مصادر تكشف كيف سيكون الاجتياح البري لغزة قاسياً على الاحتلال

10 أكتوبر 2023
مصادر تكشف كيف سيكون الاجتياح البري لغزة قاسياً على الاحتلال

وطنا اليوم:اكد قادة ميدانيون في المقاومة الفلسطينية ان العملية البرية التي تلوّح إسرائيل بتنفيذها في قطاع غزة، وجاء فيها أنها “تمثل السيناريو الأكثر قسوة للمقاومة والاحتلال معاً، لأنها ستحصد أرواحاً بشرية كبيرة”.
وجاء في دراسة امنية أن “المقاتلين الفلسطينيين وصلوا لمستوى من الاحتراف القتالي جعلهم لا يذهبون مباشرة لمواجهة الجنود، بل إجراء قراءة سليمة لاتجاه عمليات الاحتلال، وبالتوازي إرسال خلاياهم المسلحة للأمام”.
وحسب ما اطلع عليه فإن “نقطة قوة المقاتلين في العملية البرية تتمثل في تحويل الجنود الإسرائيليين في شوارع غزة من صيادين إلى مصطادين، من خلال التخطيط المميز والإعداد والرصد المسبق”.
و”أصبح لدى المقاتلين في صفوف المقاومة الفلسطينية تحديد نقاط الضعف في صفوف عناصر جيش الاحتلال واستغلال عنصر المفاجأة الذي يربكهم ويجعلهم يسقطون برصاص المهاجمين في معارك يثبتون فيها أن لديهم قدرات عسكرية متفوقة”، حسب المصدر نفسه.
وختمت بالقول إنه “مع اختلال موازين القوى العسكريّة لصالح الاحتلال، فإن المقاومة ستستخدم الصواريخ الموجهة المضادة للدروع بكثافة، وبقدرات نوعيّة، لأن هاجس الجنود سيكون شبكات الأنفاق التي توفّر حركة للمقاتلين وإعداد كمائن”.
وفي يومها الرابع، دخلت الحرب الإسرائيلية على غزة مرحلة خطيرة بزيادة التهديدات بتنفيذ عملية برية مع ما يبدو أنه تصميم لافت على تدفيع الفلسطينيين ثمناً باهظاً على الانتكاسة التي منيت بها إسرائيل في عملية “طوفان الأقصى”.

إهانة قاسية
قائد ميداني في المقاومة كشف أن “المقاومة تمتلك أوراق قوّة ميدانيّة، خصوصاً في حال خوض معارك على مشارف أحياء الشجاعيّة والتّفاح وخزاعة وبيت حانون الواقعة كلها شرق قطاع غزة، رغم أن التقدير بأن قوّات الجيش لن تتوغّل أعماقاً كبيرة فيها، بل ستدخل بضع مئات من الأمتار”.
وتسعى إسرائيل لعدم السماح لعملية طوفان الأقصى أن تضرب صورة الردع الإسرائيلي إلى الأبد، مع أن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة طلب الإذن من الرئيس جو بايدن بدخول غزة، لكنه يعرف أن هذا الدخول سيكون فتاكاً، وسيجني دماً كثيراً، وليس واضحاً ماذا ستكون إنجازاته.
مع العلم أن جلسات الكابينيت الإسرائيلية المتتالية أوصت في جولات القتال السابقة في غزة بين 2008-2021 بتجنب التوغّل البري، وحذرت منه، وفضل رؤساء الحكومات ووزراء الحرب وقادة هيئات أركان الجيش الامتناع عن شنّه.
ويعلم الإسرائيليون أن تنفيذ عملية برية كلفته البشرية الباهظة على الإسرائيليين، لكنهم هذه المرة أعلنوا أنهم بصدد اتخاذ هذه الخطوة، دون إعطاء مزيد من التفاصيل عن حجمها وعمقها.
كما تتحدث الأوساط الإسرائيلية أن القرار بشن الهجوم البري يسعى أولاً لتقديم إنجاز للجمهور الإسرائيلي “المصاب بإهانة قاسية”، وعدم ظهور القيادة خائفة من إدخال قوات برية لغزة، وثانياً معالجة مكامن الخطر الحدودية كالأنفاق، لأنها تقلق الجيش، وتتسبب باصطياد الجنود بين قتيل وجريح وأسير.
في المقابل، لم يتردد قادة حماس في اعتبار العملية البرية فرصة لمزيد من الإثخان في الجنود الإسرائيليين، لأن كتائب القسام أعدت نفسها لمعركة طويلة جداً، ليس لأسبوع أو عشرة أيام، بل لأسابيع طويلة جداً، مع وجود مزيد من المفاجآت.

