وطنا اليوم:بحضور معالي الأستاذ الدكتور خالد الكركي رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ونائب رئيس الوزراء وزبر الثقافة السابق، تم أمس الثلاثاء في المكتبة الوطنية إشهار كتاب (قرية الطيبة في الكرك “خنزيرة سابقاً” بين الزمان والمكان) لمؤلفه العميد الركن المتقاعد محمد رجا البطوش، وقد ضمت لجنة الإشهار معالي سمير حباشنه، عطوفة الأستاد الدكتور على محافظة، وعطوفة الدكتور بكر خازر المجالي، وقد أدار الحوار الشاعر والأستاذ المعلم محمد عبد الرزاق السواعير.
وقد إستهل الحفل عطوفة مدير عام المكتبة الوطنية الأستاذ الدكتور نضال العياصرة بكلمة ترحيبية بالحضور، وبين أهمية دور المكتبة الوطنية برعاية الحركة الثقافية بالمملكة، ودعم الكتاب، وأهمية توثيق تاريخ المدن والقرى الأردنية، بما يحافظ على الهوية الوطنية، وأن كتاب المؤلف البطوش يشكل إضافة مهمة للكتب التي وثقت القرى الأردنية ذات التاريخ القديم.
وقدم الأستاذ الدكتور علي المحافظة قرائته حول الكتاب، بأن المؤلف أجاد في الكتابة عن تاريخ وجغرافيا قرية الطيبة، فشمل بحديثه الحياة الإقتصادية والإجتماعية والزراعية وغيرها التي كانت سائدة بالقرية قبل قرن من الزمن، وبأن القرية يعود تاريخها إلى العصر البرونزي بين ألف الرابع والألف الثاني قبل الميلاد، وذكر كيف أن المؤلف تتبع تاريخ عشيرة البطوش وإمتدادها وتفرعها في الأردن والأقطار العربية، وصلاتها بالقبائل العربية الأخرى، وإعتزازه بعشريته وشيمها، ودور العشيرة في هية الكرك 1910-1911، وأشاد بتوضيح المؤلف لإسم القرية القديم (خنزيرة) كما ورد في الشعر العربي الجاهلي والإسلامي بأن معناه (الهضبة الطويلة)، وسرد تاريجها بالعهد المملوكي والعثماني القديم، والتوسع بالحديث عن اشتراك عشيرته بثورة فلسطين، ومعركة السموع، وحرب حزيران وغيرها. إلى جانب بيان دور أبناء العشيرة بالحركة التعليمية والقوات المسلحة والقضاء والمحاماة والطب وغيرها من القطاعات المتنوعة. ولم يخلو الكتاب من الشعر النبطي والشعبي، ودعم ذلك بتوثيقات وصور من مناطق متنوعة بالقرية، ورجالها وشهدائها. وقد بين الدكتور محافظة بأن الكتاب مهم لأنه يتناول بلدة مهمة من البلدات الأردنية، التي ساهمت في بناء الوطن الحديث، وفي صعود نهضته المباركة، وأن يستحق القراءة والإقتناء.
في حين بيّن معالي الدكتور خالد الكركي، بأن المؤلف قد بذل جهداً ليس بقليل لتوثيق تاريخ قرية الطيبة في الكرك، وأن كتابه يعتبر إضافة هامة لملف الكتابة الوطنية حول تاريخ وجغرافيا الوطن وأهله، وتتبع للحركة الإنسانية لأهلنا الذين شكلوا أنماطاً من النشاط الاقتصادي والثقافي والعسكري، وأسسوا لأنفسهم جداراً يحمي البلدة الطيبة وجوارها. وأن قرية الطيبة كما رسم ملامحها المؤلف، هي في موقع كريم عند أهل الوطن، ويشكلون صورة من الحكمة والصبر والوفاء والكرم، كما هي الصورة عند إخوانهم عبر سهول الوطن وجباله وبيوته وسيوفه. وأضاف بأن القرى كانت منبع لتعليم اللغة العربية الرصينة، وتعاليم الدين، وأنشات رجال كان لهم مساهمة طيبة في بناء الوطن والدفاع عنه.
