العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : العالم يستدير مجدداً نحو عمان .. فهنا صوت الحِكمة

18 أكتوبر 2023
العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : العالم يستدير مجدداً نحو عمان .. فهنا صوت الحِكمة

عمان إذن في “عمق” القضية، وهذا لطالما كان قدرها منذ أن وُلِدت القضية الفسطينية، فكان الأردن، وما زال، جبهة فلسطين الأقوى، وعمق الشعب الفلسطيني الأكثر أماناً.
والآن، ها هي عمان، وبذات الأمانة التي لطالما حملها الهاشميون، تقوم بالدور الأكبر، فلم يألُ جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين جهداً، محلياً ودولياً، لوقف معاناة الأهل في غزة.
وعلى طول الأيام الماضية، غدت عمان محجاً للسياسيين الدوليين والعرب الذين يؤمنون تماماً أن لا حل دون الدور الأردني الثابت والواضح، وهو الدور الذي يقوده بحِكمة وبصيرة نافذة، جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، فموقف عمان واضح ولا يحتمل التأويل لأنه يقوم أساساً على ضرورة إنفاذ كل القرارات الشرعية الأممية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها “حل الدولتين” ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وفقاً لتلك القرارات التي مرت عبر المؤسسات الأممية كافة.

وكما قلنا سابقاً، فقد كان جلالة الملك أول زعيم عربي يطوف عواصم القرار العالمي ويجتمع مع زعمائها في سعي أردني جاد محمولاً بالضمير الإنساني أولاً، وبالمهمة التاريخية الملقاة على كاهل الهاشميين ثانياً تجاه فلسطين ومقدساتها وأهلها، لرفع الظلم عن الأهل، ولوقف آلة التدمير والقتل والخراب، ولحث العالم على العمل بجد لتحقيق السلام العادل والشامل.

وفي المشهد الداخلي، فقد سطر الأردن ملحمةً عز نظيرها، فتلاحم الموقفين الرسمي والشعبي، كان الرافعة الأقوى لفلسطين، فما يميز الأردن عبر التاريخ، هو أن الشعب، وعند كل المحطات والمُنعرجات التاريخية، كان يضع الوطن نصب عينينه، فقفز دائماً عن كل أسباب الخراب الذي دب في كثير من دول المنطقة، وبقي الأردن سليماً معافى، وهو ما كان يرفع من سوية العمل السياسي الذي يقوده جلالة الملك وهو مطمئن الى أنه يتكئ على جبهة داخلية متينة وصلبة.

اليوم، يراقب العالم عاصمة القرار العربية “عمان” وينظر بعينين مفتوحتين الى كل ما تقوم به الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني لإيقاف الاعتداء الاسرائيلي السافر على الأهل في غزة، وإيصال المساعدات الى الغزيين الذين ما فتئت آلة القتل تعيث بدمائهم خرابا، ولعل المجزرة الأخيرة التي وقعت تفاصيلها المؤلمة في المستشفى المعمداني، حركت وجدان الشعوب الحية وكل إنسانٍ على وجه الكرة الأرضية، وقد عبر جلالة الملك عبدالله الثاني عن حجم الغضب الذي اتقد في صدره، وفي صدر كل شعبه، إزاء هذه الجريمة البشعة التي وضعت العالم أمام ضميره وإنسانيته قبل التفكير بالمصالح وحسابات الربح والخسارة، فهي جريمة حرب بكل ما تعني الكلمة من معنى ولا بد أن تجد العدالة طريقها للنيل من كل أمر بها، ونفذها.

إننا في الأردن نفاخر العالم بجلالة الملك، وبإنسانيته التي لامست مشاعر كل العالم، فهو الزعيم العربي الذي طالما حذر من تداعيات العنف والعنف المضاد الذي يولده غياب العدالة، وهو السياسي المحنك الذي طالما قال عبر كل المنصات الأممية والدولية إن إسرائل إن أرادت ان تنعم بالسلام وتعيشه، يجب عليها أن تحقق “العدل” الذي طالما ضربت به عرض الحائط، فالعدالة تقول إن من حق الشعب الفلسطيني أن ينعم بدولته الناجزة والقادرة على الحياة، وعلى أرضه التاريخية.
العنف يولد العنف .. هي الجملة التي طالما رددها جلالة الملك عبدالله الثاني في وقت أصمّ العالم فيه أذنيه، ولم يستمع إلا لرواية إسرائيل، فكانت النتيجة دوامة الدم التي نعيش تفاصيلها الآن، والتي يدفع ثمنها شعب أعزل، ومن دماء أطفاله، وعليه، وأمام هذه الحقيقة المرة، يعود العالم مرة أخرى الى حصافة ورأي جلالة الملك ليدرك أن تحذير جلالته لم يأتِ من فراغ، فهو السياسي الخبير بالمنطقة وبتفاصيلها، ويعرف عن قرب، أوجاعها، ودواءها اللازم.

حفظ الله جلالته ذخراً وسنداً وأخاً كبيراً مقدراً للأهل في فلسطين المكلومة، وأعانه في مهمته التاريخية برفع الظلم عن أهل غزة، أطفالها وشبابها وشيوخها ونسائها، بوقف الرصاص والبارود الذي يحط على منازلهم وأطفالهم وشبابهم، وأطال الله بعمر جلالته، إنه نعم المولى ونعم النصير.