العملية البرية.. مغامرة مكلفة
أمام الدعوات الإسرائيلية المتصاعدة لتنفيذ العملية البرية، لكن هناك من يشكك في إسرائيل بأن يغامر الجيش بإلقاء جنوده في غزة الموصوفة بـ”عش الدبابير”، لعلمه بوجود غزة أخرى تحت الأرض بسبب الأنفاق.
هذا العالم يجعل الجيش الإسرائيلي يتريث قبيل الذهاب لهذه الخطوة “الانتحارية”، غير المفضلة له، لأنها ستحصد الكثير من أرواح الفلسطينيين، والجيش سيتبع سياسة “الأرض المحروقة” قبيل تنفيذها.
في الوقت ذاته، هناك عدة كوابح إسرائيلية تعترض تنفيذ العملية البرية أهمها الخوف من مفاجآت كثيرة أعدتها كتائب القسام، ودخول الجنود لعالم مجهول لا يعرفون عنه شيئاً من القدرات والوقائع والتكتيكات التي ستواجههم، ورؤية مشاهد الدبابات المدمّرة، والآليات المحترقة، والجثث المشوهة، والجنود القتلى أو المأسورين.
أيضاً هناك عامل آخر وهو كون نتنياهو شخصية مترددة، ويعلم أن الوصفة السحرية لسقوطه السياسي أن يعود جنوده من أرض المعركة في غزة محمولين بتوابيت سوداء جثثاً مقتولة، وعدم إحاطة الجيش بطبيعة غزة الجغرافية وكثافتها السكانية، وإجادة المقاومة بغزة لقتال الشوارع، وفنون الاختفاء والتمويه، وسرعة توجيه الضربات للخصم.
اللافت في الأيام الثلاثة الماضية أن جيش الاحتلال سعى لإيجاد منطقة آمنة على مشارف غزة، خشية من منظومة الصواريخ المضادة للدبابات التي تمتلكها حماس، مع التحضّر لتقسيم العملية البرية لثلاثة أجزاء، أولها غارات جوية على أهداف في العمق الغزّاوي، كما يحصل اليوم، وثانيها بدء دخول القوات البرية لتدمير أهداف فلسطينية، وثالثها الاستعداد لدخول مزيد من مئات الأمتار.

