“أحبكم … رغم أنف الجميع” بقلم المهندس باسل قس نصر الله

12 أبريل 2024
“أحبكم … رغم أنف الجميع” بقلم المهندس باسل قس نصر الله


وطنا اليوم_
     كل عامٍ وأنتم بألف خير.

     كل عامٍ وكل الأعياد هي أعيادنا جميعاً وهي التي تجمعنا على محبة الله والوطن والإنسان.

     وصلتني سابقاً، كلمات بسيطة تحمل في طياتها عبق أكثر من خمسين عاماً من الصداقة.

     أقل من عشرة كلمات اختصرت آلاف الاجتماعات والحوارات الدينية والقُبلات أمام أجهزة الإعلام.

     أعادتني إلى طفولتي وأصدقائي في مدرستي بحلب “الأخوة المريميين Les frères maristes” والتي كانت إحدى نماذج الإخاء في سورية.

      إلى أيام لم نكن نعرف المسيحي من المسلم، ولا السني من الشيعي ولا الكاثوليكي من الأرثوذكسي، ولا .. ولا .. ولا.

      كنّا في صفٍ دراسيٍ واحد، على مقاعد مرسومة من طفولتنا …

     نلعب ونتبادل الطعام.

     ندرس و”نّشخبط” على صفحات دفاترنا وأرصفة مدينتا، ونركض ونلعب ونشرب المياه من حنفيات تحمل بصمات شفاهنا.

     وكنّا نتمنّى أن تطول فترة اللعب بين الحصص لأننا نكون قريبين من بعضنا البعض.

     هكذا كنا أطفالاً … وبقينا هكذا كباراً …
    
قلتُ بأن بضعة كلمات وصلتني من صديق طفولة اسمه “أحمد ميري” كانت عبارة عن إجابة لتهنئتي له بالعيد فأجابني “وأنت بألف خير يا أخي العزيز رغم أنف الجميع”.

     بهذه الكلمات اختصرنا – منذ طفولتنا – آلاف المحاضرات حول الإخاء الديني والكثير من القبلات الفولوكلورية بين المرجعيات الدينية.

     بهذه الكلمات البسيطة أعَدنا رسم خارطة المحبة الإنسانية بدلاً من كرنفالات الإبتسامات الزائفة.

     بهذه الكلمات الرائعة النابعة من قلبٍ كبير لأصدقاء طفولة كانو صغاراً، أخذتُ مناعة أكثر، من خوفٍ ينتابني على مستقبلٍ تتلاعب به الأقدار.

     أحبكَ صديق طفولتي، وأصدقاء مدرستي وأبناء وطني وسوريتي.

وتعود بي الذكرى إلى بساطتنا في محبتنا جميعنا – كأصدقاء طفولة – لبعضنا البعض.

     بدون عُقدٍ دينية ..

     بدون معرفة مَن مِن الأطفال هو مسلم أو مسيحي، سني أو درزي أو كاثوليكي أو أرثوذكسي.

     ببراءة وُلدت صداقتنا ومحبتنا بدون أن يوجهنا أحدٌ لذلك … وبعيداً عن الكثير مِن كلام المنابر والقبلات التمثيلية والإبتسامات الفارغة.

     اليوم – نحن الذين لم نُهاجر – ذَهَبنا كرجالٍ كانوا أطفالاً في مدارسهم، لمعايدته في المنزل وشريط الذكريات يمرّ والأيام والسنين تُغيّرنا، لكن قلوبنا ما زالت متعلقة بهؤلاء الصغار المشاغبين ببراءة، مع ذكريات الماضي التي كأنها لم تتجاوز أكثر من نصف قرن.

يا صديقي ويا أصدقائي

     مهما كنتم
    
مسيحيون أو مسلمون أو من أية ملةٍ كنتم.

     أحبكم يا أخوتي ويا ابناء سوريتي .. رغم أنف الجميع.

     اللهم اشهد اني بلغت