وطنا اليوم – اكد دولة رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات في مقابلة خاصة مع فضائية اليرموك، أجراها معه الزميل بسيم الصعوب، أنّ عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام في السابع من أوكتوبر كانت عملا بطوليا غير مسبوق كشفت عن عددٍ من القضايا بالغة الأهمية في المنطقة، مشددًا على أنّ تداعياتها مستمرة حتى الآن كما هو العدوان المتواصل على غزة وأهلها.
وقال عبيدات: “إنّ الفزعة الأمريكية لدولة الاحتلال كانت بمنتهى الوقاحة ولم تكن مستغربة وأرى فيها صدى مدويا للهجمة الصليبية الأولى”، مؤكدًا في الوقت ذاته على أنّ “هذه الأسلحة الفتاكة لدعم كيان الاحتلال غير مبررة سوى أنها هجمة صليبية جديدة”.
ولفت عبيدات إلى أن “طوفان الأقصى أذهلت الدول الغربية التي سارعت لإنقاذ دولة الاحتلال”.
وقال إنّ “عملية كتائب القسام التي بدأت في السابع من أوكتوبر أذهلت العدوّ وأفقدته توازنه السياسي والعسكري وأذلت كبرياء جيشه”.
ولفت إلى أنّ خارطة نتنياهو الجديدة للشرق الأوسط التي عرضها عند زيارته لأمريكا مؤخرًا تؤكد سعيهم لتنفيذ الخطة الثانية من صفقة القرن، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ “إصرار أمريكا على استمرار العدوان على غزة حتى هذه اللحظة يؤكد بدء خطة تصفية القضية الفلسطينية”.
وحذر عبيدات من أنّ “أمريكا والاحتلال بدأوا بالفعل بتطبيق المرحلة الثانية من خطة تصفية القضية عبر السعي للبدء بتهجير الفلسطينيين”، متسائلا في الوقت ذاته: ” إذا تم تحقيق يهودية الدولة وتهجير السكان من الضفة من يمنع تمددها للأردن؟”.
ووجه رسالة بالغة الخطورة لصانع القرار الأردني بالقول: “إذا تم تصفية القضية الفلسطينية فسيتم نقل الصراع بشكل تلقائي للأردن وهذا الخطر أصبح واضحا لا ريب فيه”.
وأكد على ضرورة أنه “يجب إعادة النظر في سياساتنا الخارجية فيما يتعلق بمستقبل الأردن إزاء التطورات المحتملة بعد طوفان الأقصى”.
وقال عبيدات: “أنا أعتبر جميع الاتفاقيات والمعاهدات العلنية والسرية مع الكيان الصهيوني قد انتهى مفعولها”.
ونوه إلى أنّ القفز عن “انتهاء مفعول معاهدات السلام” مع الاحتلال نوع من العبث والمراهقة السياسية، على حد وصفه.
وأشاد عبيدات بعملية طوفان الأقصى، قائلا: “قبل عملية كتائب القسام كان العالم العربي يعيش حالة من القنوط وهي أحيت الأمل بالنهوض وعودة روح الجهاد والنصر”.
وشدد رئيس الوزراء الأسبق على أنّ “حالة الغليان في العالم العربي سيكون لها ما بعدها ولن تقف عند هذا الحد”.
وأكد عبيدات على أنّ أبطال كتائب القسام يدافعون عن شرف الأمة وعمليتهم لن تمر عبثا دون نتائج وتغيير حقيقي، معبرا عن شعوره بالفخر في أنّ الجيش الذي يقهر ظهر جنوده بهذا الجبن والرعب: ” تركوا آلياتهم وأسلحتهم ولاذوا بالفرار وأتحدى أن يعلنوا أعداد الذين هربوا من المعركة فقط”، على حد تعبيره.
واستهجن أنّ أمريكا هي الطرف الوحيد الذي يشجع الكيان الصهيوني على الحرب البرية بدعم عسكري منقطع النظير.
وقال عبيدات: أنا لا أعذر مصر على مواقفا وإجراءاتها المتخذة في معبر رفح غير مبرر وهم يستطيعون الضغط على الاحتلال.
ولفت إلى أنّ “ما يجري في غزة درس يجب أن يتعلم منه الأردن ويعيد ترتيب أوراقه”.
وقال عبيدات: كنت المعارض الوحيد لاتفاقية وادي عربة عندما كنت عينًا وبناء عليه طلب مني تقديم استقالتي من مجلس الأعيان”.
وأضاف، “حزّ في نفسي (جرح مشاعري) أن بلدي الذي خدمت في كل مواقعه لم يحترم وجهة نظري رغم أنها كانت مبررة برفض معاهدة وادي عربة”.
وذكّر عبيدات بقصة حالات التسمم لمواطنين في عمّان، لأننا لم نحصل على حقوقنا في المياه باتفاقية وادي عربة بعد أن ضخوا لنا مياه “مكررة”.
