ا د هاني الضمور
استاذ التسويق الدولي
رئيس جامعة ال البيت سابقا
في خطوة تاريخية نحو تعزيز الخصوصية الرقمية، شهد الأردن دخول “قانون حماية البيانات الشخصية” حيز التنفيذ في فبراير 2024. هذا القانون، الذي أُقر في أغسطس 2023، يمثل لحظة فارقة في السوق الرقمية الأردنية، حيث يقدم إطارًا قانونيًا يهدف إلى حماية المعلومات الشخصية للأفراد وتنظيم استخدامها ومشاركتها. بدأت مسيرة هذا القانون في عام 2014 بمبادرة من وزارة الاقتصاد الرقمي، ومر بعدة مراحل من المراجعة والنقاش التي شملت مشاركة من الخبراء والناشطين الرقميين، وصولاً إلى تصديقه وتنفيذه الرسمي.
من منظور تسويقي، يعد هذا القانون بمثابة نقطة تحول مهمة للشركات التي تعتمد بشكل كبير على البيانات في استراتيجياتها التسويقية. إن التزام الشركات بقواعد القانون الجديد لا يُعزز فقط من حماية البيانات الشخصية، بل يُمكن أن يُحسن من ثقة العملاء ويعزز العلاقة بين المستهلكين والعلامات التجارية.
تقديم الحماية القانونية لبيانات العملاء يؤدي إلى تعزيز الثقة الرقمية، وهي عنصر حيوي لنجاح الأعمال في عصر المعلوماتية. الشركات التي تظهر التزامًا جديًا بحماية البيانات ليس فقط تلبي التزاماتها القانونية، بل تبني أيضًا سمعة قوية في السوق، ما يُمكن أن يترجم إلى ميزة تنافسية قوية.
فرص التسويق الرقمي في ظل القانون الجديد تتطلب من الشركات التفكير في كيفية جمع واستخدام البيانات بطرق تحترم خصوصية الأفراد وتحافظ على أمانهم. هذا يشمل تطوير استراتيجيات للحصول على الموافقات الصريحة والشفافة من العملاء قبل استخدام بياناتهم في حملات التسويق أو الإعلان.
بالإضافة إلى ذلك، يُمكن للشركات الاستفادة من القانون كأداة لتعزيز المبادرات المتعلقة بالابتكار في مجال الخدمات والمنتجات التي تركز على الخصوصية. منتجات مثل التطبيقات التي توفر مزايا أمان متقدمة أو الخدمات التي تتيح للمستخدمين التحكم الكامل في بياناتهم قد تجد إقبالاً كبيراً في سوق يزداد وعياً بأهمية الخصوصية. هذا يفتح المجال للشركات للابتكار في تقديم حلول تكنولوجية تلبي هذه الاحتياجات، مما يخلق فرصاً جديدة للنمو والتوسع.
من ناحية أخرى، القانون يُمكن أن يُحدث تحديات للشركات التي تعتمد على نماذج أعمال تركز على استخدام وتحليل البيانات الكبيرة. ستحتاج هذه الشركات إلى إعادة تقييم سياساتها وعملياتها لضمان الامتثال للمتطلبات الجديدة، مما قد ينطوي على تكاليف إضافية وجهود تكيف كبيرة.
كذلك، يُعتبر القانون فرصة للشركات لتعزيز مصداقيتها في الأسواق الدولية. الامتثال لمعايير حماية البيانات التي توازي القوانين الدولية مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي يمكن أن يُعزز من قدرة الشركات الأردنية على العمل والتوسع في أسواق أوروبا وغيرها من الأسواق التي تتطلب معايير عالية لحماية البيانات.
أخيراً، قانون حماية البيانات الشخصية في الأردن يقدم للشركات فرصة لتكون رواداً في مجال الخصوصية، مما يتيح لهم تعزيز ثقة العملاء وتقديم قيمة مضافة من خلال التزامهم بحماية البيانات. هذا الالتزام ليس فقط واجباً قانونياً، بل هو أيضاً استثمار في سمعة ونجاح الشركة على المدى الطويل.