بقلم العين فاضل الحمود
هي الأيامُ تمضي وتحملُ معها أجزاء مِنّا ولا نَدري متى يكون الفراق ، هو الموتُ يا باشا أخذك ولم يستطِعْ أن يأخذَ أثَركَ وذِكركَ الطيّب الذي باتَ مثالًا للقائدِ الحقيقي والضابطِ الإستثنائي الذي تركَ بصمةً في كل مكان ، تلكَ إبتسامتُك يا باشا وتلكَ نظرتُك الجديّة لا يُدركُ الفرقَ بينهما إلا مَن أدركَ كيفيّة ترجمة المطلوب الذي لا يكون إلا مِن أجلِ الصالح العام وضرورة الجديّة في العمل المُقترن بالأداءِ المُميز .
رَحلتَ يا باشا وتركتَ وراءَك منهجًا يُدرّس في كيفيةِ القيادة الناجحة المُتسلّحة بالحزمِ والرَحمةِ والتي تَستعرضُ بينَ طيّاتهِ كيفيّة بناءِ القُدرات والتغلغُل في عالمِ الإستقصاء والتحليل والبحثِ والإصرار على السؤالِ حتى تكتملُ المعلومة ، فكانَ في صمتِك كلامٌ وفي كلامِك حكمةٌ يتعلمُ مُتمعنُها بُعدَ النظرِ وتغيّر زوايا النظرةِ السّطحيّة والتفكير خارجَ الصُندوقِ لتكتملَ عناصرُ الإبداع في العملِ الشُّرَطي .
عرفتُك يا باشا وبحكمِ السنوات التي اقتربتُ مِنك بها فَحَوى كل لقاءٍ بكَ درسٌ وكل توجيهٍ حكمةٌ فكنت الهادئَ الواثقَ الحازمَ الرحيمَ ولم تبخلْ علينا في علمِك وخبرتِك التي لم تتركْ للأخطاءِ سعةً فكان الإنجازُ لك عنوانًا واستمراريةُ التطوّر لك نهجًا وبقيتَ تخطّطُ وتحلّلُ وتقرأُ وتستقرئُ فما كان مكانٌ إلا وبه الشخصَ المناسبَ بعد أن يتمَّ تأهيلُه بالطريقةِ المُثلى باشا هي الأيامُ تَمضي وتَحملُ معها أجزاءً مِنّا ولا نَدري متى يكونُ الفراق.
إلى رحمةِ الله يا نصوح باشا …….. إلى جنةِ الخلدِ بإذن الله …….
تلميذك العين / فاضل.
أذكرُ جيدًا يا باشا العام 1981م عندما كانت أيامي الأولى في جهازِ الأمن العام وكُنت أنتَ آنذاك مديراً لادارة التدريب والتخطيط والتنظيم فكنتَ تُصرُّ على تكثيفِ العمليةِ التدريبية وفقَ المعايير الإحترافية التي سعَتْ إلى تدعيمِ قُدرات العاملين في جهازِ الأمن العام ، وأذكرك جيدًا هُنا وهُناك تُشمّرُ الزِندَ وتبذلُ الجُهدَ في التطويرِ فقُدتَ التحوّل الكبير في عددٍ من الإتجاهاتِ كان من أبرزِها إدارة البحث الجنائي التي جُمعت في إدارةٍ تخصّصيّةٍ بعدَ أن كانت اقسامًا لتنطلقَ بعدَها بإتجاه إدارة الترخيص لتُوسّعَ أقسامَها وتُطوّر أدائها وغيره الكثيرَ الكثيرَ.
أذكر وكأنه قبلَ أيامٍ وجودك معنا في مركزِ أمن الشميساني بعدَ حُدوثِ (الجرائم الكبرى ) جرائم الرّابية لتثبتَ للجميعِ بأن مديرَ الأمن العام ما هو إلا جندي يقفُ في الميدانِ إذا دَعَت الحاجةُ ولتُثبتَ للجميعِ أن بَترَ اليدِ التي تَمتدُّ إلى الوطنِ واجب ، كنتُ أنا آنذاك رئيسًا لمركزِ أمن الشميساني وبقينا بمعيّتِك نواصلُ الليلَ بالنهارِ لنجتثَّ أواصر الشرّ لتأتي بعدَها وتصدر أمرك بتأسيس إدارة حماية الأسرة بعدَ أن كانت قسمًا يتبعُ لمديريّة شُرطة العاصمة وبعدَها وبعدَها وبعدَها.
أذكرُ وأذكرُ وأذكرُ …. أذكرُ سلامَك كلامَك إصرارَك نظراتك …. أذكرُ وأذكرُ تعبَك وجِدّك وعزمَك فكُنت الفارسَ والحارسَ والقائِدَ الفَذّ الذي يندأُ جَبينُه عرقًا غيرةً على الوطن .
رحلتَ يا باشا وبَقيَ عِطرُك في المكانِ …….رحلتَ يا باشا وبَقي إسمُك سطرَ كرامةٍ في وجهِ الزّمان نَعم يا
محمد الحمود