بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
الحديث عن بعض الظواهر الاجتماعية الخطيرة مثل البلطجة وانتشار المخدرات لا يعني مطلقاً الاساءة للجهات الرسمية، بل التركيز على جوانب الخلل والقصور التي أدت الى تفاقم هذه الظواهر بقصد معالجتها، بعد ان انتجت افعال قبيحة مرعبة الحقت بالمجتمع أذى نفسي ولها عواقب مخيفه؛ تجعل الشخص يفكر بصورة جدية ويطرح اسئلة مهمة لماذا تتصاعد هذه الظواهر وتزداد رغم كل ما يقال من ضبط ومتابعة ومطاردة، فالبلطجة وتجارة المخدارت تنتشر بشكل ملفت، وظاهرة البطلجة تترجم على شكل اكشاك وبسطات وتعدي على الشارع العام ومضايقات حتى من يقودوا السيارات يمارسون البلطجة بالسرعة ومضايقة الاخرين والتعدي على حقوقهم، وهناك من البلطجية توكل لهم مهام وتم الاعتراف بهم ويتقاضون مرتبات ويتواجدون على ابواب بعض الشركات وفي النوادي الليلية.
اذكر قبل ثمان سنوات عندما تولى عقل بلتاجي امانة عمان كانت ظاهرة البلطجة تدمر وسط عمان والبسطات تحتل الشوارع، ولا يستطيع احد ان يرافق زوجته او اخته بالشارع دون التعرض للمضايقة، من قبل البلطجية واصحاب البسطات، حتى ان بعض الاسواق مقسمة بين العصابات ويجبرون المحلات على دفع الخاوات، فقرر الرجل آنذاك ان ينهي هذه الظاهرة بعزيمة و حزم، وما يملكه من صلاحيات لترتيب وسط عمان ، رغم كل الضغوط وبلطجة المتنفذين، فاشرف بنفسه على ذلك وقد رافقناه كإعلاميين باحدى جولاته، وعندما اقترب من احد الزعران من اصحاب البسطات حاول ان “يخم الامين بتخويثة فقال لعقل حينها تفضل اشرب قهوة بمسخرة، فرد عليه عقل بكل قسوة فقال له انا لست عقل بلتاجي انا عقل بلطجي” وبدك تحترم القانون غصب عنك.
وللامانة وللتاريخ استطاع الرجل تنظيم قاع المدينة وحماه من الزعران ونظم عمل البسطات، واعرف ان كثيراً من الناس لن يعجبه هذا المثال لكنها شهادة والشهادة امانة في هذا الجانب.
مجنون او غير عاقل من لا يُقر بخطورة سلوك هؤلاء وسبب عدم وجود شكاوى من البلطجة لا يعني عدم وجودها بل يعود للناس حتى يتجنبوا شرورهم ، امس وانا عائد من الكرك عند العاشرة ليلا توقفت امام بسطة خضار على طريق الظهير فكان صاحبها يحتل اربعة امتار من الشارع، فدار الحديث بين اصحاب البسطة انهم ارادوا ضرب شخص اقترب من مكانهم ليبع الخضار على ظهر سيارته، فتدخلت بلطافه فقلت الرزق على الله وانت تحتل 4 امتار من الشارع وما حدا حكى معك، طبعا ايدي على قلبي من رد فعله لكنه قال انا دفعت مخالفة 120 دينار.
هذه البسطة تحتل الشارع منذ اربعة اشهر وامام نظر جميع المسؤولين في الامانة والدولة، هذا المثال ليس الوحيد ولكنه للقياس على مدى البلطجة التي ستأخذنا الى منحنيات عنف مجتمعي مستقبلا شئنا ام ابينا لان البلطجة اصبحت ثقافة تستغل ضعاف النفوس بالرشوة لغض النظر عن افعالهم، وقس على ذلك انتشار المخدرات ترويجا وتجارة .انهم لا يسترزقزن فمن يريد الرزق عليه احترام القانون حينها يجب تكريمه.
هل تستطيع الحكومة انهاء هذه الظواهر بما تمتلكه من سلطة القانون؟
*استاذ العلوم السياسية جامعة البترا
*ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري