وطنا اليوم:يتردد أحمد شاكر (62 عاما)، من الذهاب للطبيب الخاص، رغم معانته من أمراض عضلية ومشاكل في الغدد، إلا أنّه يآثر التعايش مع المعاناه وشراء الوقت، بدلا من الذهاب للطبيب.
لا يتمتع أحمد بأي مظلات التأمين الصحي، كونه يعمل بالمياومة، اذ يتحصّل يوميا على 15 دينارا لقاء عمله في إحدى المنشآت، ليتفاجأ بتصريحات نقيب الأطباء والتي يقول فيها إن الحد الأدنى لكشفيّة الطبيب الأخصائي 20 دينارا.
تتذرّع نقابة الأطباء أن لائحة أجور الأطباء لم تتغير رغم ارتفاع معدلات التضخم على مدار السنوات الماضية، فيما تناست النقابة أن معدلات أجور معظم الأردنيين لم ترتفع منذ سنوات –باستثناء الحد الأدنى للأجور-.
مقرر لجنة دافعي الفاتورة العلاجية، الدكتور عبدالفتاح الكيلاني، قال إن المفاوضات بشأن لائحة الأجور التي أعلنتها النقابة ما زالت قائمة، مشيرا إلى أنّ فكرة تفرّد النقابة بتحديد الأجور جائرة وتناقض قانونا المنافسة ومنح الاحتكار.
وأضاف الكيلاني، أن لائحة الأجور التي عرضتها النقابة لا يمكن تطبيقها إلا من خلال التوافق مع لجنة دافعي الأجور المشكّلة من مجموعة من النقابيين وجمعية حماية المستهلك.
وحذر الكيلاني من تناقص عدد القادرين على الاشتمال بالتأمين الصحي، ذلك أنه من المتوقع أن ترفع شركات التأمين من كلفة البوليصة التأمينية إذا ما أقرت لائحة الأجور الجديدة.
وأضاف مقرر لجنة دافعي الفاتورة العلاجية، أن النقابة تتحجج بارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الكلف، إلا أنّها لم تلتفت إلى أن معظم الأردنيين لم تزيد أجورهم منذ سنوات، إضافة إلى تهديد فئات عاملة بإنهاء أعمالهم بعد انتهاء العمل باوامر قانون الدفاع.
وبيّن أن نسبة التأمين الصحي المعلنة والمقدرة بـ70%، ليست حقيقة وليست شاملة لكل الأمراض.
وأشّر إلى أن المواطنين سوف يلجأون إلى تقنيين مصروفاتهم على الصحة فيما سيؤثر ذلك على مستويات الصحة العامة وجودة الحياة إذا ما ارتفعت أجور الأطباء.
وقال نقيب الأطباء الأردنيين زياد الزعبي إن إقرار لائحة الأجور الجديدة جاء بسبب مغالاة بعض الأطباء في أجورهم تجاه المواطنين.
وأضاف، أن التسعيرة الجديدة جاءت بعد شعور نقابة الأطباء بوجود تجاوزات من بعض الأطباء في قيمة أجورهم.
وأكد الزعبي ان التسعيرة الجديدة ستضبط أجور الأطباء، وتنهي حالة المغالاة والتجاوزات التي يقوم بها بعض الأطباء.
ونفى الاتهامات التي وجها اتحاد شركات التأمين، بوجود مغالاة في التسعيرة الجديدة، بقولة: “لا يوجد فيها مغالاة لأنها حددت الأسعار وضبطتها”.
وبيّنَ الزعبي أن كلفة الأطباء من الكلفة الإجمالية من التأمين الصحي لا تتجاوز الـ8 %، في حين قامت شركات التأمين برفع قيمة الاقتطاع على المؤمنين 300% منذ عام 2008.
وأكد أن نقابة الأطباء لم ترفع التسعيرة على المواطنين، مشيراً أن سعر الكشفية المتداولة بين الأطباء تتراوح بين 20 – 30 دينارا.
ولفت: “حاليا نتفاهم مع جمعية التأمينات الصحية على آلية لتطبيق التسعيرة الجديدة، بحيث تحترم المواطن والشركة والطبيب”.
وأشار إلى أن النقابة ستتخذ إجراءات ضد الشركات التي تسيء إلى الأطباء وتحاول أن تثير الرأي العام ضدهم.
بدوره قال رئيس لجنة دافعي الفاتورة العلاجية نذير الباتع إن تعديل فاتورة الأطباء سينعكس سلبا على المواطن سواء كان يملك تأمينا صحيا من عدمه كما سينعكس على فاتورة التحويلات الحكومية للقطاع الخاص.
وأضاف أنه في حال تعديل فاتورة الأطباء فإنه ذلك سيرفع قيمة الفاتورة العلاجية التي سيدفعها المواطن المؤمن وغير المؤمن.
ولفت إلى أن رفع قيمة فاتورة الأطباء سيرفع كلفة الإعفاءات الطبية من 300 مليون إلى 500 مليون، كما سيرفع قيمة الاقتطاع على التأمين للأشخاص المؤمنين.
وتابع: “من حق الطبيب تحسين دخله، لذا قمنا بعام 2010 بعقد اتفاقية ورفع لوائح الأجور بشكل سنوي يتواءم مع التضخم، لكن مجالس الاطباء لم تستفد من هذا البند”.