ولفت إلى أنّه في حينها تواصل معه القصر وتم إعادة الاعتبار له بعد قضية المياه المسمومة التي ضخها لنا الاحتلال بإعادته عضوا في مجلس الأعيان، وعلى إثرها قابل الملك وطلب إليه طيّ صفحة القضية.
وحول تفاصيل معارضته لمعاهدة وادي عربة أشار عبيدات إلى أنّنا لم نتطرق للسيادة على القدس في الاتفاقية مع الاحتلال وبهذا تم التفريط بها منذ ذلك الوقت كجزء من فلسطين.
ولفت إلى أنّه لم يتم الحديث في الاتفاقية عن حق العودة واليوم نتحدث عنه كحق لتقرير المصير وهذا خلل جعلني أعارض المعاهدة.
وحذر عبيدات من خطورة معاهدة الماء مقابل الكهرباء لا سيما وأنها مرتبطة بمزاج الاحتلال ووصفها بـ “الاتفاقية المخزية”.
وعبر عن أسفه الشديد من أنّنا نعيش اليوم في الأردن في بيئة سياسية ووضع غير متوفرة فيه الأدوات والمؤسسات الدستورية القادرة على إلغاء المعاهدات مع الاحتلال ورفضها.
وشدد على أنّ “الإصلاح السياسي يعني توفر مؤسسات تمثل حقيقتها من حكومة وبرلمان وقضاء”.
وقال عبيدات: علينا أن لا نيأس فالأمل موجود والظروف متغيرة ومجرد الحديث عن الأمجاد والإنجازات السابقة لن يجدي أحدا نفعًا”.
وعبر عن أمله في أن تلتفت الدولة للإصلاح بشكل جديّ بالقول: “أرجو الله أن يهدي أصحاب القرار في وطني إلى الصواب قبل فوات الأوان”.
وشدد على أنّ “التغيير حتمي وقادم وأرجو أن يكون تغييراً عاقلاً وأرفض أي تغيير فوضوي”.
وقال إنّ الحراك الشعبي عفوي نتيجة ما حصل في غزة غير عادي ونتائجه كذلك لن تكون عادية.
وشدد عبيدات على أنّ “المقاومة هي ضمانة لوحدة الشعب الفلسطيني ووحدة الأمّة وانتصارها وأحلامها وطموحها وآمالها.
وقال إنّ “التراجع في القضية بدأ منذ عام 1982 بمؤتمر فاس عندما حطوا الرحال عن المقاومة المسلحة”.
وأشار إلى أنّه “عندما تضع القيادة نفسها في كفة والشعب في كفة ثانية تكون كارثة وهذا ما حصل”.
وعبر عن أسفه الشديد من مواقف السلطة الفلسطينية المخيبة للآمال، قائلا: ” لو أنّ السلطة الفلسطينية مع شعبها لكان الوضع مختلفا”.
وقال عبيدات: أعتقد أنّ بلدا مثل الأردن يجب أن تكون له علاقة مع جميع الفصائل الفلسطينية كمصلحة وطنية عليا
وأكد عبيدات على أنّ “العلاقات الأردنية مع حماس لم تنقطع أبدا والتواصل مستمر فلا يمكن للأردن أن يغفل أهمية العلاقة”.
وشدد رئيس الوزراء الأسبق على وحدة المصير ووحدة العدو بالقول: إنّ مصيرنا مع أهلنا في غزة واحد لأنّ العدوّ واحد ومن لا يعي هذه الحقيقة لا يعرف نفسه، على حد وصفه.
وأكد أنّ “تصريحات السلطة الفلسطينية باهتة وهي ليست وطنية وأصبحت متسلطة على الشعب الفلسطيني، وفقط ما يريده الشعب الفلسطيني أن تحلّ عنه”.
وقال إنّه يجب على قادة الأمة ويقع على عاتقهم واجب بدعم الصمود الفلسطيني بأرضه ومن يتأخر عن ذلك فهو متواطئ مع العدو، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ “المقاومة هي الضمانة للأنظمة العربية اليوم إذا أرادت البقاء”.
ولفت إلى أنّ “الدول التي وقفت مع العدوان مثلها وأكثر منها سيقف مع الشعب الفلسطيني ولا ننتظر من السلطة الفلسطينية شيئا”.
وشدد عبيدات على أنّ “من يفرط بذرة من تراب فلسطين التاريخية حاكما أو محكوما فهو خائن لوطن وأمته ودينه ومصيره مزبلة التاريخ”.
وأشار رئيس الوزراء الأسبق إلى أنّ “غزة تبدو وحيدة بسبب الموقف الأمريكي الظالم لكن الحقيقة رد فعل المقاومة والحاضنة الشعبية الجماهيرية التي خرجت كما رأيناها اليوم، يخرجها من حالة الوحدة للفعل المتعدي على العدوان”.
وشدد على أنّ “الحديث عن حلول للقضية الفلسطينية عفا عليها الزمن لن يكون لها سوق نهائيا بما فيها حل الدولتين.