بقلم جهاد مساعده
وصلني أحد المنشورات تسيء إلى المتطوعين وإلى العمل التطوعي، ولا أعلم أن مَنْ كَتب ذلك كان عن قصد أم عن جهل.
وللعلم فقد بادر الأردن منذ حقبة الستينات من القرن الماضي بإطلاق معسكرات الحسين للعمل والبناء، إداركًا من الملك الراحل الحسين بن طلال- رحمه الله- لأهمية العمل التطوعي، حيث كانت تركز تلك المعسكرات على بث روح التطوع لدى الشباب، والقيام بالأعمال التطوعية من بناء للأسوار الجدارية للمنشآت المختلفة، ورصف للطرقات، والمحافظة على الناحية الجمالية للمناطق المختلفة، واستمرت تلك المعسكرات ليومنا هذا حيث أصبح الشباب ينضمون وينظمون معسكرات تطوعية متنوعة تغطي كافة المجالات تبعًا لرغباتهم؛ لترسيخ منظومة قيم العمل التطوعي، وإتاحة الفرصة أمام فئات الشباب للانخراط والاشتباك الفعلي في برامجها.
ولقد توج العمل التطوعي خلال العام 2021 بإطلاق جائزة الحسين بن عبد الله الثاني للعمل التطوعي تقديرًا للقائمين على العمل التطوعي المتميز، حيث تم تكريم أصحاب المبادرات التطوعية المتميزة برعاية ملكية.
ما أثار الانتباه؛ ما تضمنه المنشور من إساءة واضحة للمتطوع وللعمل التطوعي فاتهام المتطوعين أنهم ضحية لمنظمات المجتمع المدني وإلى الأحزاب، واقتبس هنا (الضحية المفضلة للـ NGO’s والأحزاب)، يتبين لنا أن الكاتب ليس لديه المعرفة بمعنى العمل التطوعي، والأسس والمبادئ التي يرتكز عليها. فمبدأ العمل الحزبي هو عمل قائم أصلًا على التطوع لأن العمل التطوعي هو تقديم العون والنفع إلى شخص أو مجموعة أشخاص يحتاجون إليه دون مقابل مادي أو معنوي.
كما لا ينكر أحد دور بعض المنظمات التي تقدم العمل التطوعي على الساحة الأردنية بما ينسجم مع التشريعات والقوانين الأردنية، وما تقدمه من تدريب للمتطوعين وتمكينهم.
إن ما تناوله المنشور من وصف المتطوع بـــ( أفضل طرّيش كندرين في المملكة) فهذ لا ينقص من عمل المتطوع شيئًا إذا كان الهدف منه المحافظة على المنظر الجمالي للمدينة، أو رسم جدارية ما دام أن المتطوع قد قدم جهده ووقته لخدمة المجتمع.
وتناول المنشور أيضًا الحديث عن (بطل الشرق الأوسط في المناظرات) فالكاتب يجهل معنى المنظارات وأهميتها، حيث أصبحت المنظارات علم وفن تكسب المتطوع المهارات وفن الحوار، وإذا كان أحد من الشباب المتطوع قد حصل على هذا اللقب فإننا نتفنخر به ونقدر عمله، لأنه لا يناظر إلا من كان لديه العلم والمعرفة في القضية التي يتم طرحها للمناقشة.
كما أن الإشارة إلى (متطوع يعتاش على التفاؤل والمعنويات والمديح) فاعتقد أن هذا الوصف لا ينطبق على متطوع قدم نفسه وجهده لخدمة الآخرين حتى ينتظر المديح والثناء عليه.
وعليه؛ فإن الإساءة للمتطوعين وللعمل التطوعي غير مقبول، وإن كان صاحب المنشور يصف سلوك أحد الأشخاص- الذين قد يعرفهم- فمن غير المقبول أن يعمم ذلك أو أن يسيء إلى فلسفة العمل التطوعي وقيمه المبنية على الحب والتعاون والعطاء وخدمة المجتمع.
فالاتهام والتعميم لا يخدم أحد سوى إثارة الفتنة، لذلك على من أراد النشر أو الكتابة عن التطوع فالأجدر به أن يطلع على الدراسات والأطر النظرية والمفاهيمية للعمل التطوعي وعلى المبادرات والمشاريع التطوعية قبل أن يكتب، وأن لا يخلط الحابل بالنابل، ويهرف بما لا يعرف، فالمتطوع لديه حقوق وواجبات تضمنها ميثاق العمل التطوعي، ومن لا يلتزم بذلك الميثاق لا يمكن أن نطلق عليه صفة متطوع. واختم بقول الشاعر:
فتشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح.