وطنا اليوم:في الدول العربية المضطربة أمنيا، يزداد إقبال الفتيات والنساء على الرياضات القتالية لحماية أنفسهن من العنف والتحرش.
وفي العراق اجتذبت رياضة الفنون القتالية منذ سنوات قليلة عددا كبيرا ومتزايدا من النساء، وهي تساعدهن في بناء الثقة بالنفس ومنح الجسم القوة والسرعة والصلابة. وهي لا تتقيد بوزن أو عمر محدد. كما أنها تساعد في التخلص من المشاعر السلبية التي تسببها الظروف المحيطة.
واستغرق الأمر من العراقية نور داود سلمان أكثر من عامين لتقنع عائلتها وذويها بالسماح لها بتعلم رياضة الكاراتيه. فمع معارضة أهلها وكل من تعرفهم لهذا الأمر، تمسكت نور برأيها وأصرت وحاولت إقناعهم بشتى السبل إلى أن تحقق لها ما أرادت بعد نحو عامين لتصبح الآن مدربة كاراتيه وفنون قتالية في أكاديمية آصف للفنون القتالية ببغداد.
العراق سعى منذ سنوات للحد من ظاهرة التحرش التي تكثر في الأسواق وعلى مقربة من الجامعات والمدارس الثانوية
وعن ذلك قالت نور (29 عاما) “أصررت على أن أتدرب كاراتيه بالرغم من أن المجتمع كان ضد الموضوع، أهلي كانوا ضد الموضوع وكل الذين أعرفهم كانوا ضدي لأن الكاراتيه رياضة أو فن قتالي عنيف نوعا ما. لكني أصررت وبقيت مستمرة سنتين كاملتين أحاول أن أقنع أهلي، أحاول أن أقنع أمي وإخوتي والناس الذين أعرفهم بأن أنخرط في هذا الفن القتالي. وبعد سنتين أو أكثر شوية من سنتين قدرت أنضم إلى هذه الأكاديمية وصرت من ضمن البنات اللواتي يتدربن بها”.
وحول مبرراتها للتمسك برأيها حتى أقنعت أهلها وذويها بالأمر أضافت نور “تعرضت لأكثر من موقف وأني بالجامعة أو بالإعدادية أني ما قدرت أحكي، ما قدرت أجاوب، ما قدرت آخد رد فعل تجاه الشخص اللي تحرش أو اللي حكى معي. بعدما انضممت إلى الأكاديمية لاحظت فرقا كبيرا، لما تعرضت لهيك مواقف كانت صعبة بالنسبة إلي، بس اللي همني واللي خلاني أكون فخورة بنفسي وفخورة باللي نسويه هنا هو فعلا بيجيب نتيجته هو إني قدرت أجاوب، قدرت أستخدم الفنون الدفاعية اللي تعلمتها وضربت الشخص اللي تعدى على الحدود الشخصية اللي أني واضعاها”.
وترى نور أن تعلم فنون الدفاع عن النفس وسيلة للنساء ليس فقط للدفاع عن أنفسهن في المواقف الصعبة، لكن أيضا لزيادة ثقتهن في أنفسهن.
وقالت “نحن اليوم في الأكاديمية مو بس نعلم البنات والأطفال والشباب الدفاع أو الفنون القتالية وإنما ضبط النفس وتعلم كيفية التصرف خلال المواقف الصعبة، كيف تكون عندنا الشجاعة الكافية حتى نتفاعل أو نتأقلم مع أي موقف ممكن أن نمر به”.
من جانبها قالت بدور أمين اللاعبة في أكاديمية آصف والمنتخب الوطني العراقي إن “سبب إقبال البنات على الفنون القتالية بشكل عام هو الدفاع عن النفس. أني شفت الكثير من البنات السبب الأساسي لتعلمهن الفنون القتالية هو رغبتهن في الدفاع عن أنفسهن، يتحرشون بي بالشارع ماذا أفعل، كيف أدافع عن نفسي؟ الحل هو الواحد يتعلم شوي يدافع عن نفسه وسط هيكي مكان وهيكي وضع لازم يتعلم يدافع عن نفسه، خصوصا البنات”.
وتؤكد بدور ما قالته نور بخصوص الثقة في النفس، مضيفة “بالبداية كنت أخاف، كنت أرتبك أطلع بالشارع، يعني أظل قلقة، حاليا لا، أني واثقة من نفسي أعرف أنه إذا أجاني أي موقف أعرف شلون أتصرف فيه، هذا الشي غيَّر من نفسيتي، غيَّر من ثقتي، غيَّر حتى من لياقتي بجسمي أكيد”.
وقال آصف محمد صاحب أكاديمية آصف إن عدد الفتيات اللاتي يلتحقن بدروس فنون الدفاع عن النفس آخذ في الازدياد، لكن بعض الناس ما زالوا يعترضون على فكرة ممارسة النساء لهذه الرياضات.
في العراق اجتذبت رياضة الفنون القتالية منذ سنوات قليلة عددا كبيرا ومتزايدا من النساء، وهي تساعدهن في بناء الثقة بالنفس ومنح الجسم القوة والسرعة والصلابة
وأضاف “مرات المجتمع يتقبل، ومرات ما يتقبل، يعني حسب التطور والأيديولوجيات الموجودة في المجتمع. لكن بشكل عام هناك تقبل أحسن من قبل رغم أن هناك ناس رافضة، وفّرنا لهم كادرا نسويا فقط للبنات يدربون حتى نستطيع نتقبل أو نستوعب أكثر شريحة ممكنة من البنات وإحنا مستمرين، نتمنى إنو هذه الرياضة تكثر بالمجتمع خصوصا إحنا أكو (هناك) بنات يتعرضن للتحرش ولجأن للفنون القتالية حتى يقدرون يدافعون عن نفسهم، حتى يصير عندهم الثقة الكافية من يرجعون من الدوام، يروحون لدراستهم كطالبات جامعات أو طلاب إعدادية، يحتاجون البنات هذا الموضوع لأنه إحنا كمجتمع شرقي المرأة دائما تشوف نفسها ضعيفة ما تقدر تدافع عن نفسها، تحتاج من يقويها”.
ولا توجد أرقام رسمية لنسب التحرش في العراق، لكن أرقاما غير رسمية سبق أن أصدرها منتدى الإعلاميات العراقيات في العام 2022 تشير إلى أن “77 في المئة من العراقيات يتعرضن للتحرش المباشر، وأن أكثر من 90 في المئة منهن طالبن بوضع قوانين قادرة على ردع المتحرشين”.
ويسعى العراق منذ سنوات للحدّ من ظاهرة التحرّش التي تكثر في الأسواق العامة وعلى مقربة من الجامعات والمدارس الثانوية للفتيات، والتي تتسبب بمشاكل كثيرة.
وتنص المادة 400 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 المعدل على أن من ارتكب مع شخص، ذكرا أو أنثى، فعلا مخلا بالحياء بغير رضاه أو رضاها، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مئة دينار عراقي (الدولار الواحد يعادل 145 دينارا) أو بإحدى هاتين العقوبتين