بكر خازر المجالي
حفل الزفاف الميمون لسمو الامير الحسين –ولي العهد حمل رسائل عديدة نتوخاها ونقرؤها في كل تفاصيل الزفاف الذي كان مهرجانا تراثيا تشاركت فيه كل مكونات المجتمع الاردني ، فهو عرس كل بيت اردني ، ومن افضل الرسائل هو كيف يمكن الاستثمار ثقافيا في مكنونات التراث الاردني الغني والوافر .
ولكن أن نقف عند السيف الذي أهداه جلالة الملك عبدالله الثاني الى نجله ” الحسين ” وليقول جلالته هو ” سيف الحق والعدالة ” ويتبع ذلك بالقول : لقد قلت لابني ان تكون مخافة الله بين عينيه ،
فقد جمعت الهدية برمزيتها التاريخية بين التطلع لمستقبل الابن ولكن على اساس التربية الهاشمية التي نقرأ عنها في كل الرسائل الملكية منذ الملك عبالله الاول الشهيد الذي كتب لحفيده ” الحسين بن طلال ” طيب الله ثراه وهو في ساندهرست يقول : واظب على صلاتك وقد وضعت عليك من يراقبك ”
ونحن امام شريط متصل وسيناريو فيه المصداقية والشفافية وثوابت التربية الهاشمية ، باختيار جلالته للسيف مطرزا بالاية الكريمة ” ان ينصركم الله فلا غالب لكم ” وأن يكون هذا السيف مصنوعا من تراب الاردن ومن جبال عجلون التاريخ والمجد وليكون رمزا هاديا على طريق الحكم الرشيد .
ويقودنا التاريخ الى ان الارض الاردنية علاوة على انها ميدان معارك اسلامية كانت بالسيف فهي ايضا مصنعا لهذه السيوف ، وأعني السيوف المشرفية التي كانت صناعتها في الكرك في بلدة او منطقة المشيرفة حاليا وهي جزء من ميدان معركة مؤتة .
خاض خالد بن الوليد المعركة ونفذ خطة فريدة بانقاذ الجيش ، وعنه يأتي القول : «لقد دُقَ في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، وصبَرَت في يدي صفيحة لي يمانية».
وعن سيوف مؤتة ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان ان كثير عزة
قد قال شعراً يتناول سيف مؤتة مستخدما احد اسماء السيوف العديدة “صيقل ” واسما آخر هو “صارم ” :
إذا الناس ساموكَم من الامر خِطة
لها خمْطة فيها السمامُ المثملُ
ابى الله للشِّم الانوف كأنهم
صوارم يجلوها بمؤتةَ صيقلُ
ولكن حين كانت الكرك بوابة التحرير الثاني للقدس في زمن ملكها الناصر احمد بن قلاوون وكان الناصر قد اتخذ الكرك عاصمة له بدلا من القاهرة ، ولكن المماليك قاوموا الامر وارسلوا قواتا لحصار الكرك ، وتبنَى الناصر خطة دفاعية اعتمدت على المدفعية وكثافة السهام وتفوق بذلك على المهاجمين ، ومما اورده المؤرخون أن السهام كانت مشرفية تصنع في مؤتة في المشرفة “المشيرفة ” وهي مذهبة ونقل المهاجمون بعضها الى القاهرة ،وكانت نصولها من الذهب والفضة ومكتوب عليها شعرا :
ومن جودنا نرمي العداةَ بأسْهُمٍ من الذهب الإبريز صِيغت نصولُها
يداوي بها المجروحُ منها جراحَه ويشري بها الأكفانً منها قتيلُها
للسيف ثقافة من تاريخ وشجاعة وعزة ، فمن سيف مؤتة الى سيف عجلون يمتد تاريخ هذا الوطن بكبرياء ، ويكبر بقيادته الهاشمية ، وبشعبه الوفي المغوار الذي يأبى إلا أن تبقى السيوف في أغمادها جاهزة لنصرة الحق ” إن ينصركم الله فلا غالب لكم ” صدق الله العظيم