العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : عن الأميرة الهاشمية سلمى وسماء غزة

15 ديسمبر 2023
العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : عن الأميرة الهاشمية سلمى وسماء غزة
كتب العين عبدالحكيم محمود الهندي:
“الله يقويكم ويحميكم” .. هذه كانت كلمات جلالة الملكة رانيا العبدالله في نهاية تغريدة لها تحدثت فيها عن ذلك الإنزال التاريخي الذي شاركت فيه سمو الأميرة سلمى بنت عبدالله الثاني، وللمرة الخامسة، لإيصال الدواء والمستلزمات للمستشفى الميداني العسكري الأردني في شمال غزة.
العالم شاهد تلك الأميرة الشابة التي غامرت وشاركت في عملية إنزال معقدة غير آبهة بالصواريخ والنار المشتعلة في سماء غزة، حيث معاناة الأهل، إخوة الدم، الذين، ومنذ ما يزيد عن شهرين، يجابهون النيران والدمار والقتل اليومي في عدوان، بل في إبادة جماعية لم يشهد لها التاريخ من مِثل.
جلالة الملك عبدالله الثاني، وللمرة الثانية، يرسل أبناءه، فلذات كبده، وبزيهم العسكري، الى مقربة من أهل غزة، المرة الأولى كانت عندما توجه ولي عهده، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الى تخوم غزة، وعلى مقربة منها، ليشرف بنفسه على وصول المستشفى العسكري الثاني إلى غزة، وهذه المرة أرسل غاليته الأميرة سلمى، لتشارك في الإنزال الخامس، بل في “الواجب”، كما يصر الملك على تسميته، لإغاثة الأهل هناك في وقت عزت فيه المواقف “حبة الدواء”، فهل من موقف أوضح من هذا، وهل من عاقل يمكن أن يشكك، أو حتى يقلل، من موقف الأردن تجاه أهلنا المكلومين الصامدين في “غزة هاشم”.
سابقاً قلنا إن الأردن لم يعدم بعد كل الوسائل، وكل الأوراق التي يمكن أن يستخدمها لإغاثة أهلنا الصابرين المصابرين، وقلنا أيضاً إن الأردن ما زال، وسيبقى، ذاك الشريان الذي يمتد إلى كل شارع وحي وبيت في غزة، بل وفي كل فلسطين، ورغم أننا نراقب ما يجري على صعيد ميداني وسياسي بصمت، لكننا، وفي الوقت المناسب والأمثل، سنكون على كتف الأشقاء هناك، فواهم ذاك الذي يعتقد بأن الأردن ليس متواجد في كل تفاصيل المشهد فيما يخص فلسطين، فالقضية الفلسطينية، وعلى عكس كل دول العالم، هي قضية أردنية داخلية وليست بغريبة عن الأردن وأهله، وعليه فلا ندخل في مساومات على حساب فلسطين، ولا نقبل بإملاءات، ولا نقبل بحلول لا تكون في الأساس على قياس أهل فلسطين، وقياسنا، فنحن جسد واحد، ودم واحد، ومصير واحد.
طارت الأميرة الأردنية الشابة سلمى بنت عبدالله الثاني فوق غزة، وأوصلت الدواء إلى الأهل لتطبب مصاباً، وتغيث متألماً، وقبلها حط الحسين بن عبدالله الثاني على حدود غزة وأشرف على وصول المستشفى الميداني الى الأهل ليطبب جراحهم، وإذا ما كانت تلك مفاجآت سطرها الأردن، فإن في المستقبل، لربما، ما سيكون مصيرياً في كل المشهد، فالأردن، وكما هي الواقعية السياسية التي يعمل بها كما عُرٍفَ عنه منذ عشرات السنين، يعمل بصمت وبدون صخب، لكن مفاجآته تكون مدوية، وصاحبة تأثير، وهو المطلوب فقط لإغاثة الأهل في غزة وإنقاذهم من كل هذا الدمار والقتل اليومي الذي يدمي كل بيت أردني .. فلننتظر.