الدكتور: خلف لافي الحمّاد
يحتفي الأردنيون بكل معاني الولاء والانتماء في الثلاثين من كانون الثاني، من كل عام بالعيد الثاني والستين لميلاد الملك عبدالله الثاني، الملك الإنسان حامي الديار، شمس أمته العربية الباسم، وقمر لياليها الحالكة، الملك الذي ما فتئ يعزز لدى وطنه، وأمّته ثقتها بنفسها، ودينها، وتراثها، وإرثها الحضاري والإسلامي بعد أن خامرها الشك في ذلك. إذ لا يسعني إلا أن أعبّر عن عظيم ولائي، وانتمائي للعرش الهاشمي؛ ممثلاً بسيدي القائد عبد الله الثاني ابن الحسين.
وفي هذا اليوم، يجدد الأردنيون محبتهم وولاءهم، ووفاءهم للعرش الهاشمي بكل معاني الفرح والبهجة، ويأتي ذلك بالتزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لتسلم جلالته سلطاته الدستورية، ويتطلعون نحو المستقبل لتحقيق ما يصبون إليه من آمال عِراض، وتطلعات واسعة ترقى بالوطن الغالي على الأصعدة كافة.
ومنذ جلوس جلالته على عرش المملكة الأردنية الهاشمية، والأردنيون يتابعون باهتمام بالغ جهود الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الحثيثة، والمتواصلة، فهو لم يَأْلُ جَهْدًا في خدمة شعبه الوفي وقضايا أمته العادلة.
وبهذه المناسبة الغالية على قلوبنا، يؤكد الأردنيون على محبتهم، ومبايعتهم للملك المعزز، وكلهم يقين بأنه نعم الراعي لهذه الرعية؛ فالهواشم يستمدون شرعية دينية، وتاريخية، وقومية ودستورية، كابراً عن كابر.
لا تتسع الصفحات، ولا تسعفني الكلمات في استعراض أفكار الملك، ورؤاه الملهمة في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية كافة، والتي ينادي بها في المحافل كلها إقليمية كانت أم دوليّة، كيف لا، وهو الهاشمي ابن الهواشم الذين سطروا عبر مسيرتهم المشرفة وبحروف من ذهب أجمل معاني التضحية والفخار، مُنافِحين بكل قوة وثبات عن قضايا الأمة، والوطن الطهور.
ما فتئ جلالته عن حملِ مشعل الانتصار في جميع الميادين التي يخوضها؛ مسطّراً بذلك المجد والخلود، رافضاً الانحناء رغم الظروف والمحن لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مدافعاً عن الأقصى الشريف، وحقوق الأشقاء الفلسطينيين ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. إننا نستمد من الملك العزم، والإصرار في السير لكل ما فيه خير الوطن، والأمة برمّتها، فهو منبع طموحنا، ومُلهم آمالنا، ومستقبلنا. فلا يخفى على المتابع للشأن وللرأي العام الأردني ما يعتمل في قلوب الأردنيين، وعيونهم من محبةٍ وفخر ينظرون بها للقائد مستشرفين به أملاً وغداً واعداً لا يساورهم شك.
لقد عاهدنا الهاشميين عهداً لا ينقضه تقادم الزمن، ولا تواتر الأجيال عن الوفاء به، فإننا معهم وبهم ماضون، نعبر سويا يداً بيد ليالي عجافاً، ورياحاً عاتيةً لنصل بالوطن الأجمل إلى بر الأمان.
إن الحضورَ المؤثر لجلالته على الساحتين الإقليمية والعالمية ما هو إلا مِصداقٌ لرسالة آل هاشم الكرام الذين نذروا أنفسهم لخدمة شعبهم ووطنهم، وأمتهم، يسخّرون ما آتاهم الله سبحانه وتعالى من حكمةٍ ونفاذ بصيرةٍ؛ لتذليل العراقيل والنهوض بالوطن مرة تلو الأخرى عبر مسيرتهم المباركة، والخالدة بإذن الله تعالى.
ليس أجملَ من استعراض النزر اليسير من مآثر الملك عبد الله الثاني المفدى، وجهوده الجبارة التي يطول الحديث عنها، فهو نبراس الوطن، وعنوان تقدمه وازدهاره؛ منارةٌ يستضاء بها في الليلة الظلماء. إنّ المراقب لتحركات الملك يرصدُ حِراكاً فاعلاً، وسعياً دؤوباً لإنجاز ما يمكن إنجازه في المجالات كافة، فنجده صلباً قابضاً على الجمر بخطىً ثابتةٍ، مؤمناً إيماناً مطلقاً بجدوى مبادراته ومشاريعه الإصلاحية الشاملة، فتارةً يسعى لتعزيز الحوار بين الحضارات، فاتحاً الباب على مصراعيه أمام تبادلٍ مثمر للأفكار، واتصالٍ ثقافي يعرّف الآخر على سماحة الدين الإسلامي وجمال الحضارة العربية وثرائها، وتارة أخرى نراه لا يتوانى قيد أُنمله عن الذودِ عن حِياض فلسطين الأبية عبر شتى أشكال الدعم، والمؤازرة.
يسطّر جلالته صور الرفعةِ، والقيادة الفذةِ في كل موقفٍ، أو أزمةٍ تلوح بالأفق، ولا يخشى في سبيل ذلك لومةَ لائم. وفي هذا السياق، لم أجد بُدّاً من الحديث عن حرب غزة التي وقعت في تشرين الأول 2023، والتي قدم جلالته خلالها كل ما يستطيع تقديمه لنصرة الأشقاء في قطاع غزة بالأقوال، والأفعال على حدّ سواء، وهو ما ترجمه الملك مسبقاً في كتابه “فرصتنا الأخيرة: السعي نحو السلام في زمن الخطر”، حيث يؤكد جلالته على ضرورة أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، محذراً من أن فرصة تحقيق السلام تتضاءلُ أمام الممارسات الإسرائيلية غير المسؤولة، ما يعرّضُ المنطقة برمّتها لمزيد من الصراعات التي لا تحمدُ عقباها.
في الختام، نؤكد على ولائنا الدائم للقيادة الهاشمية والذي ورثناه عن الآباء والأجداد، ونقف خلف جلالته بكل قوة، وعزيمة، وإرادة لتحقيق ما نصبو إليه جميعا؛ رفعة للوطن وعلوا لشأنه، فعلاقة أبناء الشعب بقائد الوطن كعلاقة الروح بالجسد لا انفصام بينهما.
كل عام وجلالة سيدنا بألف خير، سائلين المولى عز وجل أن يمدُ بعمره، وأن يسدد خطاه، وأن يديمه ذخرا للوطن والأمة، إنه سميع مجيب الدعاء.