وطنا اليوم:تفاقمت أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في مصر، وشهدت مناطق في العاصمة القاهرة انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من نصف اليوم الأحد، حيث بات التيار يعمل ساعة ويفصل الساعة التي تليها، فيما شهدت محافظات انقطاع التيار لساعات متواصلة.
وأعلنت الشركة القابضة لكهرباء مصر بدء تطبيق برنامج لتخفيف الأحمال في جميع شركات توزيع الكهرباء الـ9 على مستوى البلاد من منتصف ليل السبت، مع مراعاة أن يتم البدء في الفصل بمدة زمنية 10 دقائق قبل رأس الساعة و10 دقائق بعدها وألا تزيد مدة الفصل عن ساعة واحدة من وقت فصل التيار.
وناشدت الشركة القابضة لكهرباء مصر في بيان لها عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، المواطنين عدم استخدام المصاعد خلال التوقيت الذي حددته شركات توزيع الكهرباء لفصل التيار حال الحاجة إليه.
تبادل الاتهامات
وتبادل مسؤولون مصريون الاتهامات بشأن انقطاع التيار الكهربائي، ففي الوقت الذي أعلنت وزارة الكهرباء أن لديها فائضا من إنتاج الكهرباء وأن الأزمة تتعلق بتوفير الغاز اللازم لتشغيل محطات الوقود، قالت مصادر في وزارة البترول المصرية، إنها توفر ما تحتاجه وتطلبه وزارة الكهرباء.
وكان الدكتور أيمن حمزة المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أكد أنه من المتوقع انتهاء أزمة تخفيف الاحمال على الشبكة من خلال قطع التيار الكهربائي على المشتركين نتيجة نقص الوقود، منتصف الأسبوع الجاري لتعود معها الشبكة القومية للكهرباء لطبيعتها.
وأضاف، أن أزمة الانقطاعات التي تشهدها البلاد حاليا ناتجة عن نقص الوقود المستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية، كاشفا أن الشبكة القومية للكهرباء قادرة على توليد حتى 48 الف ميغا وات في حين أن استهلاك المواطنين لا يتعدى الـ 36 ألف ميجا وات.
وزير البترول المصري طارق الملا، كشف عن أن مصر تستهدف تصدير الغاز مجددا بحلول أكتوبر / تشرين الأول المقبل.
وأضاف وزير البترول، خلال تصريحات صحافية، أن معظم إنتاج مصر يستخدم محليًا في الصيف، لكن هناك كميات فائضة متاحة للتصدير خلال فصل الشتاء.
وكشفت مصادر من وزارة البترول، أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي وما يعرف بخطة تخفيف الأحمال تستهدف توفير الغاز الطبيعي لتصديره في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
حديث المصادر يتماشى مع الأرقام التي سبق وأعلنتها الحكومة المصرية، من تحقيق فائض في إنتاج الكهرباء والاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، أواخر عام 2018.
وأعلنت وزارة البترول المصرية تحقيق رقم قياسي في صادرات مصر من الغاز العام الماضي لتبلغ 8.5 مليار دولار، مقابل 3.5 مليار دولار في عام 2021، بنسبة زيادة 171 في المئة.
خطة توفير الغاز
توفير الغاز للتصدير أثار انتقادات واسعة، وقال الدكتور محمد نصر علام، وزير الري السابق: لم نسمع من قبل عن سياسات قطع مياه الشرب لترشيد استخداماتها، أو قطع الكهرباء أو الغاز ونرجو ألا يحدث ذلك، ومع خالص احترامي وتقديري لرئيس الوزراء، فان بيانه قد يصلح لإطار سياسي تلتزم به الوزارة، ولكن ليس لتبرير تقصير الدولة في توفير الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء“.
وتابع علام: “سياسات الترشيد يلزمها حملات توعية، وبرامج ترشيد سواء بحوافز اقتصادية أو برفع سعر شريحة كبار المستهلكين أو غيرها من الأدوات، وبالفعل الترشيد مطلوب في العديد من الخدمات، ولكن ليس ببيانات سياسية، قد تؤخذ علينا، ولكن بسياسات وبرامج يقوم عليها المختصون“.
