منذ بدء الالتهاب في المنطقة مع تصاعد العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة، ومع توسع دائرة الصراع بعد أن سخنت المواجهة بين إيران ودولة الاحتلال منذ استهداف قادة إيرانيين سواء في سوريا أو لبنان، وحتى “ليلة الصواريخ” الشهيرة، كان الأردن، في خضم كل ذلك وقبله اندلاع المواجهات في البحر الأحمر، يؤكد دوماً بأن اصطفافه السياسي واضح كما عين الشمس ولا لُبس فيه، فنحن مع الأهل في القطاع بكل ما أوتينا من قوة، مع التأكيد بالمقابل على قوة وصلابة الجبهة الداخلية وعدم السماح، بأي شكل من الأشكال ولأيِّ كان، جر الأردن إلى مواجهة تتعارض مع مصلحته ومع مصلحة “شعبنا الثاني” في فلسطين، وفي الوقت عينه رفض استخدام أرض بلادنا أو سماءها أو مياهها من قبل أي طرف ضد طرف آخر.
ومع أن تلك ثوابت أردنية لا حياد عنها، إلا أن هناك من حاول التشكيك بصلابة الجبهة الأردنية الداخلية، وهم أنفسهم من حاولوا جاهدين اللعب على حبال “صورة” أو “فيديو” هنا أو هناك لتصوير الأردن وكأنه دخل في مواجهة داخلية على صدى العدوان الغاشم على غزة!
وفيما انشغلت تلك “الطوابير الخبيثة” بمحاولات تسميم أجواء “الصفو الأردني”، فقد جاءت زيارات جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، وبمرافقة جلالة الملكة رانيا العبدالله وسمو الأمير حسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، إلى محافظات الأردن، والالتحام مع كافة أبناء الشعب، لتضع حداً لكل تلك “الترهات”.
جولات الملك إلى المحافظات والقرى والبادية رسالة أردنية عاجلة و”ساخنة” لهؤلاء مفادها أن “ارتاحوا” ولا تلهثوا أكثر خلف أوهامكم، فجبهة الأردن يحميها ذلك العهد القديم بين الهاشميين والأردنيين، والمتجذر في الأرض كما شجار الزيتون العتيقة في عجلون وجرش و”سحم الكفارات”، وكما “دحنون” البلاد، وأما عنوان هذا العهد فهو “الأردن أولاً”.
في كل المحطات والمخاضات التي مرت على الأردن منذ تأسيسه، كان الأردن يخرج منها، وفي كل مرة، أقوى من قبل، وفي هذه المرة أيضاً، قفزت الحِكمة الأردنية مجدداً إلى السطح وأوصلت الرسالة إلى كل “معني” دون جعجعة”، بل بكل هدوء، فهل من رسالة أقوى من أن يقول الشعب للعالم : هذه بلادنا التي لا نهادن على أمنها، وهذا قائدنا الذي خلف نهجه وعلى هدي حكمته نسير!
إذن، وبقليل من الكلام، كانت تلك رسالة من الملك ومن قبائل وعشائر وعائلات الأردن إلى كل العالم، هذا عهدنا، وهكذا كنا، وكما نحن سنبقى.