وطنا اليوم_
كتب الدكتور حازم القرالة رئيس اللجنة الإعلامية بنقابة الأطباء
تصريحات مقلقة حول تعديلات نظام الموارد البشرية صدرت من الحكومة خلال الأيام الماضية ورغم شح المعلومات المصرح بها إلا أنها حملت في طياتها تعديلات جوهرية خطيرة قادمة في هذا النظام ستكون نتائجها ذات أثر بالغ على الجميع، والمتابع للتصريحات الحكوميه يجد أنها تركزت في ثلاث نقاط وهي تحويل الوظائف الحكومية بعقود تجدد سنويا ومنع او تقليل مدة الاجازة دون راتب وتغيير آلية إحتساب الرواتب.
ولا شك أن أخطرها على الإطلاق هو تحويل الوظائف الحكومية لعقود تجدد سنويا بناء على عدة معايير منها الأداء الوظيفي وتكمن خطورة هذا القرار في المساس المباشر بالأمان الوظيفي للموظف الذي سيعيش تحت وطأة القلق والخوف من ضياع وظيفته مصدر رزقه خاصة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد من التراجع الكبير في الظروف الاقتصادية للمواطنين، أيضا مثل هذا القرار قد يجعل الموظف تحت رحمة ومزاجية رئيسه المباشر وسيكون تحت تهديد دائم بالتقارير السنوية التي قد تنهي وظيفته لأسباب ليس لها علاقة بأدائه مثل المزاجية وغيرها.
قد تكون العقود السنوية أيضا مصدر تهديد للموظف الذي يمارس نشاطات سياسية معينة أو بسبب أنشطته النقابية التي قد لا تأتي على هوى صانع القرار وهنا نطرح السؤال أمام الحكومة هل سيخير الموظف مستقبلا بين فكره ومصدر رزقه.
أما فيما يتعلق بمنع أو تقليل مدة الاجازة دون راتب فقد جاء التبرير الحكومي أن هذا القرار يهدف إلى منع هجرة الكفاءات.
وبالرجوع إلى واقع الحال فإن آلاف العاملين في القطاع العام يستفيدون من حق الاجازه دون راتب والذي يمتد لثلاث سنوات كحد أقصى في معظم الوزارات بتعليمات تصدرها، ومعظم هؤلاء الموظفين هم في مقتبل العمر يتوجهون لدول الخليج تحديدا لتحسين أوضاعهم الاقتصاديه ثم يعودوا يلتحقوا بمراكز عملهم في القطاع العام ونسبة بسيطه جدا منهم لا تتجاوز ٣٪ من تترك عملها ولا تعود إليه.
تشكل الاجازة دون راتب حلا مثاليا اليوم لموظف القطاع العام في مقتبل عمره فمعظم هؤلاء مثقلون بالديون ويعانون بشكل كبير من ضيق الحال والاجازة دون راتب بمثابة طوق النجاة لهم لسداد ديونهم وحل مشاكلهم الماليه المتفاقمه ففترة ثلاث سنوات كافية لاستعادة التوازن المالي لديهم ومن ثم عودتهم بوضع مالي افضل وبالتالي حتما نفسية مريحة للعمل والعطاء بشكل أكبر.
وهناك إيجابيات أخرى لهذه الإجازة منها إحتكاك موظف القطاع العام بزملاء آخرين من عدة دول وبالتالي تبادل الخبرات وإكتساب مهارات جديده ستشكل إضافة نوعية للقطاع العام هذا بالإضافه للمساهمة في إدخال العملة الصعبة للبلاد.
معظم دول العالم والجوار تحديدا تسعى ضمن خططها لتحسين القطاع العام لديها لمحاولة خلق بيئة عمل مناسبه للموظف وإراحته ماديا ومعنويا وتطويره عن طريق اكتساب المهارات الجديده ومبدأ الاجازة دون راتب إحدى هذه الطرق الذي تحرص عليه الحكومات في خططها.
وبالحديث عن نظام الخدمة المدنية فإنه يسمح في نصوصه للوزارة المعنية باستقطاب مكان الموظف المجاز دون راتب لموظف آخر كموظف أصيل وبالتالي أيضا هناك إيجابيه أخرى وهي زيادة عدد الموظفين في الوزارة المعنية مما يشكل حلا ولو جزئيا لمشكلة البطالة وحلا أيضا للوزارة ذاتها بإحتواء أي نقص يحصل لديها نتيجة حصول أي موظف على إجازه دون راتب.
اعتقد أن هذا القرار سيكون له تبعات سلبيه على الوزارات المعنية وعلى العاملين فيها وستكون آثاره عكسيه تماما وسيؤدي إلى هجرة الكفاءات بشكل نهائي بدل من خروجها لفترة زمنية محدده فوضع موظف القطاع العام اليوم بين خيار فقدان الوظيفة براتب لا يكفيه وخيار الراتب المريح سيجعل معظم هؤلاء الموظفين يختاروا ترك وظائفهم بحثا عن مصدر رزق أفضل لاسيما اذا ما أدركنا الفجوة الهائلة في الراتب والتي تصل في بعض الوظائف لسبع أو ثمان أضعافه عما يتقاضاه الموظف العام في الأردن.
القرار الثالث بخصوص رواتب القطاع العام جاء مبهما دون أي تفاصيل وننتظر الاسبوع القادم لصدور النظام لمعرفة خباياه ولكن ادعو الله أن يكون المكتوب غير عنوانه.