د. عادل يعقوب الشمايله
انظروا الى ما جاء في العهدة العمرية:
هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها.. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.
بموجبِ هذه العهدةِ حُظِرَ على اليهود السكنُ في مدينة ايلياء التي اصبح اسماء بيت المقدس او القدس. ولم يرد في العهدةِ ما يمنع سكنهم في باقي فلسطين.
كما أنهُ لم يرد في نصِ العهدةِ ما يمنع اليهود من زيارتها.
ومن الجدير بالذكر أن هناك من يشككون في وجود نص يمنع اليهود من السكن في القدس في العهدة العمرية ومن بينهم:
د. عبدالسلام بن محسن آل عيسى في دراسة نقدية للمرويات في شخصية عمر بن الخطاب وسياساته الادارية، و الدكتور شفيق جاسر رئيس قسم التاريخ بالجامعة الاسلامية في المدينة المنورة، والدكتور عبدالعزيز الدوري استاذ التاريخ في الجامعة الاردنية (راجع موقع اسلام وب). رواية منع اليهود من السكن في ايلياء اقتصرت على الطبري.
إضافة الى وجود اشارات تاريخية مؤكدةٍ على أنَّ صلاح الدين الايوبي سمح لليهود بالسكن في القدس استجابة لطلب طبيبه اليهودي موسى بن ميمون، ورغم هذا السماح فإن من عادوا كانوا بضعة الاف فقط.
مُنذُ ذلك وقت العهدة العمرية ظلَّ اليهود يسكنون في بِقاعٍ عدة من الامبراطورية الاسلامية سواءاً الاموية او العباسية او المملوكية أو العثمانية.
كما أنهم كانو يسكنون مع العرب المسلمين في الاندلس. وعندما طُردَ العربُ من الاندلس، غادرها اليهود ايضاً الى المغرب العربي خوفاً من الاضطهاد المسيحي.
كان هناك الاف من اليهود يعيشون في اسطنبول ومدن تركية اخرى وسوريا ومصر وتونس وليبيا والعراق واليمن وربما الاردن وايران وافغانستان. اولئك اليهود اختاروا أمكنةَ اقامتهم بمحض ارادتهم ولم يمنعهم احدٌ من الاستقرار في فلسطين بدلا من المغرب ومصر وسوريا .. الخ.
يستنتجُ من هذا السياق، أنهُ لو كانت فلسطين عزيزةً على قلوب اليهود مَعزَة قُدسيةٍ لفضلوا الذهاب اليها والاستقرار فيها.
وتبعاً لهذا الاستنتاج، فإن من الواضحِ أنَّ عشقَ فلسطين المحدث والطارئ من قبل اليهود هو عشقٌ اوروبيٌ وامريكيٌ. وأنَّ الغربَ هُم من زينَ فلسطين لهم بعد أن اذاقوهم سوءَ العذاب ووضعوهم امام خياراتٍ صعبةٍ.
العشقُ اليهوديُ المزورُ الطارئُ لفلسطين لم يدخل كافة قلوب اليهود اذ لا زال معظمهم يعيشونَ خارجها ويكتفون بدعمها ماديا ومعنويا كنوع من التأمين الالزامي لحجز اماكن تحسبا لظروف المستقبل واحتمال اضطرارهم للهرب اليها اذا ما انقلبت عليهم احزاب اليمين المتطرف واعداءُ الساميةِ في اوروبا وامريكا.
الصليبيون غادروا فلسطينَ مرغمين، ولكنَّ هواهم لم يغادرها جيلاً بعد جيل واذلك ظلوا يدندنون حول سريرِ رجل اوروبا المريض، وما أن وافاه الاجل في الحرب العالمية الاولى حتى ظَهَرَ لهم هوىً جديدٌ مُعَزز عندما اكتشفوا النفط في الجزيرة العربية والعراق وايران. وهكذا برزت اهميةُ فلسطين الاستراتيجية باعتباره تقع بين قناة السويس الممر المائي الاهم في ذلك الاوان غرباً وبحيرة النفط شرقاً.
لذلك، فإنهُ على العربِ العدولُ عن محاولاتهم العبثيةِ نزعَ الشعر عن ذنب الافعى، لأنهم قبل أن يكتشفوا أن لا شعر على ذنبها لينزعوه، سيبادرُ رأس الافعى الى لدغهم وافراغ سمومه القاتلة في اصابعهم وربما في عيونهم. وهاهو بايدن يُتَرجمُ هذه الحقيقة. وكذلك وسائل الاعلام الغربية التي تفتقد العدالة والحس الانساني والاهتمام بالحقائق التاريخية. لأنها منسجمة مع المخططات الاستعمارية القديمة الجديدة، التي لا يوقفها الا أن تضرب ضربة قاضية وأن تقطع ايدي السلام الملغومة التي يمدونها نحو العرب.
على العرب ان يسعوا الى نزع انياب الافاعي في واشنطن ولندن وباريس وبرلين…وربما، اقول ربما في العواصم العربية وما حولها. أو على الاقل نزعَ برابيش التغذية من اوردة العواصم الغربية وبنوكها وبورصاتها ومصانع اسلحتهم الموصولة بآبار النفط العربي وصناديق السيادةِ، وتحويلِ اموال الشعوب العربية التي نُهِبت ثم خُبأت في بنوك الدول الداعمة لاسرائيل الى بنوك الدول الصديقة للعرب او المحايدة، هذا اذا لم يكن بالامكان اعادةُ اعطائها ارقاماً وطنيةً ولو باسماء مستعارة لعل استثمارها يخففُ من نسبِ البطالة ويدعم اسعار العملات الوطنية بدلا من خلق فرص عملٍ للامريكان والاوروبيين ودعم عملاتهم.