العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : عن الجيش العربي الأردني وفلسطين .. وشيء من “السياسة”

25 نوفمبر 2023
العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : عن الجيش العربي الأردني وفلسطين .. وشيء من “السياسة”
ومن قال إن الجيش العربي الباسل، بغافلٍ عن فلسطين وعن أهلها ومقدساتها؟!
ومن قال إن الجيش العربي الأردني الباسل، قد رفع اصبعه يوماً عن الزناد وهو يسمع أنات فلسطين؟!
هو الجيش الذي كان جنوده مشاريع شهداء وهم يواجهون العدو وجهاً لوجه، وفي ذاك اليوم كانت كل أمم الدنيا وجيوشها تنهال على هذه الأمة حتى تحقق وعدها بدولة لليهود في فلسطين المحتلة، العزيزة.
وفي أيام غزة، كل أيامها، كانت عين جند الأردن ترقب الأهل، وكانت قلوبهم وعقولهم مع كل أنّةٍ لكل طفل وامرأة وشيخ.
الأردن الرسمي، كما هو الشعبي، لم يتخلَّ يوماً عن فلسطين وعن أهلها، فهي في الوجدان وفي الصميم من القلب.
عندما اختلفت المعادلات السياسية، وأراد الفلسطينيون أن يكونوا أسياد قرارهم ومصيرهم، وبعد القرار العربي الذي اتخذ في قمة الرباط العربية في العام 1974م والذي كان يصب في أن يأخذ الفلسطينيون قرارهم بأنفسهم، ورغم أن الأردن كان يحتفظ بتلك الوحدة بين الضفتين كرمز للوحدة العربية، فقد اتخذ المغفور له بإذن الله، الملك الحسين بن طلال، في 31 / 7 / 1988 القرار التاريخي بفك الارتباط مع الضفة الغربية، فجاء القرار في الوقت الذي كانت تُوجّه فيه الاتهامات للأردن بأنه يريد أن يسيطر على الضفة الغربية رغم أن قرار مجلس الأمة الأردني في 24 / 4 /1950 قد أكد على أن تلك وحدة مشروطة مقيدة ومؤقتة ولا تمس بالتسوية النهائية للقضية الفلسطينية، وهو ما ينسجم مع قرار الجامعة العربية الذي اتخذ في 12 /6 / 1950، وجاء القرار الأردني في ذلك الحين، في وقت كانت تشتعل فيه الانتفاضة في الأراضي الفلسطينية، فحاول رموزٌ متطرفون في حكومة الاحتلال أن يسوّقوا لفكرة الوطن البديل، وعملوا على اقناع العالم بذلك ليضربوا القضية الفلسطينية في عمقها أولاً، وليهددوا وجود الأردن ثانياً، فسارع الحسين رحمه الله للجم تلك الأحلام وتحويلها إلى سراب، مع الحفاظ على اتقاد القضية الفلسطينية وبقائها حية في ضمير الدنيا.
إذن، لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال إنكار هذا التاريخ، سواء العسكري منه الذي سطر أبطال الجيش العربي الأردني الباسل أحرفه من دم ونور على أرض فلسطين العزيزة، وعلى أرض القدس الشريف والأقصى المبارك، أو السياسي منه الذي كانت عمان عنوانه على مدى عشرات السنين، والآن يعيد التاريخ نفسه، فالأردن تنبه مبكّراً جداً إلى الخطر الداهم الذي يحيق بالقضية الفلسطينية برمتها، فًذًكّر مراراً وتكراراً بأن من حق الفلسطنيين، الذين قرروا خوض عملية سلام مع الاحتلال ووقعوا معه معاهدة اوسلو في 13 / 9/ 1993، أن يؤسسوا دولتهم حسب ما نصت على ذلك القرارات الأممية، وأن غير هذا الخيار سيكون مزيداً من العنف وجر المنطقة برمتها الى مصير مجهول، ولكن، وحين وقعت الواقعة بعد أن صم العالم آذانه عن كل تلك التحذيرات، اختار الأردن أن يكون الى جانب الأشقاء، فقدم كل ما يمكن له أن يقدمه لا سيما في مجال الواجب الإنساني، وبأمر مباشر من جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، وكما لبّى الجيش العربي الأردني كل نداء وأمر ملكي على مر تاريخ القضية الفلسطينية، فقد تولى الجنود البواسل المهمات الأصعب رغم الصواريخ والقصف، ونفذوا عمليتين بطوليتين بكل المعايير العسكرية، فأنزلوا للأهل الدواء، في الوقت الذي بقي فيه الجند من الكوادر الطبية على أرض غزة يقومون بواجبهم المقدس تجاه الأشقاء.
واليوم، ورغم كل التطورات السياسية تلك، وبعد أن أصبح الفلسطينيون على أرضهم وأصحاب قرارهم، ورغم أن الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني المؤسف عام 2007 على تشكيل الحكومة هو ما تسبب بالانقسام بين الإخوة، فإن الأردن بقي في ظهر الأشقاء خصوصاً عندما كانوا يتعرضون لأي عدوان، لكن عمان، وفي واقعيتها السياسية، كانت تتعامل مع العنوان الرئيس للشعب الفلسطيني والذي تشكل حماس جزءاً منه، وهو منظمة التحرير الفلسطينية التي شكلت حكومة السلطة الوطنية، والتي تمثل نواة حكومة دولة فلسطين.
وعودة على بدء، وفي خضم اشتعال الأزمة، وفي الوقت الذي يؤكد فيه قادة الاحتلال بأنهم ماضون في حربهم المستعرة والعدوانية والغاشمة ضد الأهل في قطاع غزة الصابر المصابر، رغم الهدنة المؤقتة التي تم التوصل إليها والتي تم بناءً عليها إطلاق سراح أسرى من كلا الجهتين، فإن الأردن، وفي المقدمة منه الجيش العربي الأردني الباسل، سيبقى السند والظهر والعمق الآمن لفلسطين العزيزة، نصفنا الآخر، وستبقى القدس، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني، تاج فلسطين، وستبقى المقدسات في الوجدان والرعاية الهاشمية، فالتاريخ الذي سردنا بعضاً منه هنا، يقول إن وحدة الأرض والدم بين الشعبين هي حقيقة ثابتة لا تتغير إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.