منذ أن بدء العدوان الغاشم على الأهل في قطاع غزة، كانت الأعين والآذان تترقب موقف عمان، ولعل من راقب ليس بالدراية بمكان، أو أنه لا يقرأ التاريخ، فالموقف الأردني معروف، وهو لطالما كان عنوان الحراك الأردني في أية محطة تمر بها القضية الفلسطينية، فليس هناك بالأساس من داعٍٍ ليقول الأردن إنه مع فلسطين، فلمن لا يدري، فإن القضية الفلسطينية تُعد في العرف السياسي الأردني قضية داخلية، وليست خارجية كما لكثير من الدول، فعلى ضفتي نهر الأردن، شعب واحد لا شعبين.
ومع هذه الحقيقة الثابتة، فإن من يعرف حقيقة الأمور والتاريخ وحتمية العلاقة والمصير بين الشعبين الأردني والفلسطيني، فإنه لا يتفاجأ بموقف الأردن، من رأس الهرم الى القاعدة، فالشعب الأردني كان أول من خرج الى الشوارع ليصرخ بعالي الصوت لا سيما عندما تعرض المستشفى المعمداني في غزة لقصف خسيس بقرار من حكومة التطرف والقتل في تل أبيب، فكانت الدموع في عمان تحاكي دموع غزة وكل فلسطين، وفي ليلتها اتخذت عمان الموقف التاريخي باستدعاء السفير من دولة الاحتلال، والاعلان عن طرد سفيرهم عندما أعلنا عدم رغبتنا بعودته الى عاصمتنا الحبيبة، فكانت السياسة تقول كلمتها، والشعب يردد الهتاف الذي يناجي فلسطين وشبابها وعجائزها ونساءها وأطفالها، والأهم، مقاوميها.
من هذا المنطلق، جاءت إشادة رئيس البرلمان العربي عادل بن عبدالرحمن العسومي ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح بالجهود الكبيرة التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، في دعم القضية الفلسطينية ودعم الأشقاء في فلسطين عامة، وفي غزة بشكل خاص.
فمن جانبه، قال رئيس البرلمان العربي عادل العسومي : نثمن التحركات الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني من أجل وقف العدوان الغاشم على غزة، ودعم صمود الشعب الفلسطيني ومواصلة رعاية وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف من منطلق الوصاية الهاشمية عليها، ووصف العسومي هذا الموقف بأنه “حجر الزاوية” في دعم صمود الشعب الفلسطيني.
أما رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، فقد ثمن مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين الداعية الى وقف العدوان على قطاع غزة، وقال إننا نقدر عالياً مواقف الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني والتي ما انفكت تقدم العون والإغاثة لقطاع غزة وعموم فلسطين.
كما قلنا آنفاً، فالأردن لا ينتظر الإشادة ولا الشكر على مواقفه تجاه أهلنا في فلسطين المحتلة العزيزة لأن هذه القضية، وعبر أجيال وأجيال، لم تغِب يوما عن الضمير الشعبي، كما لم تغب يوماً من الخطاب الرسمي الأردني الذي حمل القضية منذ الملك المؤسس عبدالله الأول الذي استشهد على أبواب الأقصى المبارك في القدس الشريفة، مروراً بالملك الباني الحسين طيب الله ثراه الذي علّم الدنيا معنى الوفاء حين كان الأوفى لفلسطين، وصولاً الى الملك المعزز عبدالله الثاني الذي أعطى العالم درساً بمعنى “الأمانة”، فكانت فلسطين، وما زالت، أمانته الأغلى وهمه الأول أينما حلّ وارتحل.
من الجميل أن تسمع بعضاً من الإنصاف على ألسنة مسؤولين عرب وعالميين، لكن الأجمل أنك تعرف أن مواقف بلدك يقدرها كل العالم ويحسب لها الحساب، وأن أهل القضية، أهل فلسطين العزيزة، يشعرون أن الأخ الأردني لم يتركهم يوماً، وأنه سيبقى العمق الآمن لهم كلما اشتدت الأيام وضاقت، فحين الحديث عن فلسطين، فإنه لا صوت يعلو على صوت الأردن.