وحذر رئيس مجلس إدارة الاتحاد الاردني لشركات التأمين، المهندس ماجد سميرات، من ارتفاع كبير في اسعار التأمين الطبي في حال تطبيق لائحة الأجور الطبية الجديدة التي أقرتها نقابة الأطباء مؤخرا.
وبين سميرات في تصريحات صحفية، انه في حال تطبيق اللائحة، فإن إرتفاعا كبيرا سيطرأ على أسعار التأمين الطبي سواء الجماعي أو الفردي، كون أجور الأطباء والإجراءات الطبية تشكل ما نسبته 40% من كلفة الفاتورة الطبية، الأمر الذي سيؤدي إلى عزوف كثير من المؤسسات الاقتصادية الكبرى والشركات الخاصة عن توفير التأمين الطبي لموظفيها وعائلاتهم، والذي يقدم كجزء من المنافع والخدمات للعاملين فيها، لاسيما وأن كثيرا من المؤسسات الاقتصادية ما زالت تواجه تحديات كبيرة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وعدم تعافي جزء كبير منها من جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وكانت نقابة الأطباء أعلنت عن إصدار لائحة الأجور الطبية لعام 2021، قبل ان تسجل شركات وصناديق التأمين تحفظاتها عليها.
وقال سميرات ان لائحة الأجور الطبية أصدرتها النقابة بشكل منفرد دون التشاور مع كافة أطراف دافعي الفاتورة الطبية، ودون بيان الأثر المالي المترتب على كافة القطاعات المرتبطة، أو الأثر المالي على المواطن، حيث تنوي النقابة تطبيقها فور نشرها في الجريدة الرسمية.
وأوضح سميرات أنه بعد الدراسة الأولية للائحة الأجور الجديدة، تبين انها تضمنت ارتفاعاً كبيراً في الكلف والأجور المترتبة على متلقي الخدمات الطبية، سواء على المواطنين، وشركات إدارة النفقات والخدمات التأمينية الطبية، وصناديق التأمين الصحي، وأي جهة تقوم بأعمال التأمين الصحي وإدارته ذاتياً أو من خلال جهات أخرى أو شركات التأمين الصحي، حيث قامت النقابة برفع كبير لأسعار الإجراءات والكشفيات وصل بعضها إلى ما يزيد عن 300%، الأمر الذي سيرهق المواطنين وسيرتب إخلالاً كبيراً في النتائج المالية لشركات التأمين في فرع التأمين الطبي وصناديق التأمين الصحي، التي بنت أسعارها وأقساطها على العقود السارية حسب لوائح الأجور الطبية المعمول بها حالياً.
واعتبر سميرات ان ارتفاع أقساط التأمين الطبي نتيجة ارتفاع الأجور الطبية والتي يبنى عليها قسط التأمين سيشكل تحدياً أيضاً لوزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية التي سيزيد الإقبال على خدماتها نتيجة عزوف الشركات أو الأفراد عن شراء التأمين الطبي لارتفاع كلفته، وعدم قدرة المواطن على شراء التأمين الطبي الخاص، وكذلك زيادة الطلب على الإعفاءات الطبية من الحكومة والديوان الملكي العامر، الأمر الذي سيثقل كاهل الحكومة ويزيد الأعباء المالية عليها، ويحد من توجهاتها بتقليص الاعتماد على الأجهزة الحكومية لتقديم الخدمات الصحية وغيرها، كما ستشكل هذه اللائحة ضربة قوية لفرع التأمين الطبي الذي بالكاد يحقق أرباحا متواضعة، اذ من المتوقع تسجيل انخفاض كبير في أقساط هذا الفرع في السنوات القادمة، على حد تعبيره.
وقال سميرات: «إن استفراد النقابات لإصدار لوائح الأجور يتعارض بشكل جلي وواضح مع قانون المنافسة، وتحديداً الفقرة ج من المادة (20)، وكذلك هناك تضارب مصالح بين عمل الأطباء وإعطائهم الحق في تحديد أجورهم الشخصية وإلزام القطاعات الأخرى بها، حيث أن هذه المهمة يفترض أن تكون من مهام الأجهزة الحكومية التي تراعي مصالح كافة الأطراف».
وتابع: «إن استمرار هذه الصلاحيات بيد النقابات سوف يستمر معها التنازع والخلاف مع أجهزة الدولة والقطاعات الاقتصادية الأخرى ما دام أن تحديد الأسعار يتم بشكل احتكاري ومنفرد، وغير مبني على أي دراسات علمية أو اكتوارية من جهات محايدة، وكذلك لا تتم بالتشاور مع القطاعات الاقتصادية الأخرى (شركاء الخدمة)، بحيث يتم تغليب المصلحة الخاصة على العامة»، بحسب تعبيره.
وساهمت مجموعة الصحة بشكل رئيسي في ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك (التضخم) بنسبة 6.22%، لشهر نيسان الماضي.
وسط كل زخم التصريحات وحديتها وتصاعد الجدل، ينظر احمد شاكر إلى الواقع ويبدا رحلته في البحث عن طبيب الغلابى، والذي لن يكون بكفاءة الاخصائيين، لكنه بحسب تعبيره “بخفف علينا”