وطنا اليوم:قال العين السابق الدكتور طلال الشرفات إن المادة 76 / أ من الدستور حظرت الجمع بين عضوية مجلسي الأعيان والنواب والوزارة في ذات الوقت؛ الا ان الدستور لا يمنع النائب المستقيل من تولي الوزارة، سيما وأن مفعول الإستقالة واثرها يسري بمجرد ايداعها لدى الأمانة العامة في مجلس النواب، بخلاف العين التي لا يسري اثرها الا بصدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة على الاستقالة او الإقالة.
وأضاف الشرفات أن القول بعدم جواز اشغال النائب المستقيل لمنصب الوزارة كي لا يكون ذلك عرضة للمساومات السياسية او لترابط النصوص؛ هو قول محل نظر يختلف معه بالمطلق، وذلك لأن المساومات السياسية هي جزء لا يتجزأ من قواعد اللعبة الديمقراطية والعمل الحزبي المنظم المرتقب، وعرضة مقبولة للتجاذبات السياسية والحوار السياسي؛ لتحقيق عوامل استقرار العمل الحكومي الذي يسعى دوماً للحفاظ على أغلبية نيابية مؤيدة للحكومة، وتلك مسألة يحددها رئيس الحكومة ويتحمل آثارها سلباً او ايجاباً.
وبين أن النظر الى وحدة النصوص الدستورية والربط بينها يكون عادة في النصوص التي تحتمل التأويل؛ في حين ان موضوع الجمع بين بين النيابة والوزارة ولو للحظة واحدة حسمها الدستور في المادة 76 /أ بالمنع، الا ان هذا المنع لا يطال النائب المستقيل قبل صدور الإرادة الملكية بالتعيين في منصب الوزارة، وأن العبرة في سريان المنع هو صدور الإرادة الملكية بالتعيين وليس القسم؛ لأن الأخير يتعلق بمباشرة العمل وليس التولي لمنصب الوزارة، وفي المقابل تنتهي النيابة وتنقطع الصلة الدستورية للنائب بالمجلس النيابي بتسجيل الإستقالة في الأمانة العامة للمجلس.
وأوضح الشرفات أنه يجوز لرئيس الوزراء التنسيب الى المقام السامي بالتعيين في منصب الوزارة بنائب عامل ولكن اذا صدرت الارادة الملكية السامية بتعيينه وزيراً ولم يكن قد استقال بعد من مجلس النواب فيسقط حكماً منصب الوزارة دون النيابة ويبقى نائباً؛ لأن السقوط في حالة المنع يكون للموقع اللاحق وليس للسابق.
وختم الدكتور الشرفات حديثه بالقول ان الأثر السياسي لتوزير النواب والمرتبط عادة بمزاج اعضاء مجلس النواب/ ومدى قبولهم بتوزير بعضهم، والتي ربما تنعكس على ثقة الأغلبية بالحكومة؛ هو أمر يقدره رئيس الوزراء، ولكن ذلك لا يتقاطع مع اي أثر دستوري الا في الحدود التي ذكرتها أعلاه
الى ذلك أجاب الوزير الأسبق والفقيه الدستوري الدكتور نوفان العجارمة على سؤال هل يجوز للنائب أن يصبح وزيراً؟، معتبرا أنه لا يجوز لسببين اثنين، أوضحهما في منشور له عبر فيسبوك قال فيه:
يطرح هذا التساؤل في ضوء التعديل الذي تم إدخاله على المادة (76) من الدستور في عام 2022، حيث نصت بعد تعديلها على أنه: لا يجوز الجمع بين عضوية كل من (مجلس الأعيان أو مجلس النواب وبين منصب الوزارة).
بتقديري لا يجوز للنائب أن يصبح وزيراً وللسببين التاليين:
الأول: إن الحكم المستحدث الواردة في المادة (76) من الدستور لا يجوز أن يقرأ بمعزل عن أحكام المادة (75) من الدستور والتي حددت شروط النائب والعين بالقول: (لا يكون عضواً في مجلسي الأعيان والنواب…)، وبالتالي يُعد الحكم الوارد في المادة (76/1/أ) حالة – الجمع ما بين النيابة والوزارة – من حالات السقوط الحكمي للعضوية وبالتالي طرد العضو من المجلس ومن يطرد يجب أن لا يُكافأ بمنصب وزاري.
فنصوص الدستور يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى، فهي ليست جزر معزولة لا صلة ولا رابط بينها، بل يجب أن يكون تفسيره متسانداً بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض، فالأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجاً متآلفاً مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيماً مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي، لذلك لا يجوز لنا أن نُفرد حكماً خاصاً للمادة (76) من الدستور وبشكل يعزلها عن باقي نصوص الدستور لاسيما المادة (75) منه.
الثاني: إن فلسفة الحكم المستحدث الوارد في المادة (76) من الدستور يهدف إلى ضمان حياد واستقلال النائب حتى يقوم بواجبه على الوجه الأكمل في الرقابة والتشريع، وبالتالي لا يتم إغراء النائب بمنحه منصباً وزارياً حتى يهادن رئيس الوزراء والتصويت له، على أمل ضمه إلى فريقه الوزاري مستقبلاً، وبالتالي فإن هذا الحكم يقطع الطريق على ما يسمى بالمساومات السياسي