الإضراب العالمي وموقف  الأردن من غزة

12 ديسمبر 2023
الإضراب العالمي وموقف  الأردن من غزة

كتب ماجد القرعان

 كغيري على امتداد الوطن العربي تفاعلت مؤيداً مع الدعوة لتنفيذ اضراب عام على أمل اثارة الرأي العام العالمي للتضامن مع غزة التي تتعرض لأبشع حرب ابادة تشنها قوات الإحتلال الإسرائيلي بدعم معلن وغير محدود من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من دول الغرب والتي أودت حتى الآن  بحياة أكثر من 18 الف شهيد واصابة أكثر من 50 الف انساني غزي اغلبهم من الأطفال والنساء اضافة الى تدمير البنى التحتية من مجمعات سكنية ومستشفيات ومدارس ودور عبادة .

 منذ أن غصت منصات التواصل الإجتماعي بدعوات الإضراب سعيت أولاً لمعرفة الجهة التي أطلقت المبادرة فظهر لي خلال عمليات البحث ان أكثرها كانت صفحات وهمية ومن ثم بدأت تظهر منشورات  مؤيدة من مواطنين وهيئات ومنظمات اغلبها عربية مفترضين أن تنفيذ الإضراب في الدول التي أخذت منحى دعم دولة الإحتلال سيشل إقتصادياتها وبالتالي تصبح بمثابة ورقة ضغط على قادتها ليعودوا  إلى رشدهم بالوقوف إلى جانب الحق الذي أكدته سابقاً عشرات القرارات الدولية بأن إسرائيل دولة مغتصبة وأن للفلسطينيين كامل الحق في التحرر من براثن الإستعمار وبإنشاء دولتهم المستقلة.

ما لفت نظري يوم الإضراب الشامل أن أكثر الدول تفاعلاً مع هذه الدعوة كانت الأردن التي وضعت كافة قدراتها وإمكانياتها في خدمة القضية الفلسطينية ودعم أهل غزة منذ ساعة العدوان ويشهد العالم أجمع على مواقفها المشرفة الثابتة قيادة وحكومة وشعباً نصرة لغزة وأهلها وأمام ذلك أضع مئة علامة إستفهام أمام سؤال واحد.

 ماذا جنى أهل غزة الصامدين المرابطين من إضراب الأردن ؟

 إستوقفني في هذا الأمر رأيان الأول كان لوزير الإعلام الأردني المشهود له في موضوعيته الإستاذ مهند المبيضين والذي قال في تصريح صحفي أن التفاعل الجماهيري في الدول العربية مع الإضراب كان للتضامن مع غزة يهدف الى دفع حكوماتها لأخذ موقف أكثر حسماً في تضامنها مع القطاع مبيناً في ذات الوقت أن موقف الأردن واضح وحاسم منذ البداية ومتقدماً ويسير  في خط مواز مع الموقف الشعبي.

 وزاد لافتاً أن الأردن الذي أرسل خبزه ودواءه وكل ما يستطيع إلى غزة يعمل على حشد الموقف الدولي لدعم الأشقاء في غزة وإدخال المساعدات وساهم بشكل كبير في التأثير على الموقف الدولي بشكل إيجابي من العدوان على قطاع غزة.

والأهم أيضاً فيما قاله أن الموقف الأردني لا يحتاج للإضراب من أجل الضغط على الدولة، بل يحتاج للعمل أكثر، والتبرع من رواتبنا وأرباحنا لدعم أكثر لأهل غزة  مقترحاً على الأردنيين اعتماد يوماً للعمل لصالح إسناد الحكومة في دعم أهالي قطاع غزة بالمساعدات، بدلاً من الدعوات للإضراب، مؤكداً أن دعم القطاع يتطلب أن نكون أقوياء إقتصادياً حتى نتمكن من الإستمرار في تقديم المساعدات اللازمة.

وما قاله المبيضين في ختام تصريحه يأتي منسجماً مع تغريدة أطلقها على حسابه أكس الكاتب الإقتصادي موسى الساكت والذي كتب عشية يوم الإضراب “غدا الدوام عندي كالمعتاد وجميع إيرادات هذا اليوم إن شاء الله ل”غزة_العزة”.

الملفت هنا أن تغريدة الساكت لم تعجب البعض الذين اعتبروه مقصراً بحق أهلنا في غزة لكن إجاباته عليهم كانت موضوعية والتي اقتبس منها: “المجزرة والألم والذل والهوان أصبح لا يطاق ولكن بنفس الوقت الإضراب محلياً لن يجدي نفعا…إذا جمعنا إيرادات يوم بدل الإضراب هي ملايين وليس 100 ليرة.وما ينطبق على الغرب لا ينطبق علينا .. نساندهم بأرواحنا وبكل ما لدينا .. الإضراب مهم في الغرب للضغط على حكوماتها الداعمة للكيان المجرم ومحلياً الأمر مختلف… فكرة تجميع الإيرادات يكون دعم لأشقائنا وأهلنا من غير تعطيل الإقتصاد ومصالح الناس”

الدعوة للإضراب عبر صفحات وهمية ذكرني بما أصطلح على تسميته بالربيع العربي الذي أكل الأخضر واليابس وما زال مُطلقها  مجهولاً …فهل نتعظ.