إلى ذلك، قالت جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور، إن انقطاع الكهرباء ما زال مستمرا لمدد أطول رغم كل المبررات والوعود، مضيفة: “نصل كل يوم إلى مستويات جديدة من الأزمة الاقتصادية التي يتوالد منها كل يوم أزمة في قطاع جديد، وآخرها ما يحدث في انقطاع الكهرباء على مستوى كل الجمهورية، وفي عز موجة حارة غير مسبوقة لا يتحملها السكان من العاصمة إلى الصعيد ومن الدلتا إلى مطروح“.
وأضافت إسماعيل خلال تدوينة لها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “الحكومة أطلقت على الانقطاعات المتوالية للكهرباء اسم تخفيف الأحمال بدون إعلان لأسبابها، بعد الإعلان أكثر من مرة عن وصول مصر إلى الاكتفاء الذاتي من إنتاج الكهرباء والتخطيط لتصديرها إلى الخارج“.
تحركات برلمانية
وتواصلت التحركات البرلمانية الرافضة لخطة الحكومة، وأعلن النائب محمود قاسم، تقدمه بطلب إحاطة إلى مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة، للوقوف على ظاهرة الانقطاع المستمر في التيار الكهربي في الآونة الأخيرة في مصر.
وقال إن ظاهرة انقطاع الكهرباء تتطلب معرفة جميع الأسباب الحقيقية التي وراءها خاصة أن انقطاع الكهرباء يتزامن مع موجة شديدة الحرارة تتعرض لها البلاد حاليًا، مؤكداً أن أهالي وجماهير الصعيد يعانون من الانقطاع المتكرر والمفاجئ للكهرباء.
وأضاف قاسم: للأسف ظاهرة انقطاع الكهرباء مع موجهة الحر الشديدة أدت إلى اتلاف العديد من الأجهزة الكهربائية داخل العديد من المنازل، مطالباً وزارة الكهرباء والطاقة إلغاء تحصيل أي فواتير للكهرباء من المضارين من ظاهرة انقطاع الكهرباء تعويضاً لهم لما لحق بهم من خسائر مالية كبيرة.
وتقدم النائب فريدي البياضي، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي؛ بسؤال موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة حول أسباب الانقطاع المتكرر والمستمر للتيار الكهربائي في مختلف مدن ومحافظات البلاد.
وقال النائب في سؤاله إن معظم المناطق في ربوع البلاد تعاني هذه الأيام من ظاهرة الانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي على مدار اليوم؛ وتتجاوز مدة الانقطاع في بعض المرات عدة ساعات، وفي أوقات متأخرة من الليل، ما أثار شكاوى العديد من المواطنين، وأدى إلى تلف بعض الأجهزة المنزلية الكهربائية الخاصة بهم؛ ويتزامن هذا الانقطاع مع ارتفاع شديد في درجات الحرارة التي تشهدها البلاد حيث تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة في القاهرة، وتجاوزت 50 درجة في جنوب الصعيد.
أزمة المياه
وأضاف النائب أن انقطاع الكهرباء أدى إلى انقطاع المياه أيضًا في بعض المناطق بسبب توقف ضخ محطات مياه الشرب.
وتساءل البياضي: كيف يحدث هذا في نفس الوقت الذي أعلنت فيه الدولة أن لدينا فائضا في إنتاج الكهرباء يمكن تصديره؟
في المقابل، اجتاحت شكاوى المصريين من انقطاع التيار الكهربائي مواقع التواصل الاجتماعي، وسخروا من خطة الحكومة لتوفير الغاز، وتداول المواطنون “كوميكس”، يحمل صورة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومواطنا يحذره من انقطاع التيار الكهربائي، قائلا “حتى لا يحدث لك مثلما حدث لعبد الشكور أحد أصدقائي الذين لا تعرفهم”، وهي جملة شهيرة رددها الفنان سمير صبري في فيلم البحث عن فضيحة، في إشارة لأن أحد أسباب خروج المصريين في مظاهرات 30 يونيو/ حزيران 2013 ضد الرئيس الإسلامي محمد مرسي كان الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.
على مدار 8 سنوات، سوق النظام المصري تدشين محطات الكهرباء وتوفير فائض احتياطي في الإنتاج الكهربائي كأحد أهم إنجازاته في مقابل ما شهده عهد جماعة الإخوان المسلمين، ليفاجئ المصريين بأزمة ربما لا يتسبب فيها حجم إنتاج مصر من الكهرباء، لكن القطاع نفسه تأثر بالأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تشهدها البلاد.