأمريكي لإسرائيل:

يستعرض الكتاب تفاصيل الدعم المالي والعسكري الأمريكي لإسرائيل، الذي يعتبره ليلينثال عاملاً رئيسياً في استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويوضح كيف أن هذا الدعم غير المشروط قد مكن إسرائيل من تنفيذ سياسات وإجراءات عسكرية قاسية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الاحتلال والاستيطان والاعتداءات العسكرية. ويؤكد الباحث ليلينثال بأن الولايات المتحدة، من خلال تقديم هذا الدعم، تتحمل مسؤولية كبيرة في تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة وتزايد التوترات.

 

الإعلام الأمريكي ودوره في تشكيل الرأي العام:

ينتقد ليلينثال بشدة دور وسائل الإعلام الأمريكية في تغطية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويزعم أن الإعلام الأمريكي يقدم غالبًا صورة منحازة لصالح إسرائيل، متجاهلاً معاناة الفلسطينيين ووجهات نظرهم. ويعرض الكتاب أمثلة على كيفية تقديم الأخبار بشكل يمكن أن يخلق انحيازًا في فهم الجمهور الأمريكي للصراع، مما يؤدي إلى تأييد سياسات أمريكية غير متوازنة. لذلك يؤكد ليلينثال على أهمية الإعلام المتوازن في تشكيل رأي عام واعٍ وداعم لسياسات أكثر عدلاً.

 

التكلفة البشرية للصراع:

يلقي ليلينثال الضوء على التكلفة البشرية للصراع، مشيرًا إلى أن السياسات الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا قد أدت إلى معاناة كبيرة بين الفلسطينيين. ويتضمن الكتاب تفاصيل حول عمليات التهجير القسري، العنف اليومي، والظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الفلسطينيون بسبب الاحتلال والاستيطان. ويوضح أن هذه السياسات لا تؤدي فقط إلى انتهاك حقوق الإنسان، بل تساهم أيضًا في زيادة الكراهية والتطرف، مما يجعل تحقيق السلام أكثر صعوبة.

 

الدعوة إلى إعادة التقييم:

يدعو ليلينثال في نهاية الكتاب إلى ضرورة إعادة تقييم شاملة للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط مشددًا على أن النهج الحالي المنحاز لإسرائيل لا يخدم المصالح الأمريكية على المدى الطويل ويزيد من تعقيد الصراع. لذلك يقترح الباحث تقليل الدعم المالي والعسكري لإسرائيل كخطوة أولى نحو سياسة خارجية أكثر توازنًا. بالإضافة إلى ذلك، يدعو إلى دعم حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتشجيع مفاوضات حقيقية بين الأطراف المتنازعة، مستندًا إلى قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.

 

في النهاية:

يدعو ليلينثال إلى تبني نهج جديد يعترف بحقوق جميع الأطراف ويعمل على تحقيق سلام عادل ودائم. مبيناً أن الولايات المتحدة، من خلال إعادة تقييم سياستها الخارجية وتبني موقف أكثر حيادية، يمكنها أن تلعب دورًا بناءً في تحقيق الاستقرار والعدالة في المنطقة.