المستشار هشام العبادي
مثل كل الفرسان الذين رفعوا راية الحق، حتى إذا تعبت خيولهم استسلموا لغفوة المقاتلين، ثم ناموا وأعينهم قريرة ، يرحل دولة أبو سليمان، ويترك لنا واجب حب هذا الوطن والولاء لقيادته.
يرحل أبو سليمان، وقد حمل في سرج جواده مكرمات أهله في ماحص ووصاياهم بأن يرفعوا خيمة الدنيا بلا عمد، وان يقطعوا لها أصابعهم ولا يمدوا بها إلى أحد.
رحل ابن الجيش وابن الوطن، راضيا مرضيّا، رحل وما في قلبه سوى حب الجيش والبلاد والهاشميين، كان أكثر قربا للناس أردنيا جميلا كما لوكان فلاحا في حقول الشمال أو تلال الجنوب، لم يغتر يوما بالمنصب ولم يتعالى فيه، قامة وطنية باسقة مذ تفتحت عيناه في سهول ماحص، فأسبغ عليه التراب الطهور هناك، رفعة ووطنية وذكاء.
يرحل دولة أبو سليمان ويترك لنا جميعا كتابا خالدا ضمّنه سيرة عطرة في خدمة الدولة والجيش ، قائدا عسكريا محترفا وقائدا مدنيا استثنائي، كان في كل أحواله اردنيا طاهرا جميلا.
يرحل ابو سليمان وترك لنا إرثا طيبا جميلا من أخلاقه الحميدة وفكره الخلاّق، هو ابن الأردن بجميع تفاصيله، وهو ابن ماحص التي تودعه بالامس وتستقبل سيد البلاد الذي كان في مقدمة مشيّعيه، ونترحم على روحه ونسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه