نضال المجالي
أعلن نيتي الصادقة لاكون صوتكم غير المسموع، ونبضكم غير المحسوس، وسندكم الذي لا ينكسر، أعلن لكم وأنا صادق! بأني سأكون خير من يمثلكم، وأول من يستقبلكم، وآخر من يودعكم، سأكون من يحقق أمانيكم ويلبي طموحاتكم وطلباتكم، أعلن لكم أهلي وعشيرتي وأصدقائي وأبناء دائرتي وكل الوطن ترشيح نفسي للمجلس العشرين، لأكون المنقذ العظيم والنور المرشد لكم، لأكون من ينسيكم غيابي وغياب كل من اخترتموهم في المجلس التاسع عشر لانشغالي وانشغالهم في السنوات الماضية بمصلحة الوطن!
عادي!! هاي أسطوانة مشروخة بدأنا نعيش موسمها هذه الأيام، مع العلم أنه قد يكون مرشحنا صادقا بها أو قد يكون بخلاف ما نعلمه من حقيقة ذلك، ولكن كالعادة نجامل في قبولها، واحيانا نطلق وعود التجديد وجمع السند والحفيد، وإطلاق التهديد والوعيد لمن خالفنا وليس بصف مرشحنا، ولكن أقول إن أردنا أن نعيد أسف ونحيب الماضي، فعلينا أن نقبل أن أي ضعف أو نقد أو تعطل أو ضرر ليس نائبنا سببه، بل نحن من اخترناهم ومن يفكر بإعادة من لمن نراه ونسمع اتصاله إلا لمصلحته، ولنعلم أن بإعادة اختياره يصدق المرشح بما وصف به نفسه، بأنه نبضنا وصوتنا وصورتنا التي لن تغيب، فهو لم يكذب في بيانه وخطابه ان كان قد ألقاه أو شاركنا به، بل هو يؤكد لنا أننا صوت وصورة اختياره، وليس شخصه وحقيقته، فهو إنسان سار ككثيرين لتحقيق مصلحته وهي طبيعة بشرية، ولهذا ينصح كما يقال في المثل “المجرب لا يجرب” ولكن هل منّ متعظ!
الطريق إلى البرلمان قد يعتبره الناخبون صعبا فترى عزوف التفكير بالترشح، ولكن في حقيقة وخطط كثير من المرشحين ممن “يملكون” وأصحاب الخبرة ليس صعبا، فالنتيجة نحو قبة البرلمان لا علاقة لها بما تعلمناه في مادة الحساب، فنتيجة الفوز هنا معادلة مفادها ان مجموع الآلاف من الناخبين كعدد أن اجتمعوا تساوي رقما واحدا، وليس ما نظنه وحسبناه عند الاختيار، ان نائبا واحدا ان اخترناه هو شكل ومضمون مجموع الآلاف منا، فنحن في توافقنا عليه ما لم نكن نختار الوعي ومصلحة الوطن لسنا اكثر من طريق معبدة بانارة ولوحات ارشادية واضحة، لنكون نتيجة محتومة ورقما يحصى في ذهن شخص واحد ليتقدم نحو البرلمان.
وهنا السؤال من نختار؟ فكل مرشح هو نموذج ناخبيه، فهو اما أن يكون نائبا حاملا هم الوطن ويملك الكفاءة فيستحق عندها الاختيار، أو نائبا حاملا هم الوطن ولا يملك الكفاءة فنقع في مصيدة المحترم وكأننا نختاره مرشحا لجائزة الأخلاق الحميدة، وبين نائب حامل همه وهم أبنائه الاقربين ويكن مشاعر للوطن فهو خيار السوء، وبين نائب حامل همه وهم أبنائه وعشيرته الأقربين ولم يحمل غيرهم وهو مصيبة الوطن الأسوأ وهم كثير، ولكن ما يجمعهم ان كل منهم نحن من نختاره ونعزز وجوده على كرسي النيابة، وهو وفق ما نراه اما يسير بثبات نحو رفعة قبة البرلمان أو نحو قائمة نائب الخذلان.
ما يعيشه الوطن اليوم وكل يوم أكبر مما كان في أي وقت مضى، وما تأمله الدولة من مكانة ووعي ومستقبل اعظم من فكر نائب مصلحة، ومن نشهدهم في كل مجلس جديد أصبح أقل من طموحات الشعب وان كان بينهم من هو فعلا نموذج الفكر والعطاء وصناعة التغيير، ولكن بالأسف نقول قليلا وأكثر بقليل، ومن يقول غير ذلك أذكره أننا شهدنا رصدا لراصد في المجلس التاسع عشر وغيره من مجالس يؤكد أن عشرة نواب لم يتحدثوا ولو بكلمة واحدة، ونوابا لم يؤثروا إيجابا بسكنة واحدة، ونوابا تسلقوا سطوح وأكتاف الوطن ومؤسساته وناخبيهم، ونوابا سافروا واجتمعوا نقاهة على حساب الوطن، وفي كلٍ لا تعنيني اسماءهم او حديثهم بقدر من وقع بغبن اختيارهم، ولهذا أقول الحذر الحذر، فالوطن بمجموعه أولى من أي قيمة تدفعك للاختيار أكانت حزبية أم عشائرية أم مالية أم سياسية، ولنحسن خيارنا ليكون نائباً جديدا غير مجرب بسوء ان نظرت خلفه ترى لائحة اتهام طويلة تلحقه.