القناصة والدروع
ويتوقع الإسرائيليون أن السيطرة على المناطق الحدودية تعني الشروع بحملة عسكرية بمشاركة قوات برية ومدرعة، وأسلحة الهندسة والجوية والبحرية، وربما التوغل في عمق غزة بهدف السيطرة عليها، واستهداف المقاتلين، والبحث عن الأنفاق، رغم أن ما ينتظر الجيش إذا حاول اقتحام غزة برياً، العديد من منظومات الأسلحة مثل صاروخ “الكورنيت”، وقذائف “آر بي جي” المضادة للدروع، ووحدات القنص.
التقدير الإسرائيلي أنه مع اقتراب الجيش من الأماكن السكنيّة ستبرز وحدات القنّاصة التابعة للقسّام، كما ستواجهه مئات العبوات والقنابل المموّهة في كلّ ممرّ وطريق، وكلّما تقدّم أكثر داخل مناطق غزّة السكنيّة، ظهرت الأفضليّة لمقاتلي حماس، لأنّهم أصحاب الأرض، ويمكنهم رصد آليّات الجيش، ولمنع تحقق ذلك نفذ الجيش في آخر يومين أحزمة نارية كثيفة على طول حدود غزة الشرقية لتنظيف المناطق الأمامية التي سيدخلها.
إن أكثر ما يخيف القوات الإسرائيلية المتوغلة هي قذائف الهاون التي ستنهمر على رؤوسهم كالمطر، مما سيدفع الجيش لاتخاذ مزيد من الوسائل لتقليل الإصابات في صفوفه على حساب المزيد من الدمار في غزة، لأن مخاوفه كثيرة، والهاجس الذي يتملكه هو عمليات القنص، والقذائف المضادة للدروع، والعبوات الناسفة، والمنازل المفخخة، وأكثر ما يخشاه وقوع جنوده في الأسر.
المعلومات الإسرائيلية المتوفرة تتحدث أن الجيش، وبعد استدعاء قرابة ثلاثمئة ألف من جنود الاحتياط، سيزجّ بها في عمليات الاجتياح والتوغلات، وتوزيعها على 7-8 كتائب متفوقة، و4 كتائب جوالة من القوات النظامية، وحدتان خاصتان من حرس الحدود، وحدات النخبة: إيغوز، دوفدفان، شلداغ، شييطت، سييرت متكال.
ويتوقع أن تمرّ عمليات التوغل والاجتياح على مشارف غزة الشرقية والشمالية والجنوبية بعدد من المراحل، أولها تركزها على المناطق القريبة من مواقع الجيش، بأعداد كبيرة من الجنود مزودين بآليات ودبابات ومساندة مروحية، تحت غطاء كثيف من إطلاق النار وقذائف المدفعية، وتفرض حظر التجول على الفلسطينيين، أو تخليهم مسبقاً.
وثانيها تمركز القناصة فوق البنايات المرتفعة، وتحويلها ثكنات عسكرية لرصد رجال المقاومة، وفتح النار باتجاه أي جسم متحرك، ونشر وحدات (المستعربين) لإعدام أي مقاوم ميدانياً، وثالثها انتهاج أسلوب نفسي يستهدف ضرب الروح المعنوية للفلسطينيين، ويتمثل بإلقاء آلاف المنشورات باللغة العربية، يدعوهم للخروج من منازلهم.
في مرحلة رابعة يداهم الجنود المنازل والمنشآت المدنية والمساجد بحثاً عن المقاتلين والسلاح، كما تنفذ عمليات تفتيش وتخريب وتكسير واسع للممتلكات، وتحقق مع من تبقى من الفلسطينيين داخل منازلهم، وتعتقل من تريد منهم، وتلحق دماراً واسعاً وأضراراً بالغة في شبكات الكهرباء والهاتف والطرق العامة والمنازل السكنية، فضلاً عن تجريف وتدمير الأراضي الزراعية، إضافة لتنفيذ عمليات اغتيال للقادة الميدانيين.

خيارات الاجتياح
يبقى القول إن هناك جملة خيارات إسرائيلية أمام العملية البرية تتراوح بين الاجتياح البري الشامل الذي يشمل معظم مدن ومناطق قطاع غزة، وهو ما يستبعد، حتى الآن على الأقل، كونه خياراً صعباً ومكلفاً للغاية، ولا تقوى الحكومة والجيش والمجتمع الإسرائيلي على احتمال ما يمكن أن يتمخض عنه من نتائج وتداعيات، لأنه سيسفر عن مقتل آلاف الجنود، وعشرات آلاف الفلسطينيين.
أما الخيار الثاني المتاح فهو التوغل البري المحدود في مناطق مختارة، وقطع الطرق الرئيسة الفاصلة بين مدن القطاع الرئيسية، ويتضمن عزل محافظات القطاع عن بعضها.الخلاصة الإسرائيلية أنه رغم كل هذه المخاوف، فمن المتوقع أن تجتاز قوات الاحتلال حدود القطاع عبر قوات المشاة والمدرعات والهندسة والمدفعية والاستخبارات، بالتعاون مع سلاحي الجو والبحر وجهات أمنية أخرى، في حين ستكون مدة الاجتياح البري، وفقاً لتقييم دائم للوضع تجريه هيئة أركان الجيش، ولذلك سيمنح الكابينيت رئيس الوزراء ووزير جيشه تحديد تاريخ تنفيذها، ومدى نطاقها، وعمقها الجغرافي، وسقفها الزمني، رغم القناعة الإسرائيلية السائدة بأنه لا يوجد ضمان بنجاحها بنسبة 100%