أما الدكتور بكر خازر المجالي، فقد بين بأن المؤلف عرض كتابه بسمو شخصية كركية تعالت عن الجهوية والمناطقية الضيقة، وتحدث عن قريته وعشيرته كعشيرة أردنية فلسطينية لها تاريخ يمتد فوق المكان الذي لا حد له في تاريخ الأردن وفلسطين، وتساءل لما أسقط المؤلف الحديث عن نفسه كضابط رصد مدفعية في معركة الكرامة الخالدة، وقتاله في حرب تشرين، ودوره في تدريب جنود الدول الشقيقة، وبين بأن أهمية هذه الكتب بتوثيق قصة كل قرية أردنية، بزمانها ومكانها، وأبطالها، وشهدائها ومشاركتها في النظال الوطني والقومي، وأن هذا التوثيق يجب أن يكون منهج يدرس ومادة ثقافية تتولاها الجهات المعنية بما يحفظ التاريخ الوطني، فهو يساهم في بناء الدولة وتعزيز المسار الحضاري. وبين كيف أن المؤلف عرض لموروث الشيخ عبد الغني بن فلاح العثامين البطوش، كرمز من رموز العشيرة، وعرج على التحالفات مع عشائر الكرك التي قادت إلى مقاومة الأتراك، ودبلوماسية الشيخ عبد الغني التي أنتجت نجاحات وسط تناحر العشائر والصراع ظل الحكم التركي. وبين كيف كان لأهل الطيبة دور بايصال السلاح إلى فلسطين لدعم المقاومة بمواجهة الإحتلال خلال الثورات، وما قدمته القرية من شهدائئا دفاعاً عن الوطن وفلسطين.
بينما أوضح مؤلف الكتاب محمد البطوش بأن فكرة توثيق تاريخ قرية الطيبة كانت تراودة منذ الصغر، لما وجد فيها من آثار ومناطق جميلة جداً، ومئات عيون الماء، وما قرأ عنها بكتب التاريخ، وسيرة نضال أهلها، وإمتداد العشيرة داخل وخارج القرية والوطن، وأنه فخور بقريته صغيرة المساحة، كبيرة الشأن بأهلها، وأنه قام بواجبه إتجاهها بالكتابة عنها وعن تاريخها، وإبراز دورها قبل الإسلام وبعده، والدفاع عن الوطن وفلسطين، وأن هذا الكتاب هو الأول بتوثيقه للقرية، يشكل باكورة عمل يمكن البناء عليه لقادم الأيام، موثقاً أهميتها في ذاكرة الزمان والمكان ، باعتبارها منبعاً للعلم والأدب والثقافة والمروءة.
وفي نهاية الحفل الذي حضره عدد من أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة، ومن مختلف عشائر البطوش وغيرهم من العشائر الأردنية، دار حوار بين الحضور، ثم تم توقيع الكتاب من قبل المؤلف، وتوزيع نسخ منه على الحضور.
وإختتم الحفل بتقديم عطوفة الدكتور نضال العياصرة مدير عام المكتبة الوطنية هدية (مجلدات جريدة الشرق العربي الطبعة الثانية) من إصدارات المكتبة الوطنية، لمؤلف الكتاب العميد الركن المتقاعد محمد البطوش، ومعالي الدكتور خالد الكركي، والاستاذ الدكتور علي محافظة، والدكتور بكر المجالي، بمناسبة اليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك عبد الله على العرش.
يذكر بأن الكتاب يقع على 188 صفحة من المقطع المتوسط، مع ملاحق تتضمن توثيقات وصور لمناطق متعددة في قرية الطبية، ولرجالات والشهداء من أبنائها، وكذلك ملف خاص بالمؤلف وسيرته العسكرية، وتم طباعته لدى شركة مطبعة عمال المطابع في عمان، وقد تم تزويد عدد من المكتبات والجامعات والجهات المهتمة بنسخ منه، وكذلك قامت وزارة الثقافة بنشره على موقعها الإلكتروني، ضمن الكتب الإلكترونية والمصنفات الأدبية الجديدة.