كتبه المهندس خالد بدوان السماعنة
كعادته -سدده الله- يؤكد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وأمام المجتمع الدولي ضرورة توفير الدعم اللازم لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)»، حسب ماذكرت «وكالة أنباء العالم العربي». وهو عين ما أكده جلالة الملك خلال استقباله المفوّض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني. كما وحذّر جلالته من استمرار تدهور الأوضاع في قطاع غزة.
وذلك بحسب البيان الذي أصدره الديوان الملكي الهاشمي العامر.
ولدي هنا سؤالان لا محيد عنهما …
السؤال الأول الذي يطرح نفسه: هل هان أمر إيقاف الدعم عن الأونروا واستحال أمر ايقاف الحرب على غزة ؟؟.
والسؤال الثاني: هل سيدفع الأردن ثمن مواقف قائده المشرفة والراسخة مرة أخرى؟. والمواقف هي التي تريك الحقيقة في زمن النفاق والتملق والخديعة.
لقد حق لنا والله إن نتمثل ببيت قديم من الشعر جرى على ألسنتنا في كل مجلس:
لقد هزلت حتى بدا من هُـزالها ..
كلاها .. وحتى سامها كل مفلس
ولم الغرابة؟! .. ففي عالم اليوم بات الاستثمار في الأزمات والصراعات أيسر بكثير منه في عملية البناء والتعمير.
وهاهو اسلوب عقاب جماعي جديد يفرض على الغزاويين خصوصا . والأردنيين عموما الذين أصابوا كبد الحقيقة بمواقف مليكهم الصعبة في زمن صعب جدا يمر على الأردن والأردنيين. وهل سيعاقب الأردن جراء مواقفه تجاه القضية الفلسطينية عموما ومايجري من عملية إلابادة جماعية في قطاع غزة خصوصا؟
فالموازنة السنوية لعمليات الأونروا واسعة النطاق بالأردن تبلغ حوالي 145 مليون دولار، ويعمل بها قرابة 7 آلاف موظف، وتلعب الوكالة دورا حيويا في تقديم الخدمات الأساسية لمجتمعات لاجئي فلسطين بالأردن.
وهاهو رئيس العاملين لدى الأونروا سابقاً -كاظم عايش- يشير إلى أن “قرار تجميد الدعم المقدم للأونروا سيقع عبئه على الحكومة الأردنية، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها المملكة، وبالتالي الأردن سيكون من أكبر المتضررين من قرار تجميد دعم الأونروا”.
فما مصير كل هذا وهؤلاء؟!. وكيف سيتعامل الأردن مع هكذا حالة؟!.
ولو فرضنا – جدلا- وجود أشخاص من الوكالة الدولية في غزة تعاونوا مع بعض فصائل المقاومة هناك، فهل من المنطق والمعقول والمقبول أن يتوقف كامل الدعم لكامل المنظمة لأجل ذلك ؟! وما هو البديل ؟!.
لقد انكشف الغطاء من جديد عن منظمات إنسانية صنعها العالم المتحضر لحماية الإنسانية يجعلها تقف عاجزة بل عارية لا حول لها ولا قوة.و لي أن أتمثل بشعر المهلهل التغلبي يرثي ويبكى أخاه كليبا وأنا أرثي وأبكي على أنقاض غزة وأقول:
يا لَهفَ نَفسي مِن زَمانٍ فاجِعٍ
أَلقى عَلَيَّ بِكَلكَلٍ وَجِرانِ
بِمُصيبَةٍ لا تُستَقالُ جَليلَةٍ
غَلَبَت عَزاءَ القَومِ وَالنِسوانِ
هَدَّت حُصوناً كُنَّ قَبلُ مَلاوِذاً
لِذَوي الكُهولِ مَعاً وَلِلشُّبانِ
أَضحَت وَأَضحى سورُها مِن بَعدِهِ
مُتَهَدِّمَ الأَركانِ وَالبُنيانِ
أي عقل له أن يتحمل رؤية منظمات يسحب عنها غطاؤها المالي والمادي لتصبح مثلا في العجز والترهل؟!!
في اليمن وفي وقت ليس بالبعيد يوقف البرنامج العالمي للأغذية معوناته ! لماذا؟!
الجواب: التمويل محدود!.
وهاهو المشهد يتكرر بطريقة أكثر بشاعة وفظاعة مع الوكالة الدولية UNRWA
ظلمة ما بعدها ظلمة .. أنارتها مليارات تدفع للتلسيح وقتل الأبرياء وجريان أنهر الدماء الزكية، ولم تقو خزائن ذهبهم وفضتهم على إغاثة عراة وحفاة وجوعى في قطاع غزة.
أي عالم هذا الذي يعيش فيه الإنسان؟ وأي ظلام حالك هذا الذي يحل على البشرية؟
عالم جرت فيه أنهر من الخذلان، وعانى من سدود الطغيان أمام جريان سيول الإنسانية .. وترك فيه الإنسان أخاه الإنسان شريدا.. جريحا ..وقتيلا.
لقد كشفت المواقف الشجاعة التي ترتكز على المباديء الراسخة لعميد آل هاشم أولئك الذين يحترفون فن الدعاية والإعلام، والكلام المعسول .. وأعادت عقولنا إلى حظيرة الوعي.
وأكدت من جديد في رسالة واقعية أن الأردن مستهدف بكامل مكوناته، وأن مواقف عميد آل هاشم من محنة أهلنا في غزة والتي يحاول البعض – جاهدا – التقليل من شأنها، كانت مواقف صعبة وموجعة جدا للحكومة الإسرائيلية وأنصارها.
مواقف صعبة من سيد البلاد وشعبه من خلفه .. وردود أفعال من أولئك القوم تؤكد أن ماجرى وإن لم يكن بمدفع أو دبابة فقد أزعجهم وآلمهم أشد الإيلام.
بل وتؤكد مرة أخرى أن المكونات الرئيسية لما نطلق عليه الرجولة هي المكونات الأخلاقية.. والمميز للرجل الحقيقي ليس هو تجنب المخاطر بقدر ماهو التغلب عليها وتجاوزها، وأن تكون ذكرا فتلك مسألة ليست اختيارا، بل جاءت منذ الولادة بعكس الرجولة التي هي اختيار محض تجسده المواقف.
ولو كان النساء كمن فقدنا
لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال