وطنا اليوم:تعمل سلطات الاحتلال الصهيوني بمختلف أذرعها على طمس العديد من المعالم الأثرية الدينية والتاريخية العربية والإسلامية في جميع المحافظات الفلسطينية، ولا يعتمد هذا الكيان في اسلوب الطمس على طريق شن الحروب فقط ولكن اذا جاءت الفرصة لابد من استغلالها.
فالاحتلال يحاول بكل الوسائل إضفاء طابع يهودي تلمودي مكانها بحثا عن الهوية والتاريخ والتراث، وهو الفاقد لكل شيء فهو شعب مشتت في كل بقاع الارض فاقد للهوية الواحدة لايملك ارثا تاريخيا أو حضاريا كباقي شعوب الارض.
مخططات قديمة ينفذها الآن في غزة لتكون الحرب «ابادة للتاريخ والبشر « في سعي محموم لاقتلاع جذور هذا الشعب بالقتل والتدمير وسرقة الأرض والتاريخ والغاء الوجود ليعيش ضمن اكاذيب واساطير وهم يبحثون عن هوية بعد سرقة الوطن.
الاحتلال في حربه على غزة استهدف العديد من الشواهد التاريخية لاسيما في وسط قطاع غزة منها الجامع العمري الكبير أهم المعالم التاريخية حيث دمر بشكل جزئي في عام 2014 لتعود اليه صواريخ الاحتلال مرة أخرى قبل أيام وتقصف مئذنته وتدمر جزءا كاملا منه فالمسجد تاريخ يتحدث عن نفسه تحاول نزعه وتحاول النيل من هذه المدينة العريقة « غزة هاشم» التي يفوق عمرها وتاريخها على تاريخ هذا الكيان بعقود طويلة.
غضب الاحتلال تركز على وسط غزة تاريخيا حيث كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس و مقر البلدية الذي يعود إلى 200 عام ومسجد «كاتب ولاية» ويعود تاريخه للقرن السابع الميلادي، و»حمام السمرة أبرز معالم الحقبة العثمانية، و»سوق القيسارية» في حي الدرج أحد أعرق أحياء المدينة وتميزه منازل يعود تاريخها لمئات السنين.
شواهد تاريخية لا يمكن طمسها تؤرق الكيان الإسرائيلي خالي الوفاض من الهوية والتاريخ والتراث.
وتشير كافة الدلائل الى ان قيادات الكيان تعمل بكل الاشكال والاساليب في استهداف التاريخ والتراث والارض والبشر الحجر والشجر فهي تسعى بشكل دائم لايجاد صلة تربط شعبها المشرذم بهذه الأرض لذلك عمدت كل حكوماتها لتنفيذ سياسات تزور وجه الارض وتلقنها بادعاءات مكذوبة وتعمل جاهدة في إخفاء الآثار التي تتعارض مع اساطيرهم الصهيونية وروايتهم المبتورة فالوطن هو «تراكم التراث والحضارة» ولا مبرر للاحتلال لقصفه وتدميره سوى «الانتقام»، والنيل من «رموز غزة الأثرية والتاريخية.
الجامع العمري هو الأكبر والاقدم أُطلق عليه هذا الاسم تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب، وقد أُسس قبل أكثر من 1400 عام، وهو ثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجدين الأقصى وأحمد باشا الجزار في عكا، ويوازيه بالمساحة جامع المحمودية في يافا. وتبلغ مساحة المسجد نحو 4100 متر مربع فيما تبلغ مساحة البناء 1800 متر مربع.
وفي ذلك يقول خبير علم الآثار ما قبل التاريخ الدكتور حنا خوري أن كتاب «اختراع الشعب اليهودي» لـ شلومو ساند ان السردية الاسرائيلية قامت حول أحقيتها التاريخية في فلسطين، قد تمت صياغتها في القرن التاسع عشر، حين جرى تجميع شظايا ذاكرة يهودية على أيدي علماء آثار وتوراتيين وضباط بريطانيين في سلاح الهندسة الملكي. وفي بداية القرن الـ20، ترأس ولسون صندوق استكشاف فلسطين، المؤسسة التي حملت على عاتقها منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر مهمة إثبات الحق اليهودي في فلسطين.
وقال خوري إن إسرائيل اليوم تسعى إلى سرقة كل شيء في غزة وتدميره من شواهد تاريخية ضاربة في عمق الأرض من أجل تغيير كل شيء هناك وعلينا ان لا ننسى ان المعركة كانت وما زالت مع المحتل الإسرائيلي بالأساس حربًا على الهوية من خلال طمس التاريخ لتعزيز روايتهم المزيفة.
وبين خوري ان معركة إسرائيل على الآثار والشواهد التاريخية مخطط لها لانها جزء من التاريخ الفلسطيني ومن الهوية والحضارة والثقافة على هذه الأرض وكل منطقة تاريخية اثرية ماهي الا دليل على الجذور الضاربة بالاعماق لهذا الشعب، مشيرا الى أن الاحتلال يريد ارضا خالية من كل شيء حتى يعيد التشكيل بما يتناسب معه.
وظن بعجرفته أن الاستيلاء على الأرض يمكنه من الاستيلاء على التاريخ، مبينا أنه لا يبحث عن ذلك فقط في غزة ولكن في كل فلسطين؛ لان هذه الحقب التاريخية تذكره دائما أنه لايمكن تزوير التاريخ ولا وجود لهم في هذه الأرض وتذكرهم أنهم شعب بلا أرض.
وقال ان الجامع العمري وكل الآثار التاريخية مر بالعديد من المراحل وهو شاهد تاريخي يكشف اكاذيبهم وأن وجودهم كذب وافتراء حيث كان معبدا وثنيا ثم كنيسة، وبعد الفتح الإسلامي حوّل إلى مسجد بالقرن السابع، ثم تم احتلاله من قبل الصليبيين والمغول وضربه زلزالان، آخرهما نهاية القرن الـ13.
ثم أعاد العثمانيون بناء المسجد بعد 300 سنة من الزلزال، كما تعرض لأضرار جراء قصف بريطاني في الحرب العالمية الأولى قبل ترميمه سنة 1925، وخلال السنوات الماضية رمم أكثر من مرة، آخرها عام 2016 بتمويل دولة قطر.
وبين أنه قبل خمسين عاما وضع الصهاينة يدهم على ثلاث مخطوطات قديمة من مكتبة المسجد العمري حيث تم سرقة مصحف من مكتبة العمري في عام وعد بلفور كتبه الشيخ أحمد شعشاعة العلمي الغزي سنة 1271 هـ (1854 م)، لكنه أعاده بعد ثلاثين عاما فاقدا بعض أوراقه وسمي «المصحف الأسير» .
وقال ان مكتبة الجامع العمري أسسها الظاهر بيبرس البندقداري قبل أكثر من سبعة قرون (676 هـ/1277 م) وتحتوي على 20 الف كتاب وهذه المكتبة تضاهي مكتبتي المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وأحمد باشا الجزار بعكا، وأقدم من المكتبة الوطنية الفرنسية ومكتبة برلين.
وأضاف ان غزة تحتوي على إرث تاريخي كبير جدا وهذه الآثار تروي تاريخ وحكاية أرض وشعب لذلك استهدافها من قبل الاحتلال لا ياتي وليد صدفة بل هو تغيير لمعالم القطاع لتقوم ببنائه من جديد ولتسرق كل شيء.
وقال حسب الدراسات هناك أكثر من 3300 موقع أثري في الضفة الغربية، وثمة عدد من الباحثين يؤكدون أنه في كل نصف كيلومتر من مساحة فلسطين يوجد موقع أثري ذو دلالة على الهوية الحقيقية لفلسطين.
ويبلغ عدد معالم غزة 145 معلما أثريا، حسب الدليل الأثري الذي أصدرته وزارة السياحة والآثار العام الماضي، موزعة على مدن مختلفة بقطاع غزة.
وبين أن دائرة الآثار والتراث الثقافي الفلسطيني اشارت الى تعرّض ما يزيد على 500 موقع أثري وأكثر من 1500 معلم أثري فرعي للسرقة والتدمير من قبل لصوص الآثار والاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب تعرض عدد من مراكز القرى التاريخية لأعمال التدمير الكلي أو الجزئي.
وقال ما دام الكيان يستخدم سياسة الأرض المحروقة فلا بد ان يمحو كل شيء لمخططه القادم مادام يخدم وجوده